إعلان
إعلان

قاعة المشاهير – الجزء الأول: رونالدو "الظاهرة".. النجم الذي غيّر وجه كرة القدم

KOOORA
19 مايو 202517:58
رونالدو الظاهرة

امتلأت "قاعة المشاهير" الخاصة بموقع "جول" العالمي، بأكثر لاعبي كرة القدم تأثيرًا على مر العصور، وهو ما يضعنا أمام تحدٍّ صعب، في ظل وفرة النجوم الذين أضاءوا سماء اللعبة خلال ما يقرب من مئة وخمسين عامًا من عمرها.

وبناءً عليه، ودون الانتقاص من قيمة باقي الأساطير، قررنا أن نبدأ مع النجم الذي مثّل نهاية الألفية الماضية وبداية الجديدة، ألا وهو البرازيلي رونالدو.

تتمتع مسيرة رونالدو بميزة فريدة تميّزها عن غيرها: فجميع عشاق الكرة، حتى أولئك الأقل شغفًا، يتذكرون أبرز اللقطات في مسيرة "الظاهرة".

الهدف الخرافي مع إنتر ميلان في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي بالعاصمة الفرنسية باريس ضد لاتسيو، التوغل المذهل بين مدافعي كومبوستيلا مع برشلونة، رفعه لكأس العالم بتسريحة شعر غريبة، وصرخة الركبة في ملعب الأولمبيكو، والصورة الشهيرة على سلم الطائرة التي أعادت السيليساو إلى أرض الوطن بعد خيبة أمل فرنسا 98.

خمس لقطات، هي أول ما يتبادر إلى الذهن، من مسيرة مملوءة بالصور الملحمية التي لا تُنسى، والتي أصبحت رموزًا خالدة في تاريخ اللعبة.

رونالدو، وربما قبل أن يكون اللاعب العظيم الذي عرفناه، كان أيقونة حقيقية، تحوّلت في لحظة، وتغير وجهها تقنيًا وبدنيًا واقتصاديًا في لمح البصر.

تحوّل كان يقوده، من عدة نواحٍ، ذلك الفتى القادم من حي بينتو ريبيرو، من بين شوارع الغبار والحياة.

ماذا لو...

الكتابة عن الأسطورة البرازيلية دون الوقوع في فخ الخطابة والتمجيد مهمة صعبة للغاية. فقد كُتب وقيل الكثير عن رونالدو، لكن ربما واحدة من أكثر التأملات إثارة للجدل بشأنه هي التالية: هل كانت صورة رونالدو في الذاكرة الجماعية لتبقى بذات القوة لو لم يتعرض لتلك المشاكل البدنية التي أثرت على مسيرته بشكل لا يمكن إنكاره؟

البعض يرى أن الهالة التي تحيط بـ"ماذا لو"، هي التي جعلت منه رمزًا خالدًا. إنها وجهة نظر غير شائعة، كما أشرنا، لكنها بلا شك ساهمت – ولو قليلاً – في تضخيم أسطورة لاعب تركت بصمة قلّ من ينافسه عليها في تاريخ اللعبة.

حين قرر فجأة، رغم اهتمام ميلان وبرشلونة، أن يوقع مع آيندهوفن، أظهر هو ومحيطه بعد نظر لافت. فالموسمان اللذان قضاهما في الدوري الهولندي شكّلا له مرحلة انتقالية سمحت له بالتأقلم مع كرة القدم الأوروبية دون التعرض لصدمات الدوريات الأكثر قسوة مثل السيري آ أو الليجا في نهاية التسعينيات، ودون الضغوط الجماهيرية التي تطالب بالفوز الفوري بكل شيء.

وكما صرّح رونالدو بنفسه في أكثر من مناسبة، لم يكن التكيف في هولندا سهلاً، لكن مواجهته لخصوم أقل صعوبة سمحت له بالتركيز على الأداء الميداني وتجاوز أي إحساس بالحنين أو الغربة.

الموسمان في هولندا، رغم أن الثاني منهما تأثر بإصابة في الركبة أبعدته نصف موسم، فتحا له باب القفزة الكبرى. الآن أصبح رونالدو جاهزًا للانضمام إلى برشلونة، وربما أكثر مما توقّع الجميع. فالموسم الذي قضاه في كاتالونيا كان حالة فريدة يصعب نسيانها: 34 هدفًا في 37 مباراة في الليجا، و47 هدفًا في 49 لقاءً رسميًا، أداء مذهل، انطلاقات لا تصدق، أهداف متتالية، وقدرة استثنائية على التهديف بعد مراوغة حتى حارس المرمى – مشهد لم يُرَ من قبل بهذه التكرار. هدف تلو الآخر، رقم قياسي بعد آخر، وبالطبع الكرة الذهبية التي حُسمت فعليًا في مايو/أيار، ولم يتبق سوى استلامها في نوفمبر/تشرين الثاني، حينما أصبح رسميًا لاعبًا في صفوف إنتر ميلان.

GettyImages-902868742

رحلة الإنتر.. بين الألم والنشوة

لكن المفارقة أن رونالدو عاش أكثر لحظاته درامية في الفترة التي ارتدى فيها قميص إنتر ميلان، تلك الحقبة التي شهدت ذروته الفنية، بدءًا من الوعكة الشهيرة التي ألمت به قبل ساعات فقط من نهائي مونديال فرنسا 1998، مرورًا بالإصابتين الرهيبتين في الركبة بين عامي 1999 و2000، واللتين قيدتا نهائيًا صعوده، وصولًا إلى الدموع التي ذرفها على دكة ملعب الأولمبيكو بروما، حين ضاع لقب الدوري الإيطالي في اللحظات الأخيرة.

لكن كما لم يتمكن المدافعون من إيقافه، لم تستطع حتى لعنة الإصابات أن تحدّ تمامًا من "الظاهرة"، الذي نهض من جديد واستعاد مجده، وقاد منتخب بلاده كزعيم لا يُردّ له أمر للفوز بكأس العالم 2002، ونال أيضًا الكرة الذهبية الثانية، تلك التي كانت في طريقها إليه بالفعل قبل تلك الليلة الرهيبة في باريس، التي كتب فيها زين الدين زيدان اسمه بحروف من ذهب في تاريخ كرة القدم أمام أعين رونالدو المصدوم، الذي وصفته الصحف العالمية حينها بـ"الشبح" و"عديم الملامح".

لاحقًا فقط، تم الكشف عن الحقيقة التي سمحت للجميع بفهم أن من نزل إلى ملعب "استاد دو فرانس" لم يكن سوى ظل اللاعب الحقيقي، ولو أقيمت المباراة قبل يوم لربما كتب سيناريو مختلفًا كليًا. لأن رونالدو – ودون الانجراف مرة أخرى إلى عبارات التمجيد المبتذلة – كان واحدًا من القلة القليلة من اللاعبين في التاريخ (يمكن عدّهم على أصابع اليد الواحدة) القادرين على حسم المباريات بمفردهم، وجمع المهارة بالفعالية، وتقديم استعراضات خيالية دون أن يغفل أبدًا عن النتيجة، عن الهدف والفوز.

لاعب كان يتمتع بفاعلية ساحقة، لكنه أيضًا جميل، بل رائع في كل لمسة. وكان ينطلق بسرعة أسطورية بالنسبة لعصره. حتى عندما تراجعت سرعته في نهاية مسيرته، بقي قادرًا على ترك بصمته – ويا لها من بصمة – حين عاد إلى بلاده وساهم بأهداف مذهلة في الثنائية التاريخية التي دخلت سجلات كورينثيانز إلى الأبد.

GettyImages-1640093

رمز للتحدي والصمود

العزيمة، والإصرار، والقدرة على النهوض، والجرأة في عدم الاستسلام أمام المحن، هي صفات الرياضيين الكبار التي جسدها رونالدو

قصة مسيرته هي في الحقيقة قصة تحدٍّ ونهوض، بدأت من الصورة النمطية الكلاسيكية التي تصف الفتى الفقير الذي نشأ وسط الصعاب، وانتهت في أضواء باريس عندما عاد في 2002، بعد خمس سنوات فقط من تلك الليلة المشؤومة، شخصًا جديدًا، يحمل قصة مختلفة، لكنه يعود وفي يده الكرة الذهبية مجددًا – الجائزة الأسمى في عالم كرة القدم.

العودة بعد إصابتين مروعتين في الركبة كانت مهمة شبه مستحيلة لأي لاعب، لكن رونالدو امتلك العزيمة كي لا يستسلم، آمن بنفسه، ورفض الاستسلام حتى عندما بدا أن كل شيء قد انتهى. وحين قرر الفيفا زيادة عدد اللاعبين في قائمة المنتخبات المشاركة بمونديال 2002 من 22 إلى 23 لاعبًا – على ما يبدو من أجل السماح للبرازيل وإيطاليا بضم رونالدو وروبرتو باجيو دون الإخلال بالتوازن الذي رسمه مدربيهما – منحه المدرب البرازيلي سكولاري، على عكس نظيره الإيطالي تراباتوني، منحه تلك الفرصة الحاسمة.

فرصة اغتنمها رونالدو فورًا، بعزيمته المعتادة وابتسامته التي لم تفارقه، وتسريحته الغريبة التي لفتت الأنظار، ليقود بلاده نحو لقب مونديال 2002 كبطل مطلق – كما فعل دييجو أرماندو مارادونا فقط قبله.

أيقونة داخل الملعب وخارجه

لقد وصفنا رونالدو بأنه "أيقونة"، وافتتحنا هذا التقرير باستعراض أبرز اللقطات التي لا تُنسى في مسيرته. وذلك لأن رونالدو، ربما أكثر من أي لاعب آخر قبله، كان رمزًا يتجاوز حدود المستطيل الأخضر.

فقد ساهمت حملاته الإعلانية، التي ربطته ارتباطًا وثيقًا بعلامات تجارية كبرى مثل "نايكي" و"بيريللي"، في منحه شهرة عالمية حتى بين من لم يكونوا من متابعي كرة القدم. ولا يمكن نسيان قراره الشهير بعدم منح حقوق اسمه للعبة "فيفا" الرسمية في إصدار عام 1999، الذي يُعد حتى اليوم من أكثر النسخ شعبية، إذ كان قد منح حقوق استخدام اسمه حصريًا للعبة "رونالدو V-Football"، ولم يكن بمقدور أي شركة أخرى استخدامه حتى عام 2001.

ولهذا، لم يكن ممكننا أن يظهر اسمه الحقيقي في ألعاب الفيديو الأخرى، لا باسم "نازاريو"، ولا "لويس"، ولا حتى "دي ليما". ناهيك عن "رونالدو". وبالتالي، أصبح الاسم "A.Calcio" الذي اختير ليحل محل شخصيته في إصدار 1999، واللقب الأشهر "No.9" في النسختين التاليتين من لعبة فيفا.

وسرعان ما أصبح لقب "رونالدو نمبر ناين" واحدًا من الطرق المميزة التي تفرقه عن "رونالدو الآخر" الذي كتب لاحقًا فصولًا مختلفة في تاريخ كرة القدم. لكن أولئك الذين شاهدوهم بعينهم، لا يزالون يفضلون مناداته باسمه الحقيقي: "الظاهرة".

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان