ملامح البطل
19 يونيو 202403:43

بعد نهاية مباريات الجولة الأولى من دور المجموعات بكأس أمم أوروبا "يورو 2024"، وظهور كل المنتخبات المشاركة، يمكن القول إن ملامح البطل ارتسمت مبكرًا، حيث لم يقنعني أي منتخب سوى المنتخب الألماني، صاحب الأرض، لم يُظهر أي فريق آخر علامات تدل على أنه جاء إلى ألمانيا من أجل التتويج.
لا أقول ذلك بسبب تحقيق الألمان أكبر فوز في البطولة حتى الآن (5-1)، فالمنتخب الأسكتلندي بدا مستسلمًا بعد تلقيه الهدف الثاني، كما أنه في أفضل حالاته لن يستطيع مجاراة أصحاب الأرض، لكن فريق الماكينات يقدم كرة جماعية بشكل مميز، ولا يعرف لغة النجم الأوحد، التي لم تؤتِ ثمارها في بعض المنتخبات حتى الآن، ما سيقوده للتفوق على الكبار، وليس فقط المنتخبات ذات النفس القصير.
وكعادته، قدم منتخب ألمانيا في المباراة الافتتاحية أداءً منضبطًا من الناحية التكتيكية، بينما لم يتراجع للتأمين الدفاعي أو حتى لتوفير الجهد بعد التقدم بثلاثية نظيفة في الشوط الأول. لست من مشجعي المنتخب الألماني، لكن عليّ الاعتراف بأني أشعر وأنا أشاهده أن بإمكانه التسجيل في أي وقت من المباراة، رغم أنه يلعب عادةً بلا مهاجم صريح في تشكيلته، ومع ذلك فالخطورة الهجومية تأتي من كل جهة.
ولا يمكن إغفال عامل الأرض والجمهور، الذي ظهر تأثيره واضحًا في المباراة الافتتاحية، وأتوقع أن يكون حاسمًا في باقي أدوار البطولة.
وما يزيد فرص الألمان أيضًا أن كل المنتخبات الكبرى بالبطولة لم تقدم الأداء المتوقع، بل إن بعضها ظهر باهتًا. صحيح أنه لا يمكن الحكم على مستوى المنتخبات من المباراة الأولى، لكنها تعطي مؤشرًا لمصير كل منها في باقي أدوار البطولة.
ورغم فوز إسبانيا بثلاثية نظيفة على كرواتيا، إلا أن الماتادور لعب على أخطاء المنافس، ثم تراجع بشكل لافت في الشوط الثاني. كذلك لم يقنع المنتخب الإيطالي أمام نظيره الألباني، وخرج بفوز صعب، لا يبشر بالخير في مجموعة الموت، خصوصًا أن لاعبي الآتزوري بدوا وكأنهم لم يدركوا أفكار لوتشيانو سباليتي الهجومية بعد.
أيضًا حقق المنتخبان الهولندي والإنجليزي العلامة الكاملة في ضربة البداية، لكن لم نشعر بشراسة أي منهما، خصوصًا فريق الأسود الثلاثة المدجج بالنجوم. وبينما سقط منتخب بلجيكا على يد نظيره السلوفاكي في مفاجأة الجولة، خرج منتخب فرنسا بانتصار غير مقنع، جاء بهدف عكسي من خطأ دفاعي.
حتى منتخب البرتغال بدأ مباراته مع التشيك بشكل ضعيف، وكاد يخسر بعد تأخره في النتيجة، لولا تقديم 20 دقيقة دفع فيها المدرب روبرتو مارتينيز بكل أوراقه، وحسمت خبرة لاعبيه كل شيء.
وبخلاف المرشحين للتتويج، لابد من الإشادة بالمنتخب التركي، الذي قدم أداءً هجوميًا مميزًا، يرشحه للذهاب بعيدًا في البطولة القارية في ثوب "الحصان الأسود".
على الصعيد التهديفي، شهدت الجولة الأولى 34 هدفًا، بمعدل 2.84 هدف في المباراة الواحدة، وكذلك هدف كل 32 دقيقة تقريبًا، وهو معدل كبير نسبيًا، لكن اللافت أنه لم يتمكن أي لاعب من تسجيل أكثر من هدف واحد، كما أنه من الصعب اختيار نجم لهذه الجولة، إذ لم يكن هناك أداء يمكن وصفه بـ"المبهر".
والأغرب من ذلك أن كل المرشحين على الورق لجائزة هدّاف البطولة فشلوا في التسجيل أصلًا، والحديث هنا عن نجوم مثل كيليان مبابي، وكريستيانو رونالدو، وهاري كين.
ورغم غزارة الأهداف، لم أشعر بمتعة حقيقية في مباريات الجولة الأولى، إلا في بعض الأوقات، كمباراة تركيا وجورجيا، والشوط الأول من مباراة إيطاليا وألبانيا، والثاني من موقعة البرتغال والتشيك. في انتظار باقي مباريات البطولة، التي لم تكشف بعد عن كل أوراقها.



