
لن يتقمص المدرب تشافي هيرنانديز دور نجم الآكشين الأمريكي توم كروز، وهو يعيش تفاصيل المهمة المستحيلة، وينجزها رغم كل الأسلحة وأجهزة الاستخبارات والجواسيس الذين يقفون في طريقه، فعودته لبرشلونة حيث كانت البدايات والنجومية في عالم المتسديرة، واحد من أهم المسكنات لأوجاعه والشفاء لجروحه بعد أن نهشه الكبار والصغار في موسمين حالكين، قد تستمر آثارهما لوقت قد يطول أو بقصر.
تشافي دفعه عشق البارسا للتضحية بـ (الراحة) والحياة المترفة في الدوحة، والذهاب نحو جحيم الكامب نو، حيث الجمهور الثائر، والإدارة التي تفتقد الحلول مع أزمة مالية خانقة ورثتها من سابقتها، ولاعبون عدد منهم أشباه نجوم، وآخرون ما زالوا في بداية الطريق.
ولن يلعب تشافي دور الطبيب المداوي، فهو لا يحتاج إلى سماعة كي يتلمس أوجاع الفريق، فكل شيء واضح تماما على شاشة الأحداث، وباعتقادي فهو يمتلك حاليا العديد من الحلول قبل أن يصل إلى دياره ويبدأ مهمته (الممكنة).
الجميل في برشلونة أنه يمتلك الأساس، وكل المطلوب من مدربه القادم، إعادة ترتيب الأوراق، بالتخلص بالفائض، والاهتمام بالحالي، والتدعيم بما أمكن في الباقي، وفلسلفة تشافي التي عرضها صراحة في أكثر من حوار تلفزيوني، تؤكد أنه يعلم كل صغيرة وكبيرة في الفريق، وأنه متابع جيد للغاية لما يدور فيه، وبالتالي فلن يحتاج لكثير من الوقت حتى تبدأ ثمرات التغيير التي يأملها كل برشلوني في جميع أنحاء العالم.
تشافي سيكون عليه استخدام العلاج النفسي لحالة الإحباط والقنوط التي يمر بها اللاعبون، وتعود تلقي الصفعات دون أن يرف لهم جفن، وإشعال نار المنافسة في صدورهم، وتحويلهم إلى مقاتلين في الملعب، حيث وضح جليا خلال المباريات الأخيرة أنهم يمتلكون كل مقومات النجاح من خلال فرض إيقاعهم وأسلوبهم على المباريات حتى التي خسروها، ولكن المشكلة باتت مزمنة في أبعد خطين على أرض الملعب..الهجوم والدفاع.
الشخصية هي العامل الأساسي في أي مدرب يريد النجاح في برشلونة، وتشافي معروف جيدا كأسطورة سطرت أعظم الأمجاد مع النادي الكتالوني وكان من جيل السداسية والسيطرة على العالم وجزء من فريق الأحلام الذي زاد من شعبية البارسا وجعله قبلة لعشاق الكرة الجميلة، وبالتالي سيكون موضع احترام وثقة جميع اللاعبين، وسيتفانى الجميع في سبيل إرضائه وتقديم أفضل ما يمكن لإثبات القدرة على ارتداء قميص برشلونة، ألذي تلطخ بالهزائم.
في حال الإعلان رسميا عن تسلم تشافي دفة القيادة في برشلونة، ستبدأ مرحلة جديدة من العمل الجاد، والاستثمار في جميع الطاقات المهدرة في الفريق، ومسك الورقة والقلم، للتخطيط للمستقبل القريب بالتخلص بالكثير من الأحمال الزائدة من بقايا عهد بارتيميو، وتدعيم الفريق باللاعبين الذي يغلقون ثقراته الواضحة في الدفاع والهجوم، مع امتلاك حارس مميز، ولاعبي وسط يعتبرون من الأفضل في العالم.
ننتظر بشغف عودة الإبن البار لملاعب الطفولة وميادين الصبا، ونأمل أن يكون تسلم تشافي لدفة القيادة الكتالونية، إعلانا عن مولد عصرجديد، يذكرنا بما قام به جوارديولا في سنواته الذهبية، التي ما زال يعيش على أمجادها.
قد يعجبك أيضاً





