
"خُلقت الأحلام لتتحقق".. مقولة آمن بها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وطبقها على مدار مسيرته الكروية الطويلة، منذ أن كان طفلًا في لشبونة، حتى صار شابًا يافعًا في مانشستر، ثم نجمًا لامعًا في مدريد.
الآن جاء دور النصر ليكون شاهدًا على تحقيق حلم جديد من أحلام كريستيانو رونالدو، حلمٌ طال انتظاره لنحو عامين، قبل أن يصبح حقيقة بأفضل طريقة ممكنة.
عاش رونالدو، أمس الجمعة، ليلة من لياليه الحالمة التي اعتاد أن يعيشها في ملاعب كرة القدم، وقاد النصر لفوزٍ طال انتظاره على الغريم التقليدي الهلال بنتيجة (3-1)، على ملعب المملكة أرينا، في الجولة الـ26 من دوري روشن.
عقدة الهلال
منذ أن وصل "الدون" إلى العاصمة السعودية الرياض، كانت جماهير النصر تُمني نفسها برؤية أهدافه وهي تغرد في شباك الهلال، وقد فعل ذلك في أغسطس/آب 2023، بعد أشهر من وصوله، لكن ذلك لم يكن كافيًا.
سجل رونالدو هدفين قاد بهما النصر للفوز على الهلال 2-1 في نهائي البطولة العربية للأندية 2023، ليحصد الفريق لقبه الوحيد مع النجم البرتغالي، لكن كان اللقب وديًا، وكانت الأهداف غير رسمية.
بعد نحو عامٍ من تلك المباراة، سجل رونالدو مجددًا في الهلال، وهذه المرة بشكل رسمي، ولكنه كان هدفًا في أسوأ مباريات الديربي لـ"العالمي"، حين خسر من "الزعيم" 1-4، في نهائي كأس السوبر.
وقبل ليلة الرابع من أبريل/نيسان، أصبح الهلال عقدة مستعصية على رونالدو، إذ شارك أمامه في 7 مباريات رسمية، سجل فيها هدفًا وحيدًا، دون أن يحقق أي انتصار، مكتفيًا بتعادلين و5 هزائم.
الهلال مثَّل الخصم الأصعب على رونالدو في مباريات الديربي، وهو الذي عُرف عنه أرقامه المميزة في تلك المواجهات، لا سيما مع ريال مدريد، وكذلك مع مانشستر يونايتد ويوفنتوس.
ليلة تحقيق الأحلام
لكن رونالدو أوقف هذا الكابوس مساء أمس الجمعة، عندما سجل هدفين قاد بهما النصر للفوز على الهلال 3-1، ليقلص "العالمي" الفارق مع "الزعيم" إلى 3 نقاط في صراع المركز الثاني، قبل 8 جولات من النهاية.
حقق رونالدو حلمه، وسجل أول فوز على الهلال في الدوري، كما سجل صاحب الـ40 عامًا ثنائيته الأولى ضد الزعيم، ليكون خامس لاعب من النصر يسجل ثنائية ضد الزعيم في دوري المحترفين.
وسجل النجم البرتغالي أول هدف له من ركلة جزاء ضد الهلال، ليكون أول لاعب نصراوي يسجل ركلة جزاء ضد "الزعيم" منذ أن فعلها محمد السهلاوي قبل نحو 8 سنوات، وتحديدًا في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
وواصل "الدون" الابتعاد بصدارة جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي، حيث رفع رصيده إلى 21 هدفًا، بفارق 4 أهداف عن المغربي عبد الرزاق حمدالله، مهاجم الشباب، أقرب ملاحقيه.
وأصبح هذا الموسم هو رقم 15 الذي يسجل فيه رونالدو 20 هدفًا أو أكثر في بطولات الدوري، والثاني على التوالي مع فريق النصر الذي سجل معه 35 هدفًا في الموسم الماضي من دوري روشن.
رونالدو عاد أخيرًا لهز شباك الكبار في الدوري السعودي، بعد غياب استمر نحو 4 أشهر، وتحديدًا منذ أن سجل هدفه الوحيد ضدهم، في الهزيمة من الاتحاد 1-2، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليرد على كل المشككين بشكل عملي.
ولم يكن ما قدمه رونالدو مجرد أرقامًا قياسية حققها على أنقاض الهلال، ولكن مستوى فني استثنائي، جعله يحصد جائزة رجل المباراة من رابطة الدوري السعودي.
رونالدو صال وجال وتحول إلى شاب عشريني كما وصفه المحللون بعد المباراة، ليحصل على أعلى تقييم من موقع "سوفا سكور" من بين لاعبي الفريقين (8.8).
وسدد "صاروخ ماديرا" 3 كرات، ونجح في المرور 3 مرات من أصل 7، ولمس الكرة 44 مرة، ومررها 19 مرة، منها 14 ناجحة بدقة 74%.
أسوأ هلال
ما قدمه رونالدو يُعتبر استثنائيًا، ولكنه جاء أيضًا أمام نسخة استثنائية من الهلال، ولكن على المستوى السلبي.
الهلال يعيش واحدة من أسوأ فتراته في السنوات الأخيرة، لا سيما في المباريات التي خاضها ضد الفرق الكبرى في الدوري السعودي.
وخسر الهلال جميع مبارياته ضد الفرق الكبرى في النصف الثاني من الموسم، بداية من الاتحاد بنتيجة 1-4، مرورًا بالأهلي 2-3، ثم أمام النصر بنتيجة 1-3، أي أنه استقبل 10 أهداف في تلك المواجهات.
ومن بين الفرق الـ4 الكبرى، يبقى الهلال هو الفريق الوحيد الذي تعرض لـ4 هزائم في عام 2025، وجميع الهزائم كانت ضد المنافسين المباشرين، حيث خسر أمام القادسية أيضًا بنتيجة 1-2.
ما يعكس حالة التدهور الكبيرة التي يعيشها الهلال، أنه لم يخسر أي مباراة في الموسم الماضي من الدوري السعودي، مقابل 5 هزائم هذا الموسم، كما أنه لم يخسر ضد الفرق الكبرى التي خسر ضدها جميعًا هذا الموسم.
حتى على المستوى الآسيوي، كان الهلال هو الفريق السعودي الوحيد الذي خسر في ثمن النهائي، وذلك أمام باختاكور الأوزبكي 0-1 ذهابًا، قبل أن يعوض ويفوز في مباراة الإياب بنتيجة 4-0.
تلك الحالة السيئة التي يعيشها الهلال لعبت دورًا في تألق رونالدو، وإدراكه لليلة تاريخية لطالما حلم بها منذ أن وطأت قدماه ملاعب الدوري السعودي.



