EPAالزمان: 21 أكتوبر/تشرين أول 2000.
المكان: ملعب كامب نو.
تتزين برشلونة للاحتفال بالكلاسيكو مع تجدد الموعد لانطلاقه في كل موسم، إلا أن هذه الليلة كانت أشبه باستعداد المدينة لشن معركة سيحكي عنها القاصي والداني لعشرات السنوات، وهو ما تحقق بالفعل حتى الآن، للرد على ما أسموه "الخيانة العظمى".
بداية الخيانة
5 سنوات من التألق المتواصل بدأت في عام 1995، رسمت قصة سعيدة للغاية للويس فيجو بقميص برشلونة إلى أن أصبح قائد الفريق الكتالوني، واقترب من مكانة رموز البارسا.
وخلال موسم 1999-2000، جاءت نقطة التحول في مسيرة فيجو مع برشلونة، حين أخبره وكيله جوزيه فيجا، بأن الإدارة رفضت وعده براتب أفضل في العقد الجديد.
وكرر وكيل فيجو طلبه لرئيس النادي وقتها جوسيب نونيز، لكن الأخير أخبره أن بإمكان اللاعب البحث عن راتب أفضل في فريق آخر بشرط دفع قيمة الشرط الجزائي: 60 مليون يورو.
وأفصح فيجو فيما بعد، أنه لم يكن لديه أي أزمة مع جماهير برشلونة، لكنه شعر بغياب التقدير من جانب الإدارة، لأنهم تأكدوا بأنهم يملكونه ولا مجال أمامه للرحيل عن كتالونيا.
حفل زفاف
كان ريال مدريد يعيش فترة رائعة مع رئيسه لورينزو سانز، إذ تمكن الفريق من الفوز بلقبين في دوري الأبطال من آخر 3 نسخ، لذلك عندما اقتربت الانتخابات، كان سانز واثقا من فوزه، لأن من المستحيل أن يقدم أي مرشح آخر أكثر من ذلك، لكن الرجل الثري فلورنتينو بيريز كان يجهز لقنبلة تسمع جماهير برشلونة دوي انفجارها إلى يومنا هذا.
وقبل انتخابات الملكي بفترة قليلة في 2000، كان بيريز مدعوا لحفل زفاف ابنة سانز، وأراد فلورنتينو استقطاب أكبر عدد من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت بالانتخابات، لذلك ألقى عليهم سؤالا "من اللاعب الذي تتمنون انتقاله للريال؟"، فأجاب الأغلبية "لويس فيجو بالطبع، هو الآن أفضل لاعب في العالم".
إجابة بيريز جاءت بابتسامة وثقة كبيرة، قبل أن يردد جملة واحدة: أعدكم بفيجو إذا تم انتخابي رئيسًا.
وعندما علم سانز بالوعد الذي أطلقه فلورنتينو سخر منه قائلًا "تقولون إن بيريز سيتعاقد مع فيجو؟ حسنًا أود أن يتعاقد مع الممثلة كلوديا شيفر أيضًا، لأني أحبها".
خطة ماكرة
أجرى بيريز اتصالا عن طريق وسطاء بوكيل فيجو، وقدم له عرضا مغريا بالحصول على "شيك" بقيمة 3 ملايين يورو لا ترد، لكن بشرط واحد أن ينتقل اللاعب إلى الريال في حال فوز فلورنتينو بالانتخابات، وإذا لم يوف اللاعب بالوعد فعليه تسديد شرط جزائي يبلغ 35 مليون يورو.
لم تكن رغبة الخيانة قد سيطرت على قلب لويس فيجو عندما وافق على عرض بيريز، رغم أن برشلونة قد رفض الطلب الذي تقدم به لزيادة راتبه.
لكن اللاعب البرتغالي أراد استغلال فرصة الحصول على أموال جاءت دون جهد، في ظل الحديث حينها عن مخاطرة فلورنتينو لا سيما أن نسبة فوزه كانت معدومة بالنسبة لكثيرين، أمام الرجل القوي سانز المستحيل أن يخسر الانتخابات.
ومع مرور الوقت، رفع بيريز من شغف جماهير وأعضاء الريال قبل الانتخابات، مؤكدًا أنه توصل بالفعل إلى اتفاق مع فيجو، وبمجرد إعلان فوزه سيكون اللاعب متواجدا في النادي خلال اليوم التالي.
وفاز بيريز في مفاجأة كبرى، ورفضت إدارة برشلونة دفع هذا المبلغ عن فيجو، ولجأ اللاعب سريعًا إلى التشاور مع وكيله بشأن إيجاد الحل المناسب لهذه الورطة.
وزاد الأمر تدهورا، عندما تلقى فيجو وابنته تهديدات بالقتل من جماهير برشلونة، في حال انتقاله بالفعل إلى ريال مدريد.
وجاء نص الاتصال الأخير بين فيجو ووكيله، قبل الذهاب إلى مدريد، كالتالي:
فيجو: ما الحل الآن؟ لقد فاز بيريز.
فيجا: الأمر لم يعد اختياريًا يا صديقي. إما أن تنتقل إلى الريال، أو أذهب أنا وأنت إلى السجن.
وأدرك فيجو أن نيران الخيانة أهون كثيرا من دخول السجن، لأنه لا يملك تسديد قيمة الشرط الجزائي لبيريز، وهنا أخبر فلورنتينو على الفور، بأنه سيكون حاضرا في الغد لتقديمه في "سانتياجو برنابيو".
في المقابل، سيطرت الصدمة على جماهير برشلونة وزملاء فيجو السابقين، وهم يطالعون الصور الواردة من مدريد، حيث أن الواقع كان أشبه بالكابوس، بعد أن سلب بيريز نجمهم الأول.
جيش كتالونيا
ظلت نيران الخيانة تحرق مشجعي برشلونة الذين انتظروا أول كلاسيكو في "كامب نو" لخلع ثوب التشجيع وارتداء الدروع لاستقبال الخائن الأكبر في تاريخ برشلونة، الذي بات قدوة فيما بعد لمواطنه كريستيانو رونالدو صاحب فصول أخرى في معاداة البارسا، لكن داخل المستطيل الأخضر.
تحركت الجماهير في تنظيم غير متفق عليه، لإشعار فيجو بأنه عاد إلى جنته المعتادة فوجدها نيرانا جاهزة لحرقه، حيث تحرك جزء من المشجعين صوب مطار برشلونة، لاستقبال طائرة ريال مدريد.
أما باقي الجماهير فقد اصطفت على جانبي الطريق من المطار إلى الملعب، وهي تجهز الهتافات العدائية والزجاجات الفارغة، لإشعار فيجو بالرعب نظير خيانته العظمى.
كانت صافرات الاستهجان ترتفع كلما قطع فيجو خطوة صوب عشب الملعب، حتى كادت الصافرات أن تصم أذنه بمجرد أن ظهر طيفه للعيان.
وخلال المباراة الشهيرة، حصل ريال مدريد على ركنية، وتوجه فيجو لتنفيذها، لكن المدرجات اشتعلت ضد اللاعب، وتم قذف كل ما تصل له أيديهم تجاهه.
وبقيت الصورة الأشهر: إلقاء دمية رأس خنزير على النجم البرتغالي، وهي الصورة التي باتت مرتبطة بأذهان كل من يعشق الكرة الإسبانية حتى يومنا هذا، وخلدت واقعة الخيانة المريرة لدى جماهير برشلونة للأبد.



