مر العديد من الأساطير على تاريخ ريال مدريد، ودائمًا عند ذكرهم يتبادر إلى الذهن مباشرةً ألفريدو دي ستيفانو، الذي ربما بدونه لم يكن الميرينجي ليتوج بخمسة ألقاب متتالية، في دوري أبطال أوروبا.
بالفعل كتب دي ستيفانو تاريخًا بارزًا رفقة ريال مدريد، لكن المثير في الأمر أن برشلونة هو من فرط في خدماته، في واحدة من أغرب قصص الانتقالات في عالم كرة القدم، مانحًا غريمه أحد أبرز الأساطير الذين عرفتهم الملاعب.
وتبدأ قصة دي ستيفانو الشهيرة بانطلاق مسيرته في ريفر بليت الأرجنتيني، عام 1943، بعمر 17 عامًا، حيث لعب لمدة 3 مواسم، قبل أن تتم إعارته لأتلتيكو هوراكان، ومن ثم العودة مجددا إلى ريفر، في عام 1947.
وعانت الأرجنتين من إضراب لاعبي كرة القدم، في عام 1949.. ولكي يكمل مسيرته، انتقل على سبيل الإعارة لصفوف ميلوناريوس الكولومبي، لتبدأ قصة شملت ادعاءات ونفي ونظريات مؤامرة.
ففي ربيع 1952 كان دي سيتفانو لاعبًا ذا شهرة كبيرة بالفعل، ودوليًا أرجنتينيًا يبلغ من العمر 25 عامًا، ويملك سجلًا تهديفيًا مميزًا، يصل إلى هدف كل مباراة تقريبًا.
وحينها سافر إلى إسبانيا للمشاركة في بطولة ودية بمدريد، مع ناديه الكولومبي، ليقدم أداءً مذهلًا، دفع كل من ريال مدريد وبرشلونة لمحاولة التعاقد معه.
وبدا أن البلوجرانا أحرز تقدمًا في السباق المعقد، في ظل أن حقوق تسجيل دي ستيفانو، كانت مملوكة لناديه ريفر بليت، الذي لم يكن بدوره راضيًا عن انتقال لاعبه إلى كولومبيا قبل 3 سنوات.
"خطأ فادح"
واعتمد برشلونة على المحامي راموس تيراس فارجاس للتفاوض، حيث كان نجل أحد المساهمين في نادي ميلوناريوس.. لكن المفاوضات تقدمت ببطء، ليرتكب العملاق الكتالوني خطأً فادحًا، بمحاولة تسريع المفاوضات من خلال مساعد آخر يعيش في كولومبيا، وهو خوان بوسكيتس.
كان بوسكيتس مديرًا لنادي "سانتا في"، وهو الغريم الأكبر لميلوناريوس في كولومبيا.. وبالتالي أصاب تواجده على طاولة المفاوضات نادي ميلوناريوس بالتردد، وما زاد من سوء الأمر، أنه قدم عرضًا ضعيفًا للغاية، تم رفضه على الفور.
وأعتقد برشلونة حينها أن ميلوناريوس ليس ذا أهمية، وأن ريفر بليت هو النادي الوحيد الذي يحتاج إلى التعامل معه، لذا تجاهل رفض النادي الكولومبي، ورتب لرحيل دي ستيفانو وعائلته عن كولومبيا، ونقلهم جوًا إلى شمال شرق إسبانيا.
ومن جانبه، بدأ دي ستيفانو التأقلم مع ناديه الجديد، بل وخاض مباراة ودية رفقة برشلونة، قبل بدء الموسم، في صيف 1953.
لكن في تلك اللحظة، تدخل الاتحاد الإسباني لكرة القدم ورفض الموافقة على الصفقة، نظرا لعدم موافقة ميلوناريوس عليها.
وعلى الجهة المقابلة، رفض برشلونة التراجع عن موقفه، الذي كان مفاده أن لديه اتفاقا مع ريفر بليت، المالك القانوني لتسجيل دي ستيفانو.
وفي تلك اللحظة، استغل سانتياجو بيرنابيو، رئيس ريال مدريد، حالة عدم اليقين، وتوصل بدوره لاتفاق مع ميلوناريوس، ليزيد من تعقيد الأمر.
وخلال سبتمبر/أيلول 1953، توصل الاتحاد الإسباني لتسوية غريبة من نوعها، حيث قرر أن يمثل دي ستيفانو كلا من ريال مدريد وبرشلونة، على أن يشارك مع ناد في موسم، ومع الآخر الموسم التالي، وذلك لمدة 4 سنوات، على أن يمثل الميرينجي في البداية.
وحينها أُجبر رئيس برشلونة، مارتي كارييتو، على الاستقالة، وقام مجلس الإدارة المؤقت بتمزيق العقد، مما سمح لدي ستيفانو بالانضمام لريال مدريد بشكل نهائي، بناءً على اتفاق دفع النادي الملكي بموجبه 4,5 مليون بيزيتا، وهو نفس المبلغ الذي دفعه البارسا سابقا لريفر بليت.. لتبدأ بذلك أسطورة جديدة في مدريد.



