إعلان
إعلان

دفاتر الكلاسيكو.. الرياح تحرم كرويف من هدف مذهل

محمد خالد
18 أكتوبر 202516:30
johannes cruijff getty

مع اقتراب قدوم موعد الكلاسيكو، ومع ذكر مصطلح "كلاسيكو" بالتحديد، وارتباطه بمباراة ريال مدريد وبرشلونة، يبدأ البعض في استرجاع ذاكرتهم عن أبرز المواقف والمشاهد في المباراة الأكثر جماهيرية على مستوى العالم، والتي ينتظرها جميع عشاق كرة القدم على وجه الأرض.

ولا يفصلنا سوى أيام قليلة عن المباراة المنتظرة في مسرح البرنابيو، عندما يستضيف ريال مدريد، غريمه التلقيدي برشلونة، يوم 26 أكتوبر/تشرين أول الجاري.

وبالتأكيد يسعى ريال مدريد إلى مصالحة جماهيره، بعد السقوط المدوي في 4 لقاءات العام الماضي على يد برشلونة، منحت الفريق الكتالوني، البطولات الثلاث الكبرى في إسبانيا.

ومع ذكر اللقطات التي لا تنسى في عالم الكلاسيكو، يبقى هدف الأسطورة يوهان كرويف، الذي تصدت له الطبيعة، على رأس قائمة اللقطات التاريخية بين قطبي إسبانيا.

هدف منعته الطبيعة

في عالم كرة القدم، تبقى بعض اللقطات، خالدة في الذاكرة، ليست كلها انتهت بأهداف عظيمة، بل بعضها كانت مجرد أهداف لم تُسجل رغم عبقريتها.

واحدة من تلك اللحظات النادرة، حدثت في "الكلاسيكو" بين برشلونة وريال مدريد، عندما أنكرَت الرياح، هدفًا كان سيُخلّد اسم يوهان كرويف بطريقة جديدة في التاريخ.

ففي منتصف السبعينيات، وفي أجواء عاصفة بمدريد، دخل الهولندي يوهان كرويف، مباراة الكلاسيكو، وهو في أوج مجده بقميص برشلونة.

الرياح كانت قوية إلى حد أن السيطرة على الكرة، بدت تحديًا بحد ذاتها، لكن بالنسبة لكرويف، العبقري الذي جعل المستحيل ممكنًا، لم يكن ذلك عائقًا.

اللحظة التي حبست الأنفاس

في إحدى اللقطات، استلم كرويف، الكرة خارج منطقة الجزاء، وراوغ بحركة فنية مذهلة، ثم أرسل كرة ساقطة تجاوزت الحارس تمامًا، متجهة نحو المرمى الفارغ.

بدا كل شيء مثاليًا، والجماهير بدأت بالاحتفال قبل أن تعانق الكرة الشباك، لكن فجأة، تدخلت الطبيعة، حيث هبت رياح قوية أعادت الكرة في الهواء بشكل لا يُصدق، لتسقط خارج المرمى وسط دهشة الجميع.

كان الهدف جاهزًا ليُسجل ضمن أجمل لحظات الكلاسيكو، لولا تلك النسمة "الخائنة" التي غيرت مصير اللقطة.

بين الأسطورة والرمزية

اللقطة تحولت إلى رمز يتجاوز كرة القدم، فبالنسبة إلى عشاق كرويف، كان الهدف المفقود، مثالًا على فلسفة "اللعب الجميل" التي جسدها الهولندي الطائر.

ورغم أن الهدف لم يُسجل فعليًا، إلا أن قصته لا تزال تُروى حتى اليوم، بوصفها دليلًا على مدى روعة أداء كرويف، في زمن لم يكن فيه التصوير أو التحليل الرقمي، قادرًا على حفظ كل التفاصيل.

إنها لقطة تُلخص مسيرة كرويف، عبقرية لا تُقاس بالأرقام فقط، بل باللحظات التي لا تُنسى، حتى وإن أنكرَتها الرياح.

تاريخ كرويف في الكلاسيكو.. من ساحر الملعب إلى مهندس الثورة الكتالونية

لا يمكن الحديث عن تاريخ الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، دون التوقف عند اسم يوهان كرويف، الرجل الذي غيّر مفهوم الصراع الكروي بين القطبين، لاعبًا ومدربًا، وترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة كرة القدم الإسبانية والعالمية.

Johannes Cruijffgetty

- كرويف اللاعب: ليلة مدريد التاريخية 1974

في 17 فبراير/شباط 1974، كتب كرويف، واحدًا من أعظم فصول الكلاسيكو في التاريخ، عندما قاد برشلونة لاكتساح ريال مدريد بنتيجة 5-0 في قلب ملعب "سانتياجو برنابيو.

وكانت تلك المباراة رمزًا لتحرر برشلونة من عقدة الماضي، وبداية حقبة جديدة من الثقة والجرأة.

وفي تلك الليلة، قدّم كرويف، درسًا في الفن الكروي: مراوغات مذهلة، تمريرات حاسمة، ورؤية ميدانية جعلت جماهير مدريد نفسها تصفق احترامًا له، ووصفته الصحافة الإسبانية وقتها بأنه "الهولندي الطائر الذي أسقط الإمبراطورية البيضاء".

- كرويف المدرب: ولادة "التيكي تاكا"

عاد كرويف إلى برشلونة سنة 1988 مدربًا، ليبدأ ثورة كروية غيرت هوية النادي إلى الأبد، تحت قيادته، لم يعد الكلاسيكو مجرد مباراة تنافسية، بل أصبح "صراع فلسفات" بين كرة ممتعة هجومية تعتمد على الاستحواذ والتمرير، وبين أسلوب أكثر واقعية لدى ريال مدريد.

وقاد كرويف "فريق الأحلام" الذي فاز بأربع بطولات دوري متتالية (1991–1994)، وحقق أول لقب في دوري أبطال أوروبا في تاريخ النادي عام 1992.

وفي الكلاسيكو، كان فريقه يهيمن بالأسلوب قبل النتيجة، مقدّمًا عروضًا فنية، جعلت العالم يشاهد برشلونة بطريقة جديدة.

كرويف والإرث الأبدي في الكلاسيكو

لم يكن تأثير كرويف لحظيًا، بل مستمرًا حتى اليوم، فأسلوب بيب جوارديولا وتشافي هيرنانديز ولويس إنريكي، امتداد لفلسفة كرويف التي زرعت جذورها في "كامب نو".

يوهان كرويف لم يكن مجرد نجم أو مدرب عظيم في تاريخ الكلاسيكو؛ بل كان رمزًا للتحول، فقد حول برشلونة من نادٍ يبحث عن هوية إلى مدرسة في كرة القدم، وجعل من الكلاسيكو معركة بين الإبداع والانضباط، بين الفن والفوز.

وربما لم تسجل الرياح، هدفه المفقود في الكلاسيكو، لكنها لم تمنع روحه من أن تهبّ في كل تمريرة وهدف يسجله برشلونة حتى اليوم.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان