
وصل المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو إلى إنجلترا ليخوض تجربته الأولى مع نادي تشيلسي في 2004، ومنذ ذلك الحين، أخذت تصريحات المدربين طبيعة أخرى، خرجت من حالة التحفظ والتركيز على فرقهم، إلى سجالات تنوعت وتحولت أحيانا إلى معارك كلامية، بل واشتباك بالأيدي.
في هذه الحلقة من سلسلة (هجمة مرتدة) نعرض للتنافس بين المدربين الفرنسي آرسين فينجر، والبرتغالي جوزيه مورينيو، والذي امتد لما بعد مغادرتهما مقعدي القيادة في كل من آرسنال وتشيلسي بسنوات طويلة.
فينجر يبدأ الحرب
في فبراير 2014، بعد بضعة أسابيع فقط من بداية مشوار مورينيو في فترته الثانية مع تشيلسي، سُئل فينغر عن سبب حرص بعض زملائه الطامحين للقب على التقليل من طموحاتهم. وأضاف: "إنه الخوف من الفشل".
ألقى مورينيو (خطبة مطولة) في رده على فينجر: "هل أنا خائف من الفشل؟ إنه متخصص في الفشل، أنا لست كذلك، إذا افترض أحدهم أنه على حق وأنا خائف من الفشل، فذلك لأنني لا أفشل مرات عديدة، ربما يكون على حق، أنا لست معتادًا على الفشل، لكن الحقيقة هي أنه متخصص في ذلك، لأنه بعد 8 سنوات دون الحصول على أي لقب، هذا هو المعني الحقيقي للفشل".
فينجر رد على هذا التصريح: "انني لا أريد عن اتحدث عن هذا الكلام السخيف الذي يفتقر الى الاحترام".
ثم استطرد قائلا: "لم يسبق لي أن تحدثت عن مورينيو على الاطلاق خلال أي مؤتمر صحفي كما انني لا أنوي أن افعل ذلك الان غير أن الشيء الوحيد الذي اريد ان اؤكده هو أن ما قاله سببا حرجا لناديه تشيلسي اكثر مما أحرجني أنا شخصيا..دعوني أقول بصراحة انني محرج حتى من أجله هو نفسه".
الصناعة المحلية والمتلصص
لكن لو عدنا إلى تجربة مورينيو الأولى، نجد أن فينجر بدأ الهجوم بانتقاده سياسة الشراء التي يتبعها في تشيلسي، وذلك عندما سئل اللاعبين الأجانب في فريقه:
"لا أرى بشكل خاص أن تشيلسي يستخدم عددًا من اللاعبين الإنجليز أكثر منا، من الذي أنتجوه محليًا؟ لاعب واحد فقط، جون تيري".
في بداية الموسم التالي في أغسطس/آب 2005، أعرب فينجر عن مخاوفه بشأن تكتيكات تشيلسي الدفاعية: "أعلم أننا نعيش في عالم لا يوجد فيه سوى فائزين وخاسرين، ولكن الفرق التي ترفض أخذ زمام المبادرة، فإن اللعبة تصبح أقل كفاءة، وتصبح في خطر."
مورينيو رد بشكل بعيد عن الاكتراث: "فينجر لديه مشكلة حقيقية معنا وأعتقد أنه من تسمونه في إنجلترا بالمتلصص. إنه شخص يحب مشاهدة الآخرين البعض عندما يكونون داخل المنزل، يكون لديهم تلسكوب كبير لمراقبتهم، فينجر واحدًا منهم، إنه مرض، إنه يتحدث ويتحدث ويتحدث عن تشيلسي".
رد فينجر على هذه الإهانة "إنه خارج عن النظام ومنفصل عن الواقع وغير محترم، عندما تمنح النجاح لأشخاص أغبياء، فإن ذلك يجعلهم أكثر غباء في بعض الأحيان وليس أكثر ذكاءً."
واصل مورينيو هجومه المرتد "في ستامفورد بريدج، لدينا ملف يحتوي على تصريحات من السيد فينجر حول نادي تشيلسي لكرة القدم في الأشهر الـ 12 الماضية - إنه ليس ملفًا من خمس صفحات، إنه ملف من 120 صفحة."
عندما غادر مورينيو تشيلسي في سبتمبر 2007، انتهت المنافسة المباشرة، ولكن ذلك لم يمنع الثنائي من تبادل الانتقادات لبعضهما البعض من أماكن أبعد.
قال مورينيو في عام 2008: "الإنجليز يحبون الإحصائيات كثيراً، هل يعرفون أن أرسين فينغر حقق 50 في المائة فقط من الانتصارات في الدوري الإنجليزي؟"
رد صاعق بعد التدخل في شأن ريال مدريد
عندما كان مورينيو مدربا لريال مدريد، وحصل تشابي ألونسو وسيرجيو راموس على إنذار لأسباب تكتيكية ضد غلطة سراي من أجل إيقافهما في مباراة إياب مريحة بدلاً من المخاطرة بالغياب عن مباريات مهمة في وقت لاحق من البطولة، كان لدى فينجر الكثير ليقوله.
"عندما ترى كيف يبدو الأمر على شاشة التلفزيون، فإن أفضل دليل على ذلك هو التفكير: "لا تفعل ذلك مرة أخرى أبدًا" يبدو الأمر بصراحة، فظيعًان ومن المؤسف أن نرى ذلك من نادٍ كبير".
ومرة أخرى، استفز المدرب الفرنسي خصمه مورينيو الذي رد بقسوة "بدلاً من التحدث عن ريال مدريد، يجب على السيد فينجر أن يتحدث عن آرسنال ويشرح كيف خسر 2-0 أمام فريق يشارك في دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى، تاريخ الأطفال الصغار أصبح قديمًا الآن سانيا، كليشي، والكوت، فابريجاس، سونج، نصري، فان بيرسي، أرشافين ليسوا أطفالًا، كلهم لاعبون كبار".
ماتا يدخل على خط الأزمة
بعد بداية ودية عند عودة مورينيو إلى تشيلسي في التجربة الثانية، لم يكن فينجر متأثرًا عندما تم بيع خوان ماتا إلى مانشستر يونايتد، وهي خطوة قال إنها يمكن أن تشوه جدول الدوري نظرًا لأن البلوز لعب مباراته الأخيرة ضد يونايتد في الأسبوع السابق.
"لقد لعب تشيلسي بالفعل مرتين ضد مانشستر يونايتد، وكان بإمكانهم بيعه الأسبوع الماضي، أعتقد أنه إذا كنت تريد احترام العدالة للجميع، فلا ينبغي أن يحدث هذا".
لكن مورينيو لم يفوت الفرصة "شكوى فينجر أمر طبيعي لأنه يفعل ذلك دائمًا، عادة يجب أن يكون سعيدًا لأن تشيلسي باع لاعبًا مثل خوان ماتا، لكن هذه طبيعته إلى حد ما، أعتقد أن الأمر غير العادل هو أن فريقه دائمًا لديه أفضل الأيام للعب."
الكيل بمكيالين
بعد مباراة شديدة التنافس على ملعب ستامفورد بريدج، والتي تضمنت طرد جابرييل بعد اشتباك مع دييجو كوستا، انتقد فينجر الحكم مايك دين ولم يعاقبه الاتحاد الإنجليزي، في المقابل، مع بداية تشيلسي البائسة للدفاع عن لقبه، حيث خسر بنتيجة 1-3 على أرضه أمام ساوثهامبتون، أطلق مورينيو خطبة مدوية استمرت هذه المرة سبع دقائق، قال فيها: "الحكام يخشون اتخاذ قرارات لصالح تشيلسي". أدت هذه التعليقات إلى فرض غرامة قدرها 50 ألف جنيه إسترليني على مورينيو وإيقافه عن اللعب لمباراة واحدة.
القرار أدى إلى غضب مورينيو، الذي انتقد (ازدواجية المعايير): "في هذا البلد، هناك مدير واحد فقط لا يتعرض للضغط، كل المدربين الآخرين يتعرضون للضغط، هناك واحد خارج تلك القائمة، لكنه سعيد بما يقوم به، أنت تعرف من".
"الشخص الذي يمكنه التحدث عن الحكام قبل المباراة، بعد المباراة، يمكنه دفع الناس في المنطقة الفنية، يمكنه الشكوى، يمكنه البكاء في الصباح وبعد الظهر، لا يحدث له شيء، يحافظ على وظيفته، يجب أن يكون الملك".
"في كتاب القواعد يقول أن بعض المديرين يمكنهم التحدث عن الحكام قبل وبعد المباريات، البعض الآخر لا يستطيع ذلك، أنا في قائمة أولئك الذين يعاقبون إذا تحدثوا عن الحكام".
من الإهانة اللفظية إلى الاشتباك بالأيدي
بعد تبادل الإهانات اللفظية، تصاعدت المنافسة بين المدربين جسديًا في أكتوبر 2014 عندما دفع فينجر مورينيو أثناء مشاجرة على خط التماس في ستامفورد بريدج.
وقال فينجر في تعقيبه على ما جرى: "بعد فوات الأوان، أعتقد أنه لم يكن ينبغي عليّ الرد على الإطلاق، إنها ليست طريقة للتصرف في ملعب كرة القدم، هل استفزني مورينيو؟ هذا ما شعرت به، لم أدخل المنطقة الفنية لتشيلسي".
اليونايتد لم يغيّر مورينيو
بعد انتقال مورينيو إلى مانشستر يونايتد، لم يضع الكثير من الوقت قبل أن يهاجم منافسه الفرنسي، وردا على سؤال حول موسمه السيء في 2015-2016 مع تشيلسي وما أثر ذلك على سمعته، قال مورينيو: "هناك بعض المديرين، آخر مرة فازوا فيها بلقب كانت قبل 10 سنوات، وآخر مرة فزت بها كانت قبل عام، إذا كان لدي شيء لأثبته، فتخيل الآخرين! إن احتلال المركز الرابع ليس هو الهدف."
ولم يكن مورينيو معجبا بانتقادات فينجر للمبلغ المالي الكبير الذي دفعه مان يونايتد لشراء بول بوجبا، حيث قال مدرب آرسنال: "إنفاق 89 مليون جنيه إسترليني من أجل شراء لاعب مجنون تمامًا".
ورد مورينيو قائلا: "عندما سمعت بعض التعليقات من بعض المدربين، لا أعتقد أنهم واجهوا هذه المشكلة على الإطلاق لأنه لكي تواجه هذه المشكلة، يجب أن تكون في أحد أفضل الأندية في العالم، في مانشستر يونايتد، يمكن أن يحدث ذلك."
مورينيو في روضة الأطفال
في أكتوبر من عام 2020، أصدر فينجر كتابا يتضمن مذكراته، لكنه لم يأت على ذكر مورينيو من قريب أو بعيد، وعلق البرتغالي على ذلك:
"فينجر لم يذكرني في مذكراته لأنّه خسر أمامي دائما، وبالتالي لا يريد أرسين أن يتذكر الأمور السيئة".
وجاء رد فينجر: "تعليق مورينيو حول غياب ذكره في كتابي؟ لا يزعجني، إنها طريقته الدائمة في إزعاجي، أشعر وكأنني في روضة الأطفال معه، ولكن هذا الأمر جزء من شخصيته".
وتابع: "إنه مخطئ في حساباته، انتصرت عليه مرتين وتعادلنا في أكثر من مناسبة، كما أنّ النتائج لا تتعلق به فقط كمدرب ولكن بالفريق ككل، وظيفة المدرب إخراج أفضل ما في لاعبيه".
العداوة الممتعة
بعد كل هذه المعارك والهجوم المتبادل، خرج مورينيو بتصريح طريف حول علاقته مع آرسين فينجر: "إنّه مدرب ذكي وبين الأفضل في التاريخ دون شك، وحينما وصلت إلى انجلترا كان يمتلك الفريق الذي لا يُقهر".
وتابع: "حتى مانشستر يونايتد بقيادة السير أليكس فيرجسون عانى أمام أرسنال، وكان تشيلسي الفريق الثالث الذي جاء للمنافسة وأصبحنا بعضها في "عداوة ممتعة".
وختم: "استمتعت كثيرًا بالمنافسة سويًا وأحترمه كثيرًا رغم أنّ هناك بعض المواقف لا أقول إنني أندم عليها لأنّها جزء من علاقتنا سويًا ولا أستطيع العودة وحذفها من التاريخ".
قد يعجبك أيضاً



