انتقلت بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2002 إلى أراض
انتقلت بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2002 إلى أراض جديدة حيث أقيمت في آسيا للمرة الاولى وفي دولتين مختلفين هما اليابان وكوريا الجنوبية. وللمرة الخامسة فارت البرازيل التي تتمتع بتاريخ طويل من النجاح في كرة القدم باللقب وابتعدت أكثر عن أقرب منافسيها إيطاليا وألمانيا في سباق السيادة العالمية في مجال كرة القدم.
كانت بطولة كأس العالم لهذا العام معقدة من عدة أوجه. فأولا: أقيمت البطولة في دولتين مختلفتين لا يجمعها تقليديا سوى العداء والنزاع.
كما لعبت السياسة دورا كبيرا في كأس العالم 2002 حيث أن كل دولة من الدولتين المضيفتين كانت لها حكومتها الخاصة ومصالحها الشخصية مما أدى إلى المنافسة المستمرة بين الدولتين.
وتحول التنظيم إلى كابوس حقيقي بسبب اختلاف اللغات بين الدول المضيفة والمشاركة بالحدث. فقد أقيمت البطولة في 20 موقعا مختلفا وكانت كل المهام تنجز مرتين. هذا بخلاف أن كوريا الجنوبية واليابان دولتان جارتان يفصلهما بحر كل منهما تطلق عليه اسما مختلفا - حيث يسمى البحر الشرقي في كوريا وبحر اليابان في اليابان.
والحقيقة أن أيا من الدولتين لم تكن ترغب في تنظيم كأس العالم مع كل منهما الاخرى. فقد كان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والظروف هي التي اضطرتهما قبل يومين من التصويت النهائي لاختيار الدولة المنظمة في زيورخ عام 1996 لتقديم طلب استضافة مشترك يضمن استضافة آسيا لكأس العالم للمرة الاولى. وعندها فقط انسحبت المرشحة الثالثة لاستضافة كأس العالم 2002 - المكسيك.
وكانت هذه البطولة بمثابة الشوكة في ظهر السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا. فقد انتخب بلاتر لرئاسة الفيفا عام 1998 إلا أن مهندس عملية التنظيم المشترك كان سلفه الرئيس السابق البرازيلي جواو هافيلانج.
وعندما أدرك بلاتر حجم المشكلة التي ورثها عن هافيلانج قال "في المرة المقبلة التي أشرف فيها على شيء كهذا (التنظيم المشترك) يجب أن يكون فيه دولة متفوقة على الاخرى. فالامر أشبه بتنظيم بطولتي كأس عالم في وقت واحد".
وضمن نظام تأهل 32 دولة للنهائيات الذي كان قد طبق بالفعل في بطولة 1998 عدم وجود أي مفاجآت خلال مرحلة التصفيات المؤهلة للبطولة. وللمرة الاولى شارك في النهائيات جميع الدول السبع التي سبق لها الفوز بلقب كأس العالم.
ولكن النهائيات كانت أمرا مختلفا. فحاملة اللقب فرنسا ودعت البطولة دون أن تحرز هدفا واحدا. وصعدت المنتخبات الحديثة مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية للدور التالي على حساب البرتغال وبولندا وهما أكثر قوة كرويا من الدولتين السابقتين.
أما الارجنتين فقد كانت ضحية "مجموعة الموت" حيث خرجت من الدور الاول أيضا بينما تأهلت إنجلترا والسويد لدور الستة عشر.
وكانت كبرى مفاجآت البطولة هي تركيا وكوريا الجنوبية اللتين تأهلتا للدور قبل النهائي. وكذلك السنغال التي تسلمت راية القيادة الافريقية من الكاميرون وقدمت "البهجة الافريقية" للعالم بتأهلها لدور الثمانية للبطولة بعد فوزها على فرنسا 1/صفر في المباراة الافتتاحية بالبطولة وتغلبها على السويد في دور الستة عشر.
إلا أن النجاح الكوري الجنوبي شابه الكثير من القرارات التحكيمية المشكوك في صحتها مما اضطر بلاتر نفسه للاعتراف بارتكاب "العديد من الاخطاء الجسيمة". ففي دور الستة عشر ألغى الحكم الاكوادوري بايرون مورينو هدفا صحيحا لايطاليا وطرد النجم الايطالي فرانشيسكو توتي دون سبب وجيه.
وبعد أربعة أعوام من انتهاء الحدث مازالت أسبانيا تشكو من عدم احتساب هدفين صحيحين لها أحرزهما إيفان هيلجيرا وفيرناندو موريانتس وألغاهما الحكم المصري جمال الغندور.
وأخيرا أوقفت ألمانيا كوريا الجنوبية في الدور قبل النهائي إلا أن أمواج المشجعين الكوريين بقمصان منتخب بلادهم الحمراء التي كانت تملا شوارع البلاد كانت تعود لمنازلها كل يوم راضية تماما عما حققه فريقها. فقد كاد المنتخب الكوري يصل للمباراة النهائية وفي كل الاحوال كان الانجاز الكوري أكبر بكثير من نظيره الياباني الذي لم يتعد دور الستة عشر بالبطولة.
وجاء نهائي 2002 بين البرازيل وألمانيا. اثنان من أكبر الفرق في تاريخ كرة القدم ولكنهما لم يلتقيا كثيرا في بطولة كأس العالم. ووصلت ألمانيا إلى نهائي 2002 برغم أنها لم تقدم أي عروض قوية طوال البطولة بعد أن قطعت مشوارا متوسط المستوى بها لم تلتق فيه بأي من القوى العظمى.
فقد التقت ألمانيا خلال البطولة بمنتخبات السعودية (8/صفر) وأيرلندا (1/1) والكاميرون (2/صفر) في دور المجموعات. ثم باراجواي (1/صفر) في دور الستة عشر. والولايات المتحدة (1/صفر) في دور الثمانية وأخيرا كوريا الجنوبية (1/صفر) في الدور قبل النهائي.
ولكن بالنسبة لالمانيا التي أنقذها حارسها المتألق أوليفر مرات كثيرة خلال البطولة كان مجرد التأهل للنهائي حلم يفوق كل توقعاتها حتى أكثرها جرأة. أما البرازيل التي لم تتعادل حتى طوال البطولة والتقت بإنجلترا في دور الثمانية فقد كانت الهزيمة المشينة في نهائي كأس العالم 1998 مازالت عالقة في أذهان لاعبيها وخاصة رونالدو.
ولذلك كان رونالدو هو من سجل مرتين في نهائي كأس العالم 2002 ليحسم المباراة لصالح البرازيل بمساعدة قائمة طويلة من اللاعبين الموهوبين أمثال رونالدينيو وريفالدو وروبرتو كارلوس وكافو ودينلسون مما أعاد الكأس الغالي إلى البرازيل بعد أن حققت إنجازا غير مسبوق بإحراز لقب كأس العالم للمرة الخامسة في تاريخها.