Getty Imagesلم يكن مساء الأحد عاديا بالنسبة لجماهير ليفربول، كما كان مؤلما بالنسبة لنجمها الأول محمد صلاح، الذي عاش واحدة من أكثر مبارياته خفوتا منذ ارتداء القميص الأحمر، في الخسارة 1-2 أمام الغريم التقليدي مانشستر يونايتد ضمن الجولة الثامنة من الدوري الإنجليزي الممتاز.
انتظر الحضور على مدرجات "آنفيلد، تألق صلاح ليعيد الأمور إلى نصابها في ليفربول بعد 3 هزائم متتالية في كافة المسابقات، لكن مساهمته جاءت باهتة ومخيبة، ليخرج مستبدلاً في لحظة متأخرة، عكست حجم تراجع تأثيره في الفريق مؤخراً.
منذ صافرة البداية، بدا صلاح بعيدا تماما عن حالته المعتادة، افتقد اللمسة الأولى، وأضاع تمريرات سهلة في مناطق مؤثرة، بينما ظهر افتقاره للانسجام مع كودي جاكبو وألكسندر إيزاك في الثلث الأخير.
ومع مرور الدقائق، بدأ التوتر يزداد في مدرجات آنفيلد كلما لمس النجم المصري الكرة، في ظل عجزه عن تجاوز ديوجو دالوت الذي تفوق عليه بدنيا وتكتيكيا في معظم المواجهات الفردية.
الفرصة الأكبر جاءت في الدقيقة التي يمكن أن تُختصر بها المباراة. بعد سلسلة من الضغط الهجومي، سقطت الكرة أمام صلاح داخل منطقة الجزاء، في موقع يسجل منه عادة دون تردد.
مؤشر الـxG وضعها عند 0.23، أي أنها فرصة جيدة إلى حد كبير، لكن المصري فشل في تسديدها نحو المرمى، لتذهب الكرة بعيدا وسط دهشة الجميع.
زميله كورتيس جونز بدأ الاحتفال فعلاً، وركض باتجاه خط المنتصف ظنا أن صلاح سجل، قبل أن يضع رأسه بين يديه غير مصدق لما حدث.
لم يتردد مدافع ليفربول السابق جيمي كاراجر، خلال مشاركته في التعليق على المباراة لشبكة "سكاي سبورتس"، في انتقاد النجم المصري قائلاً: "ذلك التبديل (إشراك فيديريكو كييزا مكان ألكسندر إيزاك)، كان يمكن أن يكون إيزاك أو صلاح".
وأضاف "صلاح كان سيئاً جداً بالكرة. جماهير ليفربول كانت دائماً أكبر داعميه، لكنه يجب أن يقدم أكثر. لقد كان مهملا للغاية في استحواذه وتمريراته".
رسالة واضحة
تصريحات كاراجر لخصت الإحباط الذي يعيشه المشجعون، فبعد سنوات من الاعتماد شبه الكامل على صلاح كمصدر للأهداف والإلهام، وجدوا أنفسهم يشاهدون نسخة باهتة من اللاعب الذي حطم أرقاما قياسية في مواجهات الفريقين.
وسائل الإعلام البريطانية لم ترحم صلاح بعد اللقاء، فقد منحه أكثر من موقع تقييم 5 من 10 فقط، وكتب أحد المراسلين: "هو صاحب أكثر المساهمات التهديفية في تاريخ مواجهات ليفربول ومانشستر يونايتد في الدوري، لكنه بدا بعيدا تماماً عن مستوياته الفلكية السابقة، سدد الكرة بشكل مروع بعيداً عن المرمى بعدما كان مرشحاً للتسجيل من مسافة قريبة، وارتكب أخطاء فنية غريبة، تمريرة رائعة واحدة إلى جاكبو في الشوط الأول لم تشفع له، استُبدل بينما الفريق كان بحاجة إلى هدف، وتلك كانت الرسالة الأوضح من كل شيء".
من الواضح أن صلاح يمر بفترة من التراجع البدني والذهني، فبعد سنوات من اللعب المتواصل دون راحة حقيقية، ومع ضغط المباريات محلياً وقارياً، يبدو أن لياقته الذهنية تأثرت أيضا. غابت عنه الحدة في اتخاذ القرار، وفقد الشجاعة في المراوغة والاختراق، وهي السمات التي جعلته يوماً من أفضل أجنحة العالم.
بعض المراقبين أشاروا إلى أن وجود ألكسندر إيزاك بجانبه لم يخدمه بالشكل الكافي، إذ يتحرك المهاجم السويدي في نفس المساحات التي يفضلها صلاح، ما قلل من فرص المصري في الدخول إلى العمق، لكن الحقيقة الأوضح أن صلاح نفسه لم يُظهر رغبة كافية لاستعادة هيمنته.
على مواقع التواصل، عبّر عدد كبير من جماهير ليفربول عن صدمتهم من مستوى نجمهم.
كتب أحدهم: "هذه ليست نسخة صلاح التي نعرفها، الرجل يبدو تائهاً وكأنه فقد شغفه". بينما قال آخر: "صلاح كان يحتفل بالماضي اليوم، لا يعيش الحاضر. يجب أن يعود سريعاً قبل فوات الأوان".
بعض الأصوات طالبت بجلوسه على دكة البدلاء في المباراة المقبلة لإراحته وإرسال رسالة تحفيزية، بينما دافع آخرون عنه معتبرين أن كل لاعب يمر بفترة تراجع وأن صلاح يستحق الثقة والصبر بعد كل ما قدمه للفريق.
وعندما قرر المدرب سحب صلاح والنتيجة تشير إلى تأخر ليفربول 1-2 مقابل إشراك فريمبونج، خيم الصمت على المدرجات.
كان المشهد رمزيا للغاية، نجم الفريق يغادر دون تصفيق حار أو حتى صيحات استياء، فقط نظرات صامتة بين المشجعين توحي بالقلق من تراجع تأثير اللاعب الذي طالما أنقذهم في المواقف الحرجة.
في ليلة كانت تنتظر فيها جماهير الريدز استعادة الفريق لبريقه أمام غريمه الأزلي، تحوّلت الأضواء لتسلط على أكبر علامات الاستفهام: ماذا يحدث لمحمد صلاح؟ وهل فقد "الملك المصري" سحره التهديفي أم أنها مجرد كبوة عابرة قبل عودته المعهودة؟





