مذكرات جاري لينكر هداف مونديال 86: سوق الخضار لا تليق ب"ديز الصغير"

لم يحظ بأي سمة جسدية تؤهله ليكون هدافًا، إلا أنه برع أكثر من أي لاعب آخر في هز الشباك، مسجلا مسيرة مميزة، امتدت لـ16 عامًا، سواء مع الأندية التي دافع عن ألوانها أو منتخب بلاده.

مشوار طويل ساره جاري لينكر، نجم الكرة الإنجليزية السابق، داخل المستطيل الأخضر، سجل خلاله الكثير من الأهداف، لكن اللافت أن أهدافه لم تتوقف بالاعتزال، وظل يحرز الكثير منها من خلال عمله الجديد.

للاطلاع على الحلقة السابقة التي نشرت بعنوان (مذكرات جورج بست الهارب من جحيم بلفاست: لا تذكروني بزلاتي) اضغط هنــــا

لن أعيش في جلباب أبي

نشأ جاري لينكر في كنف والده الذي كان يبيع الخضروات في سوق ليستر، ورغم مساعدته له إلا أنه كان يبحث عن ذاته بعيدًا عن ذلك، وهو الأمر الذي كشفه والده لاحقًا في لقاء تلفزيوني..

سوق ليستر

"هذا ليس المكان المناسب لك يا جاري.. لماذا لا يهتف هؤلاء باسمك؟" فكرة تملكت جاري منذ أن كان صغيرًا، نابعة من متابعته لزوار سوق ليستر المكتظ.

وفي عمر الـ18 عامًا، انضم لينكر لفريق ليستر وتحديدًا في عام 1978، ورغم أنه لم يلفت الأنظار كونه قصير القامة، إلا أنه فرض نفسه هدافًا خطيرًا ليكون هداف فريقه 4 مواسم متتالية.

تألقه مع الثعالب لم يمنعه من الظهور في دكان والده، بائعًا للخضروات، وهو المشهد الذي تكرر أكثر من مرة في بداية مسيرته الرياضية، وعرض في إحدى حلقات البرنامج الشهير "Match of the Day".

تلك المثالية نابعة من مدى ارتباطه بوالده باري فقط، ليس اقتناعًا بالمهنة التي مارسها والده لعدة عقود، وهو ما أكده والده في فيديو بثته "BBC".

في ذلك الفيديو، قال جاري متذمرًا على عمله في دكان والده خلال عطلة عيد الميلاد: "هذا يشبه إلى حد كبير العمل الشاق وفي هذا الوقت من العام يكون الجو باردًا جدًا".

وتدخل باري مقاطعًا ابنه الذي أصبح نجمًا وهدافًا لفريقه ومنتخب بلاده: "أعتقد أنه يمكن أن يكون ناجحًا في ذلك العمل إذا كان يريد ذلك، لكنه يكره الاستيقاظ في وقت مبكر من الصباح".

المستطيل الأخضر

عكست مذكرات هداف مونديال 1986 "جاري لينيكر: خلف الأبواب المغلقة" الأرقام المذهلة التي حققها خلال مسيرته الطويلة في الملاعب، والتي دافع خلالها عن ألوان 5 فرق (ليستر سيتي، إيفرتون، برشلونة، توتنهام هوتسبير وناجويا جرامبوس الياباني)، إلى جانب تمثيله منتخب بلاده في أهم بطولة لكرة القدم، المونديال.

ودللت المذكرات على أن جاري من أفضل الهدافين في تاريخ منتخب الأسود الثلاثة، بسجله التهديفي إذ أحرز 48 هدفًا خلال 80 مباراة دولية، بينها 10 أهداف في 12 مباراة خاضها في نسختي كأس العالم 1986 و1990.

وتوج لينيكر هدافًا للمونديال الذي أقيم في المكسيك، ونال جائزة اللعب النظيف بعد 4 سنوات نظرًا لسجله الرائع، حيث خاض طوال مسيرته 568 مباراة لم يحصل فيها على بطاقة واحدة ملونة.

مواجهة الدعابة والشائعات

لم تخل مسيرة أي نجم بحجم وقيمة جاري لينكر من الكثير من الدعابات وأيضًا الشائعات التي طالما تظهر لتواجه النجاحات التي يتم تسجيها، ومنها:

مباراة الحمام

خلال مشاركة لينكر بمونديال 1990، وفي مباراة الكاميرون، أصيب النجم الإنجليزي بمغص بعد معاناته من مشكلة في الهضم، لكنه قرر الاستمرار في المباراة، وتمكن من تسجيل هدف الفوز لإنجلترا.

تلك الواقعة لم تثبت مدى مثابرته فقط، بل نفت بشكل غير مباشر القصة الشهيرة التي تتردد كثيرًا بتركه للملعب خلال مباراة له مع برشلونة ليذهب إلى الحمام قبل أن يعود ويكمل اللقاء، فضلاً عن أنه لا يوجد دليل قوي أو مصدر رسمي على صحة ذلك.

"ديز الصغير"

أفصح لينكر عن سر يكشف بداية دعابة تحولت بعد ذلك إلى حقيقة، إذ كان لقبه في منتخب إنجلترا "ديز الصغير"، في إشارة الى المعلق الإنجليزي الشهير في إذاعة "BBC" ديزموند لاينم.

لم يعرف رفاق لينكر أن تلك الدعابة ستصبح واقعًا، فهو اليوم أصبح مقدمًا للبرنامج الشهير "Match of the day" الذي يلخّص مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز كل سبت، والذي كان يقدمه الشهير ديزموند لاينم من 1988 إلى 1999.

انتقل لينكر من صانع للمشهد داخل الملعب، لمتابع وواصف ومحلل له، بعد اقتحامه مجال العمل الإعلامي بهيئة الإذاعة البريطانية BBC، منذ اعتزاله عام 1994.

ويعلق لينكر على ذلك ضاحكًا: "كريس وادل كان أول من أطلق عليّ هذا اللقب، لأنني كنت أدرك تمامًا ماذا أريد أن أفعل بعد أن أنهي مسيرتي في الملاعب. لقد حاولت أن أتعلم قدر الإمكان وحصلت على الكثير من الخبرة في مجال التعليق".

وتابع لينكر في حماس: "لم أحبذ الانتقال إلى التدريب، فهي مهنة شاقة لأن الكثير من اللاعبين الذين لعبت إلى جانبهم أصبحوا مدربين أو مدراء فنيين. ترى كم يعاني البعض منهم من توتر الأعصاب، إنها مهنة شاقة فعلاً".