EPAهنا إسبانيا في ثلاثينيات القرن العشرين، لقد أعلن الجنرال فرانكو قيامه بإنقلاب عسكري في البلاد لتنقسم الجموع ما بين مؤيد ومعارض، مدينة برشلونة في إقليم كتالونيا بالطبع كانت المعارضة، حيث أصبحت مآوي للمقاومة من كل بلاد العالم ضد حكم الجنرال الذي انتصر بالحرب في النهاية، ليتم معاقبة المدينة على هذا الموقف وفي القلب منها نادي برشلونة الذي تدمر مقره إثر قصف جوي على المدينة، واُعدم رئيس النادي "سينول" بسبب دعمه للمقاومة، وتم تغيير شعار الفريق بحذف خطين من الخطوط الأربعة على شعار النادي حتى لا يرمز إلى كتالونيا، وتم استبدال حروف "FCB" بالحروف "CFB" من أجل استخدام النسخة الإسبانية للاسم بدلًا من اللغة الكتالونية.
كرويف زعيم ثورة، جوارديولا مناضل
برشلونة كانت على موعد مع تمرد جديد لكن كروي تلك المرة حين تعاقد النادي في السبعينيات مع اللاعب المتمرد يوهان كرويف.
كرويف قاد النادي لتحقيق لقب الدوري بعد غياب 18 عام، وكأي متمرد يرفض القرارات التي يظنها ظالمة، في أحد المباريات ضد مالاجا رفض كرويف أن يخرج من الملعب بعد طرده بسبب اعتراضه على حكم الراية، ليقرر حكم المباراة استدعاء قوات الأمن لإخراجه من أرض الملعب، شخصية كرويف كانت ملائمة لطبيعة مدينة برشلونة لذلك أصبح أحد رموز النادي.
اللاعب المتمرد تحول إلى قائد ثورة برشلونة الكروية حين تولى القيادة الفنية للفريق، وقدم للعالم النسخة الهولندية من الكرة الشاملة بنكهة كتالونية خالصة "التيكي تاكا" استطاع بها تحقيق دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي وسيطر على بطولة الدوري لأربع مواسم متتالية.
ومن بعده بعدة سنوات جاء تلميذه النجيب جوارديولا بترشيح خالص من كرويف، حيث ظهر من العدم ليصبح مدربًا للفريق ويقدم سنوات عظيمة للنادي كانت بمثابة ثورة آخري، لكن ليست في برشلونة وحدها هذة المرة إنما في العالم الكروي أجمع حيث فرضت كرة "التيكي تاكا" سطوتها على الجميع، وأصبحت نموذج تحاول الفرق محاكاته.
ميسي القائد الهادئ
ميسي وبالرغم من أنه أحد أهم النماذج الكروية التي عكست الطابع الفني لكرة برشلونة التاريخية، لكنه على المستوى الشخصي لم يمتلك السمات القيادية الثورية المتعارف عنها في برشلونة، فهو شخص خجول وقليل الكلام، هكذا كان انطباع الجميع عنه حتى مدربه السابق جوارديولا، وهو الأمر الذي أكده الكاتب الأرجنتيني ليوناردو فاتشيو في كتابه عن ميسي.
وهذه الصفات ما جعلت مارادونا يهاجمه ويصفه بأنه لا يصلح كقائد لمنتخب الأرجنتين، وربما لا يختلف الحال كثيرًا عن قيادة برشلونة.
الملاك يثور على المقاومة
ميسي أحد أهم أساطير برشلونة، عاش في إقليم كتالونيا سنوات عديدة، تدرب تحت قيادة جوارديولا وربما حظى ببعض اللحظات مع يوهان كرويف، وهو ما كان يطرح تسائل دائم عن اللحظة التي يصبح فيها ميسي أحد ثوار كتالونيا، فإن كنت ستصبح قائدًا للفريق لا بد أن تكتسب هذا الطابع الثورى للإقليم والنادي عاجلًا أو أجلًا، لكن ميسي كان مخيبًا للآمال حيث يحافظ على هدوئه حتى في أحلك اللحظات.
لكن في ليلة وضحاها تغير كل شئ، لقد استيقظ العالم على خبر مفاده أن ميسي الخجول قرر أن يشعل ثورة كروية جديدة، حين ارسل خطاب للنادي يعلن فيه عدم رغبته في الإستمرار مع برشلونة، لقد أصبح ميسي هذا الملاك البرئ أخيرًا أحد ثوار كتالونيا، لكنه حين أشعل الثورة اشعلها ضد المقاومة، اشعلها وهو يرغب في الرحيل عن إقليم كتالونيا.



