Getty Imagesاتفق الاتحاد السعودي لكرة القدم على خوض المنتخب الأول مباراتين وديتين، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأعلن الاتحاد السعودي عبر موقعه الرسمي، اليوم الخميس، عن إقامة مباراتين تحضيريتين، ضمن استعدادات الأخضر للمشاركة في بطولة كأس العرب (قطر 2025)، حيث سيواجه المنتخب السعودي نظيره كوت ديفوار يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني، على ملعب الأمير عبدالله الفيصل في جدة.
أما المباراة الودية الثانية، فستجمع كتيبة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد بمنتخب الجزائر، يوم 18 من الشهر ذاته، على الملعب نفسه.
ويأتي ذلك في إطار التحضيرات الفنية المكثفة قبل خوض غمار كأس العرب، إذ يسعى الجهاز الفني إلى اختبار جاهزية اللاعبين أمام منافسين من العيار الثقيل.
يذكر أن المنتخب السعودي يتواجد في المجموعة الثانية ببطولة كأس العرب (قطر 2025)، إلى جانب المغرب، والفائز من مباراة عُمان والصومال، والفائز من مباراة جزر القمر واليمن.
وتمثل التجربتان الوديتان اختبارًا قويًا للأخضر قبل البطولة، لكونهما أمام اثنين من آخر ثلاثة أبطال لكأس الأمم الأفريقية، حيث توج المنتخب الجزائري بلقب نسخة 2019، بينما فاز المنتخب الإيفواري بلقب 2024 على أرضه.
الأخضر في المونديال
وفي وقت سابق، نجح المنتخب السعودي في حسم تأهله رسميًا إلى نهائيات كأس العالم 2026، عبر الملحق الآسيوي الذي أُقيمت منافساته الشهر الماضي في جدة. وتمكن الأخضر من الفوز على إندونيسيا بنتيجة 3-2 ضمن منافسات المجموعة الأولى، قبل أن يتعادل سلبًا مع العراق ليحسم صدارة المجموعة برصيد أربع نقاط، بفارق الأهداف المسجلة عن أسود الرافدين، ويتأهل مباشرةً إلى المونديال، فيما انتقل المنتخب العراقي إلى الملحق العالمي.
وجاء هذا التأهل، بعد أن فشل الأخضر في احتلال أحد مركزي الصدارة أو الوصافة، في المرحلة السابقة من التصفيات الآسيوية، حيث أنهى المجموعة في المركز الثالث خلف منتخبي اليابان وأستراليا، ما جعله يخوض طريقًا أصعب نحو النهائيات، قبل أن ينجح في نهاية المطاف في تحقيق الهدف المنشود.
عراب فرنسي
يُعد الفرنسي هيرفي رينارد أحد أبرز المدربين في تاريخ المنتخب السعودي الحديث، إذ ترك بصمته منذ توليه المهمة للمرة الأولى عام 2019، حين قاد الأخضر للتأهل إلى كأس العالم 2022 في قطر، وحقق خلالها الفوز التاريخي على الأرجنتين (2-1)، في واحدة من أكبر مفاجآت المونديال.
وبعد رحيله لتدريب منتخب فرنسا للسيدات عام 2023، عاد رينارد مجددًا إلى قيادة المنتخب السعودي في أكتوبر 2024، عقب استقالة الإيطالي روبرتو مانشيني، ليبدأ مرحلة جديدة من مشروعه مع الفريق، مع خيار التمديد حتى كأس آسيا 2027.
ومنذ عودته، ركز رينارد على إعادة الانضباط التكتيكي للفريق، وتصحيح المسار بعد فترة من التراجع في الأداء والنتائج.
تنظيم صارم
يعتمد المدرب الفرنسي على تنظيم دفاعي صارم، مع الضغط العالي في مناطق الوسط والتحولات السريعة من الدفاع إلى الهجوم، وهي السمات التي ميزت المنتخب في فترته الأولى. ورغم النجاحات، واجه رينارد انتقادات بسبب كثرة التبديلات واستدعاء أكثر من خمسين لاعبًا خلال التصفيات، ما أثار تساؤلات حول غياب الاستقرار الفني في بعض المراحل.
ويمتاز رينارد بشخصيته القوية، وقدرته على تحفيز اللاعبين ذهنيًا قبل المواجهات الكبرى، مؤمنًا بأن الحافز والانضباط لا يقلان أهمية عن الجانب التكتيكي.
وقد بدا تأثيره واضحًا خلال المباريات الحاسمة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، حين أعاد الثقة للفريق بعد سلسلة من النتائج غير المستقرة.
كما أجرى تعديلات تكتيكية على مراكز بعض اللاعبين، سعيًا لإيجاد توازن بين الصلابة الدفاعية والفاعلية الهجومية.
تحديات
ورغم التطور الملحوظ، تبقى أمام المدرب الفرنسي تحديات مهمة، أبرزها تثبيت التشكيلة الأساسية وتحقيق مزيد من الانسجام قبل الاستحقاقات الكبرى. كما واجه ضغوطًا جماهيرية وإعلامية متزايدة، خصوصًا بعد الخسارة المفاجئة أمام إندونيسيا، قبل أن يستعيد التوازن لاحقًا.
ومع ذلك، يظل رينارد أحد أكثر المدربين قبولًا في الشارع الرياضي السعودي، بفضل خبرته الواسعة في القارتين الآسيوية والأفريقية، وقدرته على بناء فرق قوية تتمتع بروح قتالية عالية.
وفي المجمل، يمثل رينارد عنصر توازن محوريًا في مشروع المنتخب السعودي نحو كأس العالم 2026، إذ يجمع بين الحماس والانضباط والرؤية الواقعية، ما يجعله خيارًا مثاليًا لقيادة الأخضر في هذه المرحلة الانتقالية، نحو منافسة أكثر استقرارًا وطموحًا على المستويين القاري والعالمي.
انتعاشة فنية
وتعيش الكرة السعودية حاليًا حالة من الانتعاش الفني، مع وجود مجموعة مميزة من اللاعبين المتألقين مع أنديتهم محليًا وقاريًا. ويبرز في مقدمتهم النجم سالم الدوسري، قائد الهلال والمتوج حديثًا بجائزة أفضل لاعب في آسيا.
ويأمل المنتخب السعودي أن يترجم هذه الانتعاشة إلى نتائج قوية، في كأس العالم المقبلة، وأن يتمكن من تكرار إنجاز نسخة 1994 بالتأهل إلى الأدوار الإقصائية، في ظل الطموح الكبير الذي يرافق مشروع الأخضر نحو المستقبل.



