
للعام الرابع على التوالي أراقب ما ستؤول إليه تجربة المدرب الإسباني بيب جوارديولا في مانشستر سيتي، الذي جلبه لأجل غاية واحدة فقط، ألا وهي الفوز بدوري الأبطال، العصيّ على الفريق.
المدربون السابقون للمان سيتي نجحوا بالفعل في التتويج بالألقاب المحلية، وأهمها البريميرليج، رغم أنهم ليسوا من الصفوة.. وهنا الحديث عن مانشيني وبيليجريني، لا سيما وأن الأخير قد فاز به في موسمه الأول.
نجاح بيليجريني في أول مواسمه جاء رغم امتلاكه لاعبين أقل جودة مما لدى جوارديولا في آخر 4 سنوات، بل زاد على ذلك بوصوله إلى نصف نهائي دوري الأبطال بهذه المجموعة الضعيفة، وهو ما لم ينجح فيه الفيلسوف رغم إنفاقه نحو 943 مليون دولار في سوق الانتقالات.. لكن النتيجة النهائية "صفر".
وكلما فشل جوارديولا في مهمته الأوروبية، خاصة وأن الخروج يصاحبه سيناريو أشبه بالمكرر.. فلسفة زائدة وإقصاءات على يد فرق لا تُضاهيه في القوة، أتذكر ذلك المؤتمر الصحفي الذي خرج فيه بتصريح لا يمكنني نسيانه.
أراد الصحفي الإشارة لبيب إلى ضعف منظومته الدفاعية في السيتي وعدم قدرة مدافعيه على النجاح في المواجهات الثانية والتدخلات، فأجاب ببرودة أعصاب "تدخلات؟ ماذا تعني كلمة تدخلات؟ أنا لست مدربًا للتدخلات!".
إجابة صادمة كشفت عن عقلية المدرب الفذ، الذي يُنعت بالفيلسوف.. مدرب لا يؤمن بأن من واجباته تحسين أداء ومستوى مدافعيه في المواجهات الثنائية ومنحهم تعليمات في التدخلات لاستخلاص الكرة من المهاجمين.
هنا أدركت أن رهاني على فشل جوارديولا أوروبيًا سيطول لسنوات، طالما لا يملك لاعبين خارقين يخنقون الخصوم حتى لا يُدركون طبيعة الثغرات الموجودة في منظومة بيب الدفاعية.
وطالما تبدد عصر الخارقين السابقين، الذين امتلكهم بيب في برشلونة، فإنه من السهل على كبار أوروبا أو حتى أنصاف الكبار، أن ينصبوا الفخاخ لكتيبة المدرب الإسباني كل عام، وكوارث موقعة ليون ليست ببعيدة.
هنا نما إلى خاطري فكرة قد تخدم أفكار جوارديولا وعقليته التي لا تعترف سوى بالهجوم حتى الموت، وهي ليست مستحدثة في عقلي فقط، بل سبق لأندية واتحادات الاستعانة بها مرات عديدة.
هذه الفكرة تتلخص في إمكانية تكرار تجربة جلب مدير فني آخر، يدير الدفة رفقة جوارديولا، ليصبح المان سيتي لديه مدربين في سُدة الحكم.
ولعل أنسب المدربين لهذه المهمة هو الأرجنتيني دييجو سيميوني، فهو رجل المنظومة الدفاعية الأول في أوروبا، وربما يتكفل هو بالتركيز على التدخلات والجوانب الدفاعية، التي كفر بها جوارديولا على الملأ، وقال بأنه ليس أهلًا لها.
حينها سيكون الفيلسوف قادرًا على التفرغ كليًا لأفكاره الهجومية الجنونية، دون أن يعبأ بالشوارع المفتوحة في الخط الخلفي والأخطاء الكارثية التي لم يشغل باله يومًا لتصحيحها، ليعمل سيميوني على تداركها.
وبهذا الحل الخزعبلي، سيملك السيتي أعظم جهاز فني في التاريخ.. مدرب الفلسفة الهجومية العبقرية، إلى جانب الرجل الدفاعي الأول في أوروبا، ومن ثم يمكنه حينها الرهان على اللقب الأوروبي بقلب مرتاح.



