إعلان
إعلان

60 ألف مشجع لمتابعة مباراة نسائية

ريان الجدعاني
20 مارس 201918:06
riyan

لو كتبت هذا العنوان في الثمانينات أو التسعينات من القرن الماضي لربما تعرضت لوصف (المجنون) أو بأقل حدة (متوهم)، لأن فكرة حضور الرجال وعائلاتهم لمدرجات مباراة كرة قدم نسائية كانت مستحيلة أو غير واقعية.

إلا أن هذا الأمر تحقق في الأسبوع الماضي وكان على الأراضي الإسبانية، وتحديداً على استاد واندا متروبوليتانو، والذي استضاف مباراة فريقي أتلتيكو مدريد وبرشلونة ضمن منافسات الأسبوع 24 من الدوري الإسباني للسيدات.

فقد شهد اللقاء، الذي انتهى بفوز الضيوف فريق برشلونة بهدفين دون رد، حضور بالتحديد 60,739 ألف مشجع من كلا الجنسين، لتبدأ مسيرة كرة القدم النسائية العالمية في الدخول لمرحلة جديدة موعودة بالاستثمار والتخطيط الاستراتيجي المستقبلي والتي بلا شك ستحدث نهضة قوية لمنظومة الكرة النسائية بشكل عام، هي المنظومة التي تتعلق في مساواة الأجور والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية التي تحتاجها لاعبات كرة القدم في العالم بأسره.

صحيح أن المباراة النهائية من كأس العالم للسيدات 1999 في أمريكا، والتي جمعت بين منتخبي الصين والولايات المتحدة، شهدت حضور 90,185 ألف مشجع في مدرجات استاد "روز بول" في لوس انجليس الأمريكية.

إلا أن حضور أكثر من 60 ألف مشجع لمباراة نسائية بدوري محلي يجعلنا نتعامل مع هذا الإنجاز بشكل مختلف كلياً، وبل يجعلنا نؤمن بأن مهمة زيادة شعبية الكرة النسائية بالدوريات المحلية يمكن تحقيقها، وليس علينا الاستسلام وانتظار كأس العالم للسيدات كل أربع سنوات لكي نبحث عن الشعبية.

في عالمنا العربي، لا تزال العديد من الدول العربية لا تمتلك حتى دوريات محلية للكرة النسائية، ولا تمتلك أيضاً منتخبات وطنية للسيدات، لنكون حتى الآن في نقطة الصفر أمام حلم جمع 60 ألف مشجع لمباراة كرة نسائية.

ولكن لا يجب الشعور بالإحباط لأن مهمة جمع 60 ألف مشجع في إسبانيا لم تأتي بسهولة، فقد كانت الكرة النسائية الإسبانية في الثمانينات تعاني نفس الظروف التي تعاني منها الملاعب العربية حالياً، إلا أن النهضة النسائية بدأت في آخر 4 سنوات عندما تأهل منتخبها النسائي لأول مرة إلى كأس العالم للسيدات 2015 في كندا.

وطبعاً لم يأتي هذا التأهل إلا بعد أن تم تأسيس وتطوير دوريهم المحلي، أقصد الدوري الإسباني للسيدات، وتطوير أنديتها معنوياً ومادياً من ثلاث جهات ترتبط بين بعضها البعض لتشكل مثلث صلب غير قابل للانكسار، الاتحاد الإسباني لكرة القدم والمجتمع والأندية.

لكي يتحقق حلم 60 ألف مشجع في الملاعب النسائية العربية يجب أن نبدأ في تأسيس دوري نسائي محلي يتنافس عليه الأندية المدعومة من وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم والشركات، وقبل الدوري والأندية يجب أن يكون للمجتمع دور في بناء اللاعبة المتميزة، فاللأم والأب دور عظيم في تربية الفتاة على الصبر والقوة والتمسك بالاحلام والطموحات.

فجمع 60 ألف مشجع يحتاج أن نمتلك لاعبات ذو شخصية قيادية قادرة على تحقيق الانتصارات داخل الملعب وخارجه، ويصبحن ملهمات للمجتمع، وأيضاً ملهمات لأنديتهن ومنتخباتهن الوطنية، فالجماهير الإسبانية التي حضرت لقمة برشلونة وأتلتيكو مدريد أرادوا رؤية إبداعات المهاجمة النيجيرية أسيسات أوشوالا، والتي حصدت جائزة أفضل لاعبة بقارة أفريقيا أكثر من 4 مرات، وأيضاً رؤية المهاجمة الانجليزية توني دوغان، والتي تعتبر حالياً أفضل مهاجمة بالكرة الانجليزية النسائية.

أي أن تحقيق حلم 60 ألف مشجع لمباراة نسائية في الخليج العربي والمشرق العربي وشمال أفريقيا يبدأ بتأسيس لاعبات مبدعات ذو طموحات عالمية من البيت والمدرسة، مروراً بأندية تؤمن بالمساواة في الأجور والرعاية والتدريب، إلى اتحاد كروي قوي قادر على تطبيق خططه دون خوف من أعداء كرة القدم النسائية.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان