
أسدل الستار مساء الخميس، على منافسات النسخة الحادية والعشرين من بطولة كأس آسيا لكرة اليد التي استضافتها المملكة من 11 إلى 25 يناير 2024 وهي النسخة الاستثنائية التي تألقة بفضل توافر كل العناصر اللوجستية والتنظيمية والفنية والحضور الجماهيري المتميز المساعد على هذا التوهج، ولكن، على قول الأخوة المصريين: «يا خسارة الحلو ما يكملش»، حيث لم تكن نتائج المنتخب البحريني لكرة اليد في البطولة على مستوى الطموحات والتوقعات الذي يرضي الشارع الرياضي البحريني عمومًا وجمهور كرة اليد على وجه التعيين، حيث لم ينجح المنتخب في استثمار الأرض والجمهور المساند له، ليخسر البطولة بعد أن كانت الآمال معلقة على أن يحقق منتخبنا اللقب الآسيوي للمرة الأولى.
فإننا للأسف لاحظنا ثلاثة مشاهد رئيسة لم تنسجم مع هذا التوهج التنظيمي والحضور الجماهيري، يتمثل المشهد الأول تحديدًا في أسلوب تعليق بعض معلقينا -وليس كل المعلقين- على المباريات. فقد تابعت وشاهدت المباريات أحيانا بتعليق بحريني، وأخرى بتعليق خليجي. أما التعليق البحريني- وهو موضوع هذه المقالة- فهو من طراز غريب وعجيب تأخذ المبالغة وتقليد معلقي كرة القدم حصة كبيرة منه، فوصل من بعض المعلقين إلى مستوى الصراخ المزعج والتهريج، وعدم فهمهم لأبسط أبجديات اللغة فضلا عن التكرار المبتذل لجمل ليس لها معنى، ولا تتناسب مع الذوق الرياضي العام، واستعمالهم ألفاظًا أحيانًا بعيدة عن القاموس الرياضي وجنوحهم إلى مفردات شعبوية غريبة عن مسامع المشاهد مثل: «بومب»، «جسوم»، «تايكر».
التعليق الرياضي من أهم ركائز المتعة في عالم الرياضة المعاصرة، وأسرعها وصولاً إلى المتلقى، سواء كان مشاهدًا أو مستمعًا، وذلك لما يتميز به من قدرة على وصف الأحداث بصورة سهلة وبسيطة، وإضافة المزيد من الإثارة والتشويق عليها بما يضيفه من جمل وعبارات جمالية. وهو ما يتطلب ضرورة أن يتمتع المعلق الرياضي بالموهبة، والثقافة الرياضية والوعي الإعلامي ويتعامل مع وصف اللعبة باحترافية ويشد الانتباه ويستطيع التأثير على شريحة عريضة من الجماهير الرياضية. وأبسط المعايير التي يجب أن تتوفر في المعلق الرياضي في كرة اليد أن يكون مارس اللعبة ويتعامل مع الميكرفون باحترافية في الوصف التفصيلي للمباراة بحيادية وقراءة الحدث الرياضي وتقييمه دون تملق أو مجاملة سمجة، إضافة إلى امتلاكه زاد معرفي ثري ورصيد من المعلومات الرياضية وأن يكون مطلعا على مجالات عديدة.
التعليق الرياضي له دور كبير في تطور الرياضة، وأصبح للتعليق برامج دراسية في جامعات وكليات مختصة بهذا النوع من الإعلام. فنحن نعيش في عصر تقني لا تستطيع الموهبة وحدها إسعاف المعلق واقناع المشاهد والمتفرج الذي تطورت عقليته ولم يعد ذلك المتلقي البسيط بل أصبح ملم بكل تفاصيل اللعبة ويحلل ويحاول انتقاء ما ينفعه ويدير ظهره للتهريج والصياح المفتعل والعشوائية والحديث والعبارات المكررة في كل مباراة.
خاتمة الرؤى، أن المعلق «المتصنع» لن يحقق منظومة النجاح ولن يصل إلى درجة الإقناع المطلوبة لدى المشاهد البحريني الذي يتمتع بقدرة كبيرة جدًا على التمييز بين «الطبيعي» «والمتصنع». من هنا يبدو الحديث عن الحاجة إلى الارتقاء بالتعليق الرياضي في كرة اليد، وإعادة النظر في انتقاء واختيار المعلقين أصبح جانبًا ملحًا ليواكب التطور التقني والفني الذي شهدته الرياضة البحرينية.
وللحديث بقية.....
حياة تستمر.. ورؤى لا تغيب
نقلاً عن جريدة الأيام البحرينية
قد يعجبك أيضاً



