
رغم كل ما حدث من أجله في الأيام والشهور الأخيرة..إلا أن ميسي لا يزال حزينا..
تم تغيير الجهاز الفني وطرد سيتين الذي لم يحترمه النجم الأرجنتيني داخل الملعب وخارجه..ومن ثم تم طرد رئيس النادي بارتوميو الذي فعل كل شيء ممكن لإرضائه..ولم يتبق سوى طرد الجمهور وكل من له علاقة بنادي برشلونة من أجل أن يبقى ميسي سعيدا..
منذ عاصفة الرحيل التي لم تخمد نارها بعد، وميسي ليس ميسي في الملعب..فعدم الاكتراث هو الصبغة التي تغلف أداءه، إلا ما ندر من مباريات ومنها الكلاسيكو التي حاول ميسي الدفاع عن شرفه وأسطورته، فكانت المباراة الأكثر تحركا وركضا وشراسة، ولكن بلا فعالية تذكر.
ميسي لديه الكثير والجميع يدرك ذلك، لكنه لا يقدم إلا الجزء اليسير من فنونه وطاقته على أرض الملعب، وباتت الخسائر والتعادلات بذات الطعم المر، أمرا عاديا للنجم الأول في العالم، وخسارة النقاط لم تعد تعنيه، وتسجيل الأهداف والمنافسة على الأرقام غاب عن تفكيره، الذي يبدو أنه تركز على خيار واحد فقط، وهو الرحيل.
في سن ميسي، كان زيدان يجلس مع كريستيانو رونالدو، ويبحثان قرار المداورة، وضروة إراحة الدون في بعض المباريات، وذلك من أجل الحفاظ على ذات الشغف والطاقة والإيجابية، والدخول بشراسة أكثر في المباريات الأكثر أهمية، ومواصلة كتابة تاريخ الأسطورة، وهو ما تكرر مع مدرب يوفنتوس السابق ماوريسيو ساري، وانعكس ذلك انفجارا في ماكينة رونالدو التهديفية ومواصلة تخليده لاسمه في تاريخ كرة القدم بأرقام استثنائية.
لكن يبدو أن المدرب الهولندي الذي يعكس شكله صرامة وقوة، لا يملك الجرأة للجلوس مع ميسي ومناقشة سياسة المداورة، التي تضمن للنجم الأول الفرصة للاستشفاء والتحسن والشغف، من أجل إعادة شحن بطارية الطموح والانتصار على أرض الملعب، للظهور على الشكل الذي يتمناه كل برشلوني..
ميسي اليوم بات لاعبا سهلا، يفقد الكثير من الكرات أمام مدافعين بعضهم عاديين، وتنعكس هذه الكرات خطرا على المرمى الكتالوني، الذي بات يعاني أكثر من اي وقت مضى من الكرات المرتدة، وهو ما تسبب في الكثير من الأهداف والخسائر وضياع النقاط في مباريات كان جمهور برشلونة يتابعها من أجل الاستمتاع بأهداف ميسي وزملائه، لكنه اليوم يتابع هذه المباريات وهو واضعا يده على قلبه، خوفا من أي كرة تسكن الشباك، وتزيد الألم والحسرة، مع عقم النجم الاول وغيابه عن منظومة الخطورة للفريق.
ميسي هو القائد، لكن هل يقوم بهذا الدور؟ للأسف تخلى النجم الأرجنتيني عن دوره التحفيزي، وبث الروح في زملائه، ودفعهم نحو الأفضل، فهو يكاد يتحدث إليهم في الملعب، لا تأخذ الكاميرات صورة واحدة له وهو يطالبهم ببذل المجهود الأكبر، أو يواسيهم عندما يدخل في شباكهم هدف، ويطالبهم بالعودة والتسجيل والفوز، وعلى العكس من ذلك يكتفي بتلك النظرة البائسة التي بتنا نحفظها عن ظهر قلب، ويمسح جبينه وشعره بيده ناظرا إلى السماء، وكأنه قليل الحيلة مسلوب الإرادة، مكبل لا يقدر على شيء.
كانت التهمة الملتصقة بميسي أنه يؤدي في برشلونة أكثر من منتخب بلاده، وهو متخاذل تماما مع الأرجنتين التي لم يحقق معها أي إنجاز أو لقب، لكن يبدو أن الصورة باتت معكوسة الآن، فهو يقود الأرجنتين حاليا بمعنويات عالية، ويلعب بكل إخلاص لمنتخب بلاده، الذي حقق فوزين متتاليين، ويبدو أنه في طريق أكثر سهولة للتأهل للمونديال القادم، رغم تراجع قوة (سكواد) الأرجنتين، لكن يبدو أن الحالة المعنوية في المنتخب الذي يقوده ميسي، هي التي صنعت الفارق.
إذا أراد ميسي فعلا الرحيل، فعليه أن يستمثر الأيام المتبقية له في برشلونة، ليثبت أنه الأفضل، فمستواه الحالي، وتراجع أرقامه التي توقف فيها التسجيل عند ركلات الجزاء، لن يشجع من كان يلهث وراءه بشيكات مفتوحة، كي يتعاقد معه، وسيكون بالفعل أمامه خيارات أخرى بتكاليف مالية أقل، لصناعة الإنجاز في عالم متغير، يصعب فيه ثبات المستوى أو الإمكانيات، وحتى المشاعر.




