
حفل المؤتمر الصحفي الذي عقدته إدارة باريس سان جيرمان، برئاسة ناصر الخليفي، لتقديم المدرب الإسباني القدير لويس إنريكي، بعدة رسائل تستحق التوقف والتأمل، خاصة مع تأكيد الرئيس والمدرب، على أن النادي سيشهد مرحلة جديدة.
ربما لن يتوقف الأمر داخل النادي الباريسي عند مجرد مرحلة جديدة من التخطيط، فما يبدو أنه قيد التحضير في محيط حديقة الأمراء، هو مشروع جديد، يختلف في جوهره ومضمونه كليًا عما سبقه، فالإستراتيجية الرئيسية الآن تتبدل من البناء حول لاعب أو أكثر، إلى البناء حول المدرب.
فمنذ صيف 2017، بدأ سان جيرمان مشروعا جديدا يستهدف حصول الفريق على لقب دوري أبطال أوروبا، وتم بناء هذا المشروع الرياضي حول لاعب واحد هو نيمار جونيور، الذي كلف وقتها خزينة الباريسيين 222 مليون يورو، قيمة الشرط الجزائي في عقده مع برشلونة.
ورغم أن النادي انتدب في نفس الفترة النجم كيليان مبابي من موناكو، وكان يبلغ من العمر وقتها 18 عامًا فقط، لكنه لم يسحب البساط من تحت أقدام نيمار ويتحول إلى القطعة الأساسية في مشروع النادي، إلا بعدها بموسم أو موسمين، ويمكن القول أنه منذ 2019 أصبح البناء يتم حول مبابي وليس نيمار.
البناء الثالث بالتأكيد بدأ في 2021، حينما تعاقد باريس مع الأيقونة الأرجنتينية ليونيل ميسي، لكنه لم يكن تخطيطا كليًا للاعتماد على البرغوث، لأن نجم مبابي كان يلمع أكثر وأكثر، فيما يخفت وهج نيمار شيئا فشيء، وربما نستطيع القول إن المشروع الثالث كان يعتمد على ميسي ومبابي، ثم بدرجة أقل على نيمار.
وما ترك انطباعا بأن النادي ينتهج إستراتيجية الاعتماد على مشروع اللاعب، اختيار الإدارة لمدربين لا يمكن تصنيفهم ضمن الفئة الأولى في أوروبا، خاصة في السنة الأخيرة حينما وقع الاختيار على كريستوف جالتيه، وكان اختيارًا مفاجئًا وغريبًا.
ولكن يبدو أن إدارة باريس، وصلت الآن إلى قناعة نهائية بأن المدرب يجب أن يكون حجر الأساس في بناء المشروع الرياضي، بعدما شاهدت نجاحات بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي، وتحقيقه للقب دوري الأبطال بعد محاولتين وصل فيهما إلى النهائي، كذلك في ليفربول خطفت تجربة يورجن كلوب الأنظار في أوروبا، وأستطاع المدرب الألماني رفع الكأس ذات الأذنين، واقترب من تكرار الإنجاز أكثر من مرة.
وربما كان ما حدث في تشيلسي، ونجاح توماس توخيل في تحقيق اللقب الأوروبي بعد موسم واحد من تأهله مع سان جيرمان إلى المباراة النهائية والخسارة أمام بايرن ميونخ، بمثابة إنذار لإدارة الخليفي، بإنه يقود مشاريعه في الاتجاه الخاطئ.
ولكن، لماذا نجزم الآن بأن توجهات النادي تغيرت واختلفت؟ ببساطة شديدة، لأن ما حدث في المؤتمر الصحفي يعد رسالة واضحة إلى مبابي، بأن أساس المشروع الجديد سيكون المدرب، وهذا ما صرح به إنريكي نفسه، وصاحبه خلال ذلك بعض الثقة المختلطة بالغرور، حينما قال إنه الرجل المناسب لمشروع النادي في المرحلة المقبلة.
ولا نستطيع أن نغفل إجابة إنريكي في المؤتمر حول موقفه من مبابي، فقد كانت كاشفة تماما، فهو أغلق الموضوع بأن الهدف سيكون خلق قائمة قوية من اللاعبين، وهذه رسالة أخرى بأن الأولوية ستكون للمجموعة وليس الفرد، حتى لو كان مبابي نفسه.
ورغم تأكيد الخليفي رغبة النادي في تجديد عقد مبابي، فهذا غير صحيح، لأنه يعلم تمام العلم أن كيليان لن يجدد عقده مرة أخرى، وأنه لا يطيق الانتظار للعب في ريال مدريد، وإنما كان ذلك في الحقيقة بمثابة إعلان من إنريكي ورئيس النادي، عن رحيل مبابي، ولكن الغاية وراء تلك التصريحات، حث اللاعب على الخروج بمقابل مادي هذا الصيف، بدلا من إنهاء عقده والرحيل مجانا في الصيف القادم.
قد يعجبك أيضاً



