Getty Imagesلم يحتفل جمهور آرسنال فقط بالتأهل إلى ربع نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مساء الأربعاء، عى حساب برايتون (2-0)، بل كان شاهدا أيضا على حدث تاريخي تمثل في مشاركة اللاعب الشاب ماكس داومان كأساسي لأول مرة في مسيرته بعمر 15 عامًا و302 يومًا، ليصبح أصغر لاعب في تاريخ النادي يبدأ مباراة رسمية.
تفوّق داومان بهذا الإنجاز على الرقم الذي كان يحمله جاك بورتر منذ الموسم الماضي في البطولة نفسها، ليؤكد من جديد مكانة أكاديمية آرسنال في صناعة المواهب.
وكان داومان قد دخل تاريخ النادي سابقًا عندما شارك كبديل أمام ليدز يونايتد في فوز آرسنال 5-0 في أغسطس/آب الماضي، ليصبح ثاني أصغر لاعب في تاريخ آرسنال والدوري الإنجليزي الممتاز، خلف زميله إيثان نوانيري.
لكن مشاركته أمام برايتون جاءت لتمنحه مكانا جديدا في سجلات كرة القدم الإنجليزية، بعدما اختاره المدرب ميكيل أرتيتا ليبدأ أساسيا ضمن تشكيلة شهدت عشرة تغييرات عن اللقاء السابق أمام كريستال بالاس.
أداء مميز وثقة كبيرة
قدّم داومان أداء لافتا رغم صغر سنه، حيث أظهر سرعة ومهارة كبيرة في المراوغة والتمرير والتحرك بين الخطوط.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، حاول المراوغة تسع مرات ونجح في خمس منها — وهو أعلى رقم بين جميع لاعبي المباراة — كما فاز في تسعة التحامات ثنائية، وتعرض لأربعة أخطاء، ليتصدر معظم المؤشرات الفردية في اللقاء.
وقال أرتيتا في تصريحاته بعد المباراة: “أجرينا عشرة تغييرات على التشكيلة، وأشركنا لاعبين لم يلعبوا معا من قبل، ومع ذلك نجحنا في تقديم مباراة مميزة. ماكس وأندريه (هاريمان-أنوس) قدما أداء رائعا في أول مشاركة لهما كأساسيين، وهذا يمنحنا شعورًا بالفخر".
وأضاف: "عندما أخبرناه أنه سيبدأ أساسيًا، اكتفى بابتسامة صغيرة. هذا كل ما فعله. كل شيء بالنسبة له طبيعي. هذه طريقته في الحياة، وهذه هي قوته. لا يضخّم الأمور، فقط يلعب بطريقته المعتادة بشجاعة وتصميم".
وأشاد أرتيتا بالموهبة الشابة مؤكدًا أن ما يقوم به اللاعب في هذا العمر يعد استثنائيًا، قائلاً: "اليوم أظهر مجددًا مهارات مذهلة وقدرة على تجاوز لاعبين من مستوى الدوري الإنجليزي رغم أنه في الخامسة عشرة فقط. هذا أمر مميز جدا".
وأضاف المدرب الإسباني أن داومان يتعامل مع كل ما يحدث حوله بهدوء كبير، رغم أن حياته تغيرت بسرعة منذ صعوده إلى الفريق الأول العام الماضي وهو في الرابعة عشرة من عمره.
جاهز للدوري ودوري الأبطال
وأكد أرتيتا أن داومان يشعر بأنه مستعد للمشاركة في البطولات الكبرى، مشيرا إلى أنه قد يصبح أصغر لاعب في تاريخ دوري أبطال أوروبا إذا شارك قبل نهاية العام.
وأوضح: "لو سألته، سيقول بالتأكيد إنه جاهز للعب في الدوري أو دوري الأبطال. لكن علينا أن ندير هذا الوضع بعناية. الأمور تسير بسرعة كبيرة في حياته، وعلينا أن نتأكد من أنه يسير بخطوات صحيحة. من المهم أن نشجعه، ولكن علينا أيضًا أن نحميه".
يُذكر أن داومان ما زال في عطلة منتصف الفصل الدراسي، ويستعد لخوض امتحانات الشهادة الثانوية (GCSE) في نهاية العام الدراسي الحالي.
تألق إضافي لمواهب الأكاديمية
ولم يكن داومان وحده من تألق في المباراة، إذ شهد اللقاء أيضًا أول مشاركة أساسية للمهاجم أندريه هاريمان-أنوس (17 عامًا)، والذي شارك في الهجمة التي أسفرت عن الهدف الثاني بإمضاء بوكايو ساكا.
وقال أرتيتا عن اللاعب: "منذ ما قبل الموسم كنت معجبا بعقليته ورغبته الكبيرة في التطور. يتدرب معنا باستمرار ويمنحنا خيارات هجومية جيدة. اليوم كانت الفرصة المناسبة له وأثبت أنه يستحقها".
كما ساهم خريجو الأكاديمية الآخرون في الانتصار، إذ سجّل إيثان نوانيري الهدف الأول بعد تمريرة من مايلز لويس-سكيللي، ليكون الهدفان من صناعة أو تنفيذ لاعبين من أكاديمية النادي.
مشروع متكامل لبناء المستقبل
وأظهر أداء داومان وزملائه من الشباب أن سياسة أرتيتا في منح الفرص للمواهب الشابة تؤتي ثمارها. فالفريق الذي بدأ أمام برايتون ضم أربعة لاعبين دون سن التاسعة عشرة، ونجح في تقديم أداء منظم ومقنع أمام خصم من الدوري الممتاز.
وأكد أرتيتا في ختام تصريحاته: "ما قدمه هؤلاء الشباب يؤكد أن مستقبل آرسنال في أيدٍ آمنة. نحن فخورون بالأكاديمية، وبالعمل الذي يقوم به الجميع لتجهيز لاعبين قادرين على اللعب في أعلى المستويات".
بهذا الفوز، تأهل أرسنال إلى الدور ربع النهائي من البطولة، لكن الحدث الأبرز لم يكن النتيجة بقدر ما كان المشهد التاريخي لفتى في الخامسة عشرة يشارك كأساسي في مباراة رسمية ويقدّم أداءً ناضجًا يليق بلاعب خبرة.
وأثبت داومان أنه ليس مجرد موهبة مستقبلية، بل عنصر جاهز للتطور السريع تحت إشراف مدربه الإسباني. وإذا استمر بنفس المستوى، فقد يكون اسمه أحد أبرز اكتشافات الموسم في الكرة الإنجليزية.
قد يعجبك أيضاً



