إعلان
إعلان

الخوف على زيدان

د.محمد مطاوع
14 مارس 201902:39
my picture mutawe

قبل 9 أشهر من اليوم، جلسنا أمام الشاشات، وترقبنا باهتمام بالغ، المؤتمر الصحفي المفاجئ الذي دعا له فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، حيث التوقعات كانت تصب بالإعلان عن مغادرة كريستيانو رونالدو، الذي ارتفع صوته مطالبا بالإيفاء بوعود رئيس النادي بعد تحقيقه مع الميرينجي ثلاثية الأبطال.

لكن كانت الأمور سارت بمنحى مختلف وصادم، فالإعلان كان عن مغادرة زيدان، والمؤتمر لم يأخذ أكثر من دقائق معدودة، تركز خلالها الحديث عن رغبة زيدان بالراحة، والبحث عن أهداف جديدة بعد أن استنفذ كل طموحاته بالفوز بلقب دوري الأبطال ثلاث مرات متتالية، في سابقة لم يبلغها أحد قبله.

كل التوقعات كانت تصب في خانة الراحة التي طلبها من قبله جوارديولا، بعد أن حقق كل شيء مع برشلونة، فرحل الفيلسوف للولايات المتحدة، قضى عاما في الراحة ودراسة اللغة الإنجليزية، ليعود للتدريب من بوابة بايرن ميونخ، ومنه إلى مانشستر سيتي، حيث نفذ ما وعد به بالبحث عن هدف جديد، وتجديد الطموح.

كنا ننتظر زيدان في مانشستر يونايتد، ثم توقعناه في باريس سان جيرمان، وأخيرا بخوض تجربة مثيرة في يوفنتوس، الذي يعتبر عشقا بالنسبة للمدرب الفرنسي ذو الدماء الجزائرية.

تغير البوصلة بين يوم وليلة، قاد زيدان نحو معقله السابق ريال مدريد، وظهر بطل ثلاثية أوروبا على ذات المنصة التي أعلن من خلالها رحيله، ليبث مشاعره الجياشة وحنينه إلى بيته الدافئ الذي احتضن روحه وهو يغادر جسدا، ليمسح كل ما سبق من تشبع الألقاب، ورغبة البحث عن تحد جديد خارج أسوار الملكي.

هل كانت 9 أشهر كافية لراحة زيدان؟ وهل كانت كافية لتجديد الطموح والشغف؟ باعتقادي لا، لأن الظروف السيئة التي مر بها الملكي في موسم صفري، دفعته للموافقة على أن يكون مدرب إنقاذ للمرة الثانية، بعد أن كانت الأولى عقب إقالة بينتيز، وحينها كان الدمار قد حل بالبيت الأبيض، فكان زيدان المنقذ الذي جلب لقب الأبطال، وكاد يفوز بالليجا لولا نقطة فصلته عن برشلونة.

لكن ريال مدريد اليوم، ليس هو ذات الفريق الذي غادره زيدان قبل 9 أشهر، فقائده الحقيقي رحل هناك إلى تورينو، وروح لاعبيه باتت محطمة، ودماؤه بقيت راكدة لم تتجدد فيها الحياة، رغم كل النداءات لبيريز بالتجديد، حيث اكتفى ببعض الصفقات معظمها هامشية واستثناءها الوحيد كان الشاب فينيسيوس، لكنه أيضا يحتاج لمزيد من الوقت وتعزيز خبرته قبل أن يحمل الفريق على كتفيه.

وصل كورتوا رغم وجود حارس بحجم كيلور نافاس الذي كان من أسباب ثلاثية الأبطال، وعاد دياز الذي أحبط كل الآمال الموضوعة عليه، والبقية شباب مثل سبايوس ودياز، وبقي الاعتماد على ذات الوجوه، بل وألقي بنجوم في عهد زيدان مثل إيسكو ومارسيلو واسينسيو على مقاعد البدلاء.

مسؤولية زيدان ستكون كبيرة في إعادة الروح لجسد الريال المنهك، ومهمته بالغة التعقيد، وهو أمام مسؤولية إعادة البناء، في الوقت الضائع، حيث يحتاج حاليا لترميم أضرار الليجا، البطولة الوحيدة التي ما زالت على الأرض رغم الصعوبة التي تصل للاستحالة في الفوز باللقب.

البيرنابيو لا يحتمل الخسارة، وهو سلاح مرفوع بوجه المدرب العائد، وفي حالة عدم تحقق ما وعد به، فقد يكون الإحباط مضاعفا، والغضب بالغا.

زيدان كان عليه العودة مع بداية الموسم، ويخطط من خلف الأسوار للموسم القادم بعيدا عن ضغوطات المباريات الحالية، فهو على علم بكل صغيرة وكبيرة، ولا يحتاج للتعرف على الفريق، والمطلوب هو عملية بناء على أسس جديدة، بجلب الصفقات، وتصعيد الشباب، ومنحهم فرصا أكبر، وهو ما قام به في فترته الأولى.

الخوف على زيدان، ينطلق من أن عودته بهذه الظروف تمثل سيفا ذو حدين، فإما يحقق الآمال الكبيرة الملقاة على عاتقه، وحينها قد يستمر في قلعة الملكي لسنوات قادمة، وإما يفشل في تغيير الواقع الصعب، الذي استعصى على مدربين قبله، وحينها سيكون قرار الخروج ليس بيده، وقد ينعكس على مستقبله كمدرب كبير.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان