
انطلق الجنون الأصفر، مع صافرة الحكم ريكاردو دي بيرجوس، فرحة غامرة وكأن الدنيا اجتمعت بين يدي عشاق البلوجرانا في أول ألقابهم التاريخية، ولكن على ملعب أشد الأندية كرها للجار اللدود.
الاحتفالية لم يكن مقصودا بها بالتأكيد فريق إسبانيول، ولا السخرية من إمكانية تعزيز احتمالات هبوطه، وإيصاله إلى هذا الموقف الصعب من البقاء في الليجا، فنحن في نهاية الدوري والفريق يحصد ما زرع عبر مباريات البطولة ولن تكون الخسارة أمام (العدو) برشلونة هي السبب في دفعهم لمجاهل الهبوط.
إني أغرق أغرق
تعرض برشلونة لهزة لا يمكن تحملها حتى من أعتى فرق العالم، فالفريق استفاق على أزمة كبيرة في خزنة النادي، التي فرغتها إدارة بارتيميو بصفقات لم تجلب للفريق سوى المزيد من التعقيد وخسارة الأموال التي ضاعفت الخسائر وفاقمت الديون لحد الاختناق.
فبارتوميو فعل المستحيل من أجل خلق فريق خارق ينافس به محليا وأوروبيا، ويعيد ذكريات السداسية ويتربع على عرش الكرة والقلوب من جديد، فأنفق ما يزيد عن المليار يورو على شراء عدد من اللاعبين الذين لم يقدموا لكثير للفريق، فديمبلي عاش في المستشفى أكثر من الملاعب، وكوتينيو تبين أنه مجرد مقلب لا يستحق الثمن الباهظ الذي دفع من أجله، وجريزمان أثبت أن جيناته لا تتناسب سوى مع روح أتلتيكو، وغيرها من الصفقات التي مرت مرور الكرام فلم تقدم أو تؤخر في مشوار البلوجرانا باستثناء إضاعة المزيد من الأموال.
|||2|||
تدخلت الهيئة العامة لبرشلونة واقتلعت بارتوميو من الإدارة وجلبت بالأصوات الرئيس الأسبق لابورتا الذي قدم الكثير من الوعود لإعادة مجد البارسا وفي مقدمتها الحفاظ على ميسي وعدم السماح له بالرحيل، وتعزيز الفريق بصفقات كبيرة، لكن الواقع كان أقسى بكثير من الحلم، فاستفاق الرئيس الجديد على كارثة برشلونة، وتبين أن الديون تفوق كثيرا الإيرادات، وأن ميسي لا يمكن أن يبقى في ظل ضغوط رابطة الليجا التي سلطت سيف اللعب النظيف على رقبة النادي.
أحلام لابورتا تحولت إلى كابوس مفزع، فبدلا من النظر بأمل وتفاؤل إلى تحقيق الإنجازا، وجد نفسه يغني أغنية الراحل عبد الحليم حافظ (إني أغرق أغرق)، ويبدأ معه عملية الترميم بدلا من البناء.
رحل ميسي وقبله سواريز، وتم التخلص من كوتينيو بخسارة زادت عن الـ 100 مليون يورو، ومثله جريزمان، ليدخل الفريق نفقا أسود الجدران لا يظهر منه فسحة ضوء قد توصل لنهايته، ليتم التعاقد مع عدد من اللاعبين لإغلاق الثغرات سواء بصفقات مجانية أو مبالغ تسمح بها أوضاع النادي ليرتدي ليفاندوفسكي قميص البارسا الذي طالما عذبه بقميصه السابق، وينجز لابورتا صفقة رافينيا بعد عناء كبير، ويرمم صفوف الدفاع بحضور كوندي وكريستسين وألونسو، لينضموا إلى اللاعبين الشباب بيدري وجافي وأراخوا وبالدي، مع بوسكيتس والبا ودي يونج وديمبلي، وبالطبع الحارس العملاق شتيجن الذي كان له الدور الأبرز في تحقيق هذا اللقب.
حلول مصيرية
بدأ الصراع يظهر للعلن بين لابورتا ورئيس رابطة الأندية الإسبانية تيباس، الذي استخدم كل ما لديه من نفوذ، من أجل الضغط على برشلونة ومنعه من التعاقدات إلا بعد التخلص من الديون المتراكمة، وهو ما جعل رئيس برشلونة يتعلق بأي قشة تخرجه من هذه الورطة لتبدأ الرحلة بالرافعات الاقتصادية التي تسببت في تنازل برشلونة عن جزء كبير من حقوقه في الاستوديوهات، ومن ذلك التفكير في إغلاق قناته التلفزيونية توفيرا للنفقات، ورغم كل ذلك بقيت مشكلة الـ 200 مليون قائمة والتهديدات والضغوطات مستمرة من تيباس، ومنع برشلونة من إبرام حتى عقوده مع عدد من لاعبيه وفي مقدمتهم جافي، وكذلك استحالة استعادة ميسي.
فضيحة التحكيم
لم يستفق برشلونة من صدمة الرافعات، حتى تلقى صدمة أخرى تهدد وجوده بأكمله، وتضعه أمام احتمال سحب ألقابه ومنعه من المشاركة في البطولات الأوروبية، ويتسبب تقرير صحفي حول أموال دفعتها إدارات برشلونة المتعاقبة لنائب رئيس لجنة التحكيم السابق نيجريرا بتحويل رابطة الليجا أوراق القضية للنيابة العامة، ومن بعدها يدخل الاتحاد الأوروبي ومن بعده الفيفا على خط الأزمة والتهديد لبرشلونة في وقت حاسم من الموسم، وصعب كثيرا على إدارة ونجوم الفريق.
فرحة مستحقة
الجنون الذي تلى ضمان برشلونة للقب الليجا بالأمس، والفيديوهات التي شاهدها الجميع لرئيسه ولاعبيه داخل غرفة اللاعبين عقب الفوز على إسبانيول ومن بعدها مواكب الفرح في شوارع المدينة، إنما يدل على أن حالة من الكبت انتابت الجميع نظير ظروف قاهرة تجمعت على الفريق قبل وأثناء الموسم، كانت كفيلة بإحباطه وتراجعه لمراكز الهبوط، بدلا من تحقيقه للقب السوبر، وضمان لقب الليجا مبكرا، والخروج من الكأس في مباراة قبل النهائي أمام الريال في مباراة شهدت ظروفا صعبة على الفريق بغياب عدد كبير من أهم لاعبيه.
فالرسالة لم تكن موجهة أبدا إلى إسبانيول الذي خرج جمهوره عن طوره وهو يهاجم لاعبي برشلونة خلال احتفالية اللقب، بل إلى إسبانيا بأسرها بأن برشلونة ما زال على قيد الحياة وأنه يكافح من أجل البقاء دوما على القمة مهما قست عليه الظروف وتجمع عليه الأعداء.
قد يعجبك أيضاً



