
لا شك أن براعة السير أليكس فيرجسون، أحد أشهر المدربين الذين عرفتهم كرة القدم، ليست في التكتيكات فقط، أو رؤيته الموضوعية للمنافسين فحسب، بل امتدت تلك الصفة لما هو أبعد من ذلك.
تكمن نقطة قوته في تحديد نجم الفريق وقائده، وأيضًا سحب البساط وتحجيم دور أحدهم إذا شعر أنه يؤثر سلبًا على الفريق، حتى إذا كان روي كين شخصيًا، قائد مانشستر يونايتد الأسبق.
كتاب "أليكس فيرجسون.. سيرتي الذاتية"، روى فيه السير كيف تعامل مع نجومية أحد أشهر اللاعبين الذين قادوا الشياطين الحمر، روي كين، وكواليس الإطاحة به من فوق عرشه في نوفمبر/تشرين الثاني 2005.
للاطلاع على الحلقة السابقة التي نشرت بعنوان: (مذكرات إبراهيموفيتش "مرحلة الطفولة": سرقت.. وبدأت كحارس مرمى!)اضغط هنــــا
روي المتوحش
وصف المدرب الإسكتلندي في مذكراته ما كان عليه روي كين، قائلاً: "لاعب مليء بالطاقة والشجاعة، الأكثر تأثيرًا في غرفة الملابس، أزاح عني هم التأكد من وجود الحافز العالي في الفريق".
ولم يكتف بذلك، فاستطرد: "إذا ظن كين أنك لا تقدم كل ما لديك فسيواجهك فورًا، فبعد ارتكاب الأخطاء لا يجد اللاعب مكانًا ليختبئ فيه، مع كين كانت هناك لحظات مليئة بالخلاف الدرامي، دائمًا يحاول فرض إرادته على الفريق".
وروى فيرجسون ما حدث بين كين وفان نيستلروي: "دخلت غرفة الملابس ذات مرة ورأيتهما يتقاتلان، كان شجارًا قويًا، حاول الجميع إبعادهما بالقوة، ولكن على الأقل فإن فان نيستلروي كان شجاعًا ليواجهه، لأن الأكثرية لم يفعلوا ذلك، كان كين شخصًا مرعبًا ومتوحشًا، فعندما يغضب منك يهجم عليك ويطرحك أرضًا".
كابوس فيرجسون
مرحلة التحضير لموسم 2005-2006 شهدت أول أزمة بين المدرب واللاعب، رواها فيرجسون في مذكراته قائلاً: "أثناء رحلة إلى مقر التدريبات في البرتغال، ذهب كارلوس كيروش (مساعد السير وقتها) وجهز المكان بأكمله".
واستطرد فيرجسون عن ذلك: "أخذنا إلى أعظم أماكن التدريب وقتها في أوروبا، لقد استقر الجميع (الأطقم الفنية واللاعبون)، كانت الأمور تسير بشكل رائع، ولكن الكابوس الذي كنت أفكر فيه طويلاً قد بدأ، دارت المشاكل بين كين وكيروش".
"انفردت بكيروش وسألته ماذا يحدث؟" قالها فيرجسون، فأجاب المدرب المساعد: "كين يرفض كل المنازل التي عرضناها عليه، بسبب عدم وجود تكييف".
وتابع المدرب الإسكتلندي: "أحد المنازل رأيته بنفسي، كان رائعًا، ولكن كالعادة كين لم يرده أيضًا".
عزلة كين
أمضى مدرب مانشستر يونايتد (1986-2013) حديثه: "في أول ليلة نظمنا حفلة شواء في الفندق، جاء كين، وقال: (أريد أن أتحدث معك)"، وكان رد فيرجسون: "كين، سنتحدث غدًا".
ما دار في اليوم التالي أوضحه فيرجسون، قائلاً: "تحدثت مع كين بعد التدريبات، وسألته ماذا يحدث؟ وقتها بدأ روي بالتذمر وذكر قائمة طويلة من الشكاوى، ثم بدأ بالحديث عن كيروش، وسبب التحضير في البرتغال".
"وقتها بدأ التوتر"، قالها فيرجسون قبل أن يتابع: "أصبح كين منعزلاً طوال مرحلة التحضير، لقد خيب ظني تمامًا، وفي إحدى مرات الجدال بيننا بعد نهاية الجولة، قال لي: (فيرجسون، أنت تغيرت)، وقتها واجهته: بالطبع تغيرت، اليوم ليس أمس، نحن في عالم مختلف الآن، لدينا لاعبين من أكثر من 20 دولة مختلفة".
فقدان السيطرة
رغم استمرار المشاكل حاول فيرجسون التمسك باللاعب، بحسب مذكراته، حتى جاءت حلقة كين على قناة MUTV، والتي قال عنها المدرب: "لقد انتقد الجميع، لم يفلت أحدا من لسانه، فوصف كيران ريتشاردسون بالكسول، وشكك في القوة العقلية لدارين فليتشر".
وتابع فيرجسون: "لم يتوقف كين عند ذلك الحد، بل أيضًا هاجم ريو فيردناند، حيث قال عنه: "فقط لأنك تتلقى 120 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا، ولعبت 20 دقيقة جيدة أمام توتنهام تعتقد أنك نجم".
وأمضى: "جاء كين وقال: (ما فعلته في تلك المقابلة كان مجرد مزاح، واقترح أن نشاهد الفيديو من جديد أمام الجميع ليتأكد الكل أنها مزحة)".
وأردف "لقد شاهدنا المقطع، وسأل روي الجميع إذ كان لديهم أي تعليق، فانفجر فان دير سار قائلاً: (لا يحق لك انتقاد الجميع). فبدأ روي بالهجوم عليه وعلى الكل".
مشاجرة الرحيل
لم يتوقف كين عند حد الهجوم على زملائه، بل طال فيرجسون أيضًا، حيث قال: "لقد أدخلت حياتك الشخصية في النادي بخلافك مع جون مانيير (المالك لأغلب أسهم النادي وقتها)".
هنا غضب فيرجسون بشدة، وروى: "بدأ اللاعبون بمغادرة الغرفة، واستمر الجدال بيني وبينه طويلاً، لسانه كان أقوى أسلحته، كان أكثر الأشخاص ثقة في العالم يسقط في ثوان قليلة أمام لسانه".
وأتم فيرجسون هذا الجزء من مذكراته قائلاً: "كان مشهدًا لن أنساه أبدًا، لقد تركني كين بعدها ورحل، ووقتها لاحظ كيروش غضبي الشديد، وعلق بأنه أسوأ شيء شهده في مسيرته معي، بل في مسيرته كلها، فرددت على مساعدي: روي يجب أن يرحل، تخلص منه يا كيروش".



