
في 13 آذار/مارس من عام 1902، التقى ريال مدريد وبرشلونة لأول مرة في التاريخ، ولم تخل المواجهة من الإثارة والندية.
ويحتضن ملعب سانتياجو برنابيو، موقعة ريال مدريد وبرشلونة، يوم السبت المقبل ضمن الدوري، حيث يأمل كل منهما في تحقيق الفوز على الآخر، لتعزيز حظوظه في إحراز اللقب.
وعبر تاريخ ريال مدريد هناك العديد من الشخصيات الحاسمة لم تحصل على التقدير الذي تستحقه. أحد تلك الشخصيات التي تندرج ضمن هذه الفئة هو آرثر جونسون.
يُنسب الفضل إلى جونسون باعتباره أول هداف للفريق في المنافسة الرسمية، وأول مدير فني له، كما أنه من بين الشخصيات الأولى التي غرست الروح التنافسية التي تحدد لعبة ريال مدريد اليوم.
ولد آرثر جونسون في دبلن، في آب/أغسطس 1879، في الوقت الذي كانت فيه أيرلندا لا تزال جزءًا من الإمبراطورية البريطانية. وانطلاقًا من روايات أصدقائه في مدريد، تم تعريفه على أنه إنجليزي.
انتقل آرثر جونسون في البداية إلى إسبانيا بحثًا عن عمل، وحصل في النهاية على وظيفة في شركة هندسية في مدريد، حيث ساعد في بناء أول نظام "صرف صحي" في المدينة.
قبل انتقاله إلى مدريد، كان جونسون يتمتع بمسيرة غزيرة في كرة القدم للهواة، حيث لعب كمهاجم وقلب دفاع وحارس مرمى. وعندما انضم إلى فريق مدريد في عام 1902، سرعان ما أصبح الشخصية الرئيسية في الفريق.
علم ريال مدريد كيفية لعب كرة القدم
ادعى جوليان بالاسيوس، الرئيس السابق للنادي وشريك جونسون في الهجوم، أن الإنجليزي كان "الوحيد الذي يعرف ما كان يفعله"، بينما ادعى صديق إسباني لجونسون أنه "يعرف عن اللعبة أكثر من أي شخص آخر".
في عمر 24 عامًا، كان جونسون من بين أكبر اللاعبين سنًا في الفريق - كان متوسط عمر الفريق 19 عامًا وكان بيدرو باراجيس يبلغ من العمر 16 عامًا بين اللاعبين الأساسيين - ومن ثم أخذ على عاتقه "تعليم اللاعبين الأساسيات".
في الوقت الذي انتقل فيه جونسون إلى فريق مدريد (أضيف لقب ريال إليه في عام 1920)، كانت كرة القدم لا تزال في مهدها في جميع أنحاء البلاد. وكان هناك حارس مرمى في إسبانيا اعتاد الجلوس على كرسي أمام خط المرمى وشرب عصير الليمون والاسترخاء. وعند اقتراب الكرة من مرماه كان يرمي الكرسي خلف الخط.
وفي محاولة لتحسين سلوك فريقه واللعبة بشكل عام، كتب جونسون 4 مبادئ للعبة باللغة الإسبانية. نُشرت هذه المبادئ لاحقًا في صحيفة "هيرالدو ديل سبورت". وكان المقال بعنوان "إرشادات للتطوير الجيد لكرة القدم".
أصبح آرثر جونسون قائدًا للنادي بعد فترة وجيزة واستمر في التأثير العميق على فريق مدريد الشاب. وكان أول من اقترح أن يرتدي ريال مدريد الزي الأبيض بالكامل.
وفي أيار/مايو 1902 قاد الفريق في أول مباراة رسمية ضد برشلونة. كان مدريد يتنافس على كأس التتويج (كوبا لاكوروناسيون) إلى جانب فيزكايا (الآن أتلتيك بيلباو)، برشلونة وإسبانيول.
وتحت أنظار العاهل الإسباني، أقيمت مواجهة نصف النهائي على ملعب هيبودرومو في مدريد، وحينها سجل جونسون هدف مدريد الوحيد لكنه لم يكن كفيلا للتأهل، حيث كانت الغلبة آنذاك للبرسا بنتيجة (3-1)، لكن برشلونة خسر النهائي أمام فيزكايا.
ولم تكن هذه البداية الحماسية إلا شرارة الانطلاق لقصة إثارة أبدية بين ريال مدريد وبرشلونة، تواصلت -وما تزال- على مدار أكثر من قرن.
منح سانتياجو برنابيو قبلة الحياة
اختفى جونسون من سجلات النادي خلال سنوات المجد بين عامي 1905 و1910، عندما فاز مدريد بأربعة كؤوس تتويج على التوالي. ثم عاد إلى إسبانيا في عام 1910، لكنه قرر على الفور تعليق حذائه وأصبح أول مدرب لمدريد.
ولسوء الحظ، شابت الفترة التي قضاها جونسون على رأس مدريد أزمة مؤسسية. لكنه حقق بعض الإيجابيات خلال فترة توليه مسؤولية النادي. وواصل ريال مدريد هيمنته على الساحة الإقليمية وفاز بخمسة ألقاب.
وأشرف جونسون أيضًا على إدخال عدد من الشخصيات الرئيسية في تشكيلة الفريق الأول، بما في ذلك الرئيس المستقبلي سانتياجو برنابيو. ثم رحل في عام 1920 حيث جرَّه العمل مرة أخرى إلى الخارج.
ورحل جونسون من مدريد إلى كامينو دي فالفيردي، ليعمل في شركة مواد كيميائية مقرها ليفربول. وأخرجته الوظيفة في نهاية المطاف بعيدًا عن إسبانيا تمامًا. ثم توفي بسبب الالتهاب الرئوي في عام 1929 عن عمر يناهز 56 عامًا.



