Getty Imagesيدخل ريال مدريد، الكلاسيكو، غدًا الأحد، وهو يقف على حدود لحظة فارقة في مشروع تشابي ألونسو، المدرب الذي جاء إلى "سانتياجو برنابيو" محمولًا على موجة إعجاب عالمي بعد تجربته المميزة مع باير ليفركوزن الألماني.
لكنه اليوم يجد نفسه مطالبًا بتقديم الدليل الحاسم، على أن نجاحه السابق لم يكن مجرد استثناء عابر أو وليد الظروف.
فمع خسارته أمام باريس سان جيرمان في مونديال الأندية، وسقوطه أمام أتلتيكو مدريد في الديربي محليًا، وبين عقدة الكلاسيكو التي أنهكت جماهير ريال مدريد في السنوات الأخيرة، تتجه كل الأعين نحو مواجهة لا تمنح نصف أحكام، ولا تقبل أنصاف الحلول.
ورغم حالة النقد المتصاعد لتشابي ألونسو في المباريات الكبرى، فإن النظرة الدقيقة إلى الواقع الفني، لا تقود بالضرورة إلى صورة قاتمة.
فمشروع تشابي، على عكس ما يوحي به الانفعال الجماهيري، لا يزال يتحرك على أرضية صلبة فنيًا، ويقوم على أفكار قابلة للتطور، لا على ردود فعل ظرفية.
الهزيمة ضد باريس سان جيرمان بكأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الأمريكية برباعية دون رد، جاءت نتيجة تفاصيل عديدة مع فريق منقوص وصفقات لم تنضم، ومدرب لم يحظ بفترة جيدة لتطبيق أفكاره.
أما الخسارة أمام أتلتيكو مدريد بنتيجة 2-5 أثارت الشكوك في نفوس جماهير ريال مدريد تجاه ألونسو ومشروعه، خاصة وأن الروخي بلانكوس لا يعيش حتى أفضل أوقاته محليًا أو أوروبيًا ليحقق هذا الانتصار العريض.
ومع ذلك، فإن كرة القدم لا تعترف بالنوايا ولا تُقيم وزنًا للجماليات التكتيكية إذا غاب الأثر في المواعيد الكبرى، ولهذا يجد تشابي نفسه في اختبار نفسي عنوانه "كيف تقنع جمهور ريال مدريد بشخصيتك في أصعب ليالي الموسم؟".
وما يزيد من ثقل اللحظة، أن ريال مدريد يدخل إلى هذا الكلاسيكو مثقلًا بإرث 4 هزائم سابقة أمام برشلونة خلال الموسم الماضي فقط، منها نهائي السوبر ونهائي كأس الملك، وهي سلسلة لا تحتملها ذاكرة المدرج المدريدي.
البداية كانت برباعية نظيفة في سانتياجو برنابيو بالجولة 11 من الليجا، ثم خماسية ثقيلة مقابل هدفين في نهائي كأس السوبر الإسباني الذي أقيم في المملكة العربية السعودية.
وفي نهائي كأس ملك إسبانيا، حقق البارسا، اللقب، بعد الفوز بنتيجة (3-2) بعد الوصول للأشواط الإضافية، وبهدف قاتل من الفرنسي جوليس كوندي.
وآخر مواجهة كلاسيكو في ملعب لويس كومبانيس الأولمبي، حقق البارسا، الانتصار بنتيجة (4-3).
صحيح أن المدرب تشابي ألونسو لم يكن طرفًا في هذه الخسائر، لكنه ورث شعورًا متراكمًا لدى الجماهير بضرورة الرد، وأصبح مطالبًا بإغلاق هذا الجرح، ولو لم يتسبب فيه.
فهناك في مدريد، فرق واضح بين هزيمة في سبتمبر/أيلول، وأخرى في الكلاسيكو، فهذه المباراة لا تتعلق بثلاث نقاط، بل بهيبة نفسية ومكانة رمزية وجدار معنوي يُبنى عليه الموسم بأكمله.
في المقابل، يدرك المدرب تشابي ألونسو أن الكلاسيكو لا يمكن أن يتحول إلى مباراة ثأرية على مستوى الفكر، فالسقوط في هذا الفخ قد يقوده إلى التخلي عن هويته التكتيكية التي حاول ترسيخها منذ الأيام الأولى.
حيث أن طريقة اللعب، القائمة على السيطرة الهادئة، والضغط المنظم، والصبر في بناء الهجمة، تحتاج إلى برود أعصاب حتى في أكثر المباريات سخونة.
ولا شك أن زمن ريال مدريد، الذي ينتظر الخلاص من كرة عرضية عشوائية أو اجتهاد فردي في الدقيقة الأخيرة، قد انتهى مع تغير طبيعة المجموعة الحالية، وهذا أحد أسباب إيمان إدارة النادي بأن صبرها على المدرب تشابي، لن يذهب هباء، فالمشروع في جوهره يقوم على بناء منظومة، لا فريق ردود فعل.
ومع ذلك، فإن المدرب الإسباني يدرك أيضًا أن السيطرة بلا عضلات، لا تكفي في الكلاسيكو، وأن الصلابة الذهنية تسبق الصلابة التكتيكية في مباريات من هذا النوع.
وهذا بالضبط ما افتقده الفريق أمام أتلتيكو مدريد، وما تكرر بشكل مختلف أمام باريس سان جيرمان، حيث خلق ريال مدريد في المباراتين، مجموعة فرص، وحصل على مساحات مؤثرة في الملعب، لكنه افتقر إلى لحظة الحسم.
ولهذا فإن هذه المباراة تشبه بالنسبة لتشابي، مرآة كبرى، إما أن يرى فيها صورته التي تخيلها لنفسه منذ أن بدأ مشروعه، أو يرى فيها حجم العمل الذي ينتظره قبل أن يصبح ريال مدريد نسخته النهائية.
ويدخل ريال مدريد، الكلاسيكو، وسط حالة توازن داخل غرفة خلع الملابس، وهي نقطة تحسب للمدرب تشابي رغم الضغوط.
فالعلاقة المفتوحة بينه وبين نجوم الفريق، وقدرته على إقناع اللاعبين بدور كل فرد داخل المنظومة، منحته حماية داخلية يحتاجها أي مدرب.
كما يدخل الميرنجي، الكلاسيكو، وهو متصدر الليجا برصيد 24 نقطة وبفارق نقطتين عن برشلونة الوصيف.
فهل ينجح ألونسو في إثبات قدراته في أول كلاسيكو له على مقعد المدير الفني، وينهي عقدة الميرنجي في المباريات الأخيرة؟
قد يعجبك أيضاً



