
لم يترك التراجع الكبير بمستوى نادي برشلونة في الموسم الماضي، أثرا على جماهير وعشاق هذا النادي العريق وحده فقط، بل وفتح المجال أمام حرب على الدوري الإسباني برمته ومدى جدارته بأن يكون واحدا من أقوى دوريات أوروبا والعالم، واستخدم هذا التراجع كدليل على ما يشاع بأن الدوري الإسباني (يحتضر) أو (مات) حسب وصف رئيس رابطة الأندية الأوروبية ناصر الخليفي، الذي يجلس على كرسي رئاسة باريس سان جيرمان.
وعلى الرغم من كل ما قيل حول الليجا، حقق ريال مدريد لقب دوري الأبطال للمرة 14 في تاريخه، وبالتالي تربعت إسبانيا على عرش هذه البطولة تاريخيا بتحقيق 19 لقبا، وتأتي إنجلترا خلفها بـ 14 لقبا، وهي بمجموعها ما حصده الريال لوحده من عمل هذه الكأس الفريدة، لكن هذا الأمر لم يكن كافيا برأي البعض بمدى جدارة الليجا في المنافسة، وكل ذلك قد يكون مرده لدوري السوبر الأوروبي، الذي يسعى اليويفا لمواصلة ضغطه على قطبيه الإسبانيين - ريال مدريد وبرشلونة - من أجل إنهاء هذا الحلم بشكل قطعي.
مع المشاكل المالية الضخمة التي تعرض لها برشلونة، والحالة الصعبة التي وصل لها الفريق في الموسم الماضي بعد رحيل ميسي، والاضطرار للاعتماد على لاعبين إما صغار السن ويحتاجون للمزيد من الاحتكاك والخبرة، أو من انتهت صلاحيته في الملاعب سواء من تراكم الإصابات أو تراجع المستوى وفقدان الشغف، كان الفريق يغادر كل البطولات صفر اليدين، بل وهبط للمشاركة في الدوري الأوروبي بعد خروجه ذليلا من الأبطال، وعدم قدرته على التتويج بهذه البطولة المخصصة لفرق الصف الثاني أوروبيا.
وبكل صراحة، لم يكن هناك تفاؤل بقدرة برشلونة على العودة، وبالتالي وقوف الليجا بقوة أمام كل الانتقادات التي طالتها، واعتبارها طاردة للنجوم، بعد خروج كريستيانو رونالدو وبعده ميسي، اللذان شكلا أكثر ثنائي تنافسية في تاريخ الليجا بل وفي القارة الأوروبية كلها، ورفعا من قيمة البطولة كثيرا، لكن يبدو أن البدايات التي ظهرت على النادي الكتالوني أكثر من مبشرة، بعد سلسلة تعاقدات أغلقت الكثير من الثغرات التي ولج من خلالها المنافسون وأنهكوا جسد الفريق طعنا وضربا.
بما أن المباريات التحضيرية تعد فرصة لإعطاء ولو لمحة عن شكل الفريق ودور صفقاته الجديدة، فقد أثبتت هذه الصفقات قدرة برشلونة على النهوض سريعا والدخول في أتون المنافسة للظهور بالشكل القوي الذي يتمناه عشاق الليجا عموما..والبارسا بشكل خاص، ظهر رافينيا وكيسي وكريستنسن بشكل مميز، ووضح أن ليفاندوفسكي يحتاج للمزيد من التأقلم مع طريقة لعب الفريق، وسيكون لآخر صفقات الفريق كوندي دور في تعزيز الناحية الدفاعية، وكل ذلك مع عودة أنسو فاتي الذي غاب كثيرا بسبب الإصابة، وتجديد ديمبلي باعتباره صفقة مربحة وظهوره الرائع في آخر مباريات الفريق أمام يوفنتوس.
قد يبتقى أمام برشلونة صفقة أو صفقتين فقط في الدفاع وخاصة في منطقة الظهير الأيسر التي يشغلها ألبا، وتكتمل قوة خطوطه، وسيكون أكثر شراسة من الموسم الأخير، وبالتالي تنافسية وقدرة على العودة لمنصات التتويج، ومعه إعادة الكرة الإسبانية إلى سابق عهدها في قمة الدوريات الأوروبية، خاصة بعد سحب الدوري الإنجليزي البساط من تحتها، وبداية بروز الدوري الإيطالي كقوة قادمة.
قوة برشلونة، قوة لليجا، وعودته القوية ستفتح باب التنافس الشديد بين فرقها وخاصة مع ريال مدريد، بشكل يبشر بعودة الأيام السالفة، واعتبار مباراة أي من الفريقين قمة بحد ذاتها في الأسبوع، والانتظار بشغف حتى المرحلة الأخيرة، للإعلان عن البطل.



