
كانا في قمة الأناقة والشياكة والهدوء والاتزان شأنهما شأن "كل" الشعب اللبناني المثقف الجميل، وهما يرتديان علم مانسشتر يونايتد، يلتفان به وهما يحملان يافطة كتب عليها "السير اليكس فيرغسون.. نريدك رئيسا أو "انت قائدنا".
هما شابان عاديان لديهما كما لدى كل اللبنانين الشرفاء مطلب وحيد لكنه عادل وربما مستحيل.. يريدان لبنان حر ونقي ولهذا حملا اغرب لافتة قد يحملها متظاهر في مظاهرة او حملة من طراز "طلعت ريحتكم" التي جعلت اللبنانين يخرجون لأول مرة في مظاهرة حاملين علم لبنان خاليا من اية اعلام اخرى لأية طوائف أو أحزاب.
هكذا إذن يريد الشبان رئيسا ويفضلونه ان يكون رياضيا من طراز اليكس فيرغسون الذي اتسم بالحزم والقوة التي ترافقت بانجازات خرافية وهذا ما بالضبط ما يريده لبنان وكل الوطن العربي الذي مل من كثيرا من زعاماته التي تتسم ب"الشيزوفرينيا" فتظهر بوجهين ، واحد تخاطب به الناس بود امام شاشات الاعلام وعدسات التصوير وأخر تطعن به بسيف الغدر كل من يطالب بحق.
لكن ماذا لو حكم الشعوب رياضي من طراز فيرغسون او ميسي وربما خافي مارتينيز أو حتى رئيس نادي بورتو الذي فكر مع كل من ذكرناهم بعمل مبادرات خيرية لدعم اللاجئين الفارين الى أوروبا طامعين في هوائها الحر النقي الخالي من كل ما يعكر صفو سماواتنا العربية الملبدة بالسموم، أكان العالم سيكون أكثر جمالا؟.
حسنا ، كادت تلك الفكرة ان تتحول الى حقيقة لو نجح جورج وياه نجم موناكو وميلان مطلع التسعينات في حكم بلاده ليبيريا، لو لم يخسر الانتخابات دون ان يخسر حب ليبيريين ساعدهم منذ سطوع نجمه ولغاية الان كما سبق وقال، وذاك لم يكن قولا أو شعارا فقط، فعلى أرض الواقع لطالما ساعد منتخب بلاده بالمال والتجهيزات ودعمهم لتمثيلها واجتياز العقبات والحدود ابان حرب الإبادة التي كانت تطحنها في الاتون الافريقي الصعب.
جورج وياه، لمن لا يعرفه لاعب مميز سبق وأحرز هدفا بمرمى تشيزينا من خط الـ18 الخاص بفريقه حين انطلق بالكرة حتى شباك الخصم ، لكن الاهم ان له اراءاً تحررية وأخرى ناقدة حانقة ربما كان من أشهرها "إذا قاد السيارة في اوروبا رجل ابيض فهو رجل أعمال، أما ان كان أسودا فهو حتما من المافيا"؟.
نعم هناك مافيا سياسية قمعت شعوبا وامالا واحلاما كبار، فصار حتميا معها الاستنجاد برياضي حكيم كفيرغسون من اجل الخلاص، أو فنانا موسيقيا كما طالب الياس الرحباني حين استضافه الفنان السوري القدير دريد لحام على برنامجه "على مسؤليتي" وكان يطرح سؤالا أخيرا على ضيوفه يتلخص بأخر امانية حول من يحكم العالم، فقال الرحباني: "بما ان البشر قد فشلوا في حكم الشعوب فقد تنجح الموسيقى في ذلك"..
وسواء اكانت الموسيقى ام الرياضة فان الفائز الوحيد من هذا الخيال الجامح سيكون الانسان المطحون الذي يحتاج ليضحى بروحه ودمه وما هو أكثر بكثير ليعيش بعض زعماء الحرب مرتاحين ينامون فوق هياكلنا وانهار دمنا .. بهدوء.



