العراب.. بوكيتينو وكين: العلاقة التي صنعت أسطورة

عندما وصل ماوريسيو بوكيتينو إلى توتنهام هوتسبير في صيف عام 2014، كان الفريق الإنجليزي بحاجة إلى قائد يُعيد بناء الفريق ويرسخ فلسفة جديدة.

في ذلك الوقت، كان هاري كين لاعبًا واعدًا لكنه بعيد عن الأضواء، حيث كان الخيار الثالث خلف المهاجمين المخضرمين إيمانويل أديبايور وروبرتو سولدادو، إلا أن بوكيتينو رأى في كين شيئًا مختلفًا، وقرر أن يمنحه فرصة للتألق. 

بداية الانطلاقة 

في نوفمبر/تشرين ثان 2014، وخلال مباراة ضد أستون فيلا، سجل كين هدف الفوز في الدقائق الأخيرة، وهو هدف اعتبره الكثيرون لحظة حاسمة.

هذا الهدف لم ينقذ فريقه اللندني فقط، بل كان محطة فارقة في مسيرة هاري كين، وفي ترسيخ ثقة بوكيتينو به، بعدما كان الأرجنتيني على حافة الإقالة بسبب ضعف نتائج الفريق في بداية الموسم.

كين علّق لاحقا على تلك المرحلة قائلا "بوكيتينو كان الشخص المناسب في الوقت المناسب، دفعني للعمل بجد وأعطاني الثقة التي كنت أحتاجها".

وأضاف "لعبت الدوري الأوروبي معه وسجلت الأهداف، وانتظرت فرصة المشاركة في البريميرليج، وأشكر الله على هدفي في أستون فيلا من بعدها بدأت أساسيًا في كل مباراة تقريبًا".

وتابع "بنينا علاقة جيدة معًا مع فهم متبادل ليس فقط في كرة القدم ولكن في الجانب الشخصي أيضا، تمتعنا بسنوات ولحظات رائعة".

ونوه كين "بالطبع كنا نتمنى الفوز بشيء ما معه، ولكن هذا لم يحدث، ولكن سأعتز دائمًا بالعلاقة والسنوات التي قضيناها معًا".

علاقة مبنية على الثقة 

بمرور الوقت، تطورت العلاقة بين بوكيتينو وكين، لتصبح واحدة من أبرز الشراكات بين مدرب ولاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.

وتحت قيادة المدرب الأرجنتيني، تحول كين إلى ماكينة أهداف حقيقية، وحصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي مرتين في موسمي 2015-2016 و2016-2017، وتم اختياره في تشكيل الموسم من رابطة اللاعبين المحترفين 4 مرات. 

بوكيتينو بدوره لم يكن بخيلًا في إظهار إعجابه بكين، وقال في تصريح شهير عام 2017 "كين ليس فقط أفضل مهاجم في إنجلترا، بل هو الأفضل في العالم، إنه لاعب استثنائي ومتواضع، والعمل معه يشعرني بالفخر". 

التطور الشخصي والمهني 

لم تكن تأثيرات بوكيتينو على كين، تقتصر على الجانب الفني فقط، بل امتدت إلى الجانب الشخصي.

هاري كين أشار في أكثر من مناسبة، إلى أن بوكيتينو ساعده على تطوير عقليته واحترافه، قائلا "لقد علمني أهمية العمل الجاد والانضباط، من خلال التدريبات المكثفة والفهم المتبادل، أصبحت لاعبًا أفضل".

وخلال فترة بوكيتينو، لم يتألق كين فقط مع توتنهام، بل أيضًا مع المنتخب الإنجليزي، ففي عام 2018، تُوج بجائزة هداف كأس العالم، وهو إنجاز أرجعه كين جزئيًا إلى التأثير الكبير لمدربه السابق.

نهاية مرحلة وبداية جديدة 

في نوفمبر/تشرين ثان 2019، وبعد تراجع النتائج، غادر بوكيتينو، توتنهام، لكن العلاقة بينه وبين هاري كين ظلت قوية.

وعبر هاري كين عن امتنانه للمدرب بوكيتينو، على منصة إكس، قائلا "شكرًا لك على مساعدتي لتحقيق أحلامي. مررنا بلحظات مذهلة معًا، وسأظل ممتنًا للأبد".

وفي مقابلة لاحقة، أكد هاري كين أن الفريق الإنجليزي فقد القيم التي غرسها بوكيتينو، وذلك مع تراجع نتائج السبيرز في موسم 2022-2023. 

إرث لا ينسى

على الرغم من أن توتنهام لم يحقق بطولات كبيرة تحت قيادة بوكيتينو، إلا أن الإرث الذي تركه المدرب وهاري كين يبقى شاهدًا على حقبة استثنائية.

فالعلاقة بين الثنائي، لم تكن مجرد شراكة رياضية، بل قصة ملهمة عن الثقة والعمل الجاد، ودليل على كيف يمكن لقائد ملهم ولاعب استثنائي ترك بصمة لا تنسى.