
أيام قليلة تفصلنا عن حفل جائزة الكرة الذهبية، والأصابع بدأت تتوجه مبكرا نحو قائد المنتخب الأرجنتيني ليونيل ميسي، باعتباره المرشح الأكبر للجائزة، بل وذهب البعض إلى التسليم بأنه الأجدر بحملها للمرة الثامنة في مشواره الطويل مع كرة القدم.
قد تكون المنافسة في هذه الدورة مختلفة، حيث ميزان العدل يجب أن يكون أكثر دقة في الفصل بين المتنافسين الثلاثة الذين استقرت عليهم لجنة التصويت، والتي تضم إلى حانب ميسي كل من إيرلنج هالاند نجم مانشستر سيتي الإنجليزي، الذي حقق الثلاثية مع فريقه بحصد دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي وكأس إنجلترا، في إنجاز فريد لم يتحقق لفريق إنجليزي منذ 24 عاما، والثالث هو الفرنسي كيليان مبابي هداف مونديال قطر برصيد 8 أهداف والمتوج بالوصافة بعد معركة كروية هائلة في النهائي بالتنافس مع زميله السابق ميسي، الذي شاركه لقب الدوري الفرنسي.
لو أدخلنا ما حصله النجوم الثلاثة في تقنية الذكاء الصناعي، لكان الترتيب بصدارة هالاند الذي توج بجائزة أفضل لاعب في أوروبا إلى جانب هداف دوري الأبطال ومعه طبعا الألقاب الثلاثة، وفي المركز الثاني سيكون ليونيل ميسي باعتباره توج بكاس العالم مع استثناء لقب الدوري الفرنسي باعتباره لا يدخل ضمن منافسات القمة الأوروبية، وفي المركز الثالث كيليان مبابي الذي حقق وصافة المونديال وغاب فريقه باريس سان جيرمان عن التتويج الأوروبي.
لكن تبقى هناك أمور ما زال الخلاف عليها جاريا، فهل الجائزة للقدرة الفنية للاعب، ومشواره الفردي في التأثير على النتائج، أم للدور في الإنجاز الجماعي؟ وهي حالة أثارت التساؤلات مع كل نسخة من المونديال، ونذكر جيدا حين تنافس ميسي مع زميليه أنييستا وتشافي في نسخة 2010، وحينها تقدم الثنائي الإسباني على زميلهم في برشلونة بتحقيق لقب المونديال الذي خرج منه رفقاء ميسي مبكرا، لكن في النهاية ذهبت الكرة الذهبية لميسي بتفسيرات تتنافض مع ما نسمعه اليوم.
على جميع الأحوال، حتى لو فاز ميسي بالكرة الذهبية فهو يستحقها دون أي مجاملة، فما قام به في مونديال قطر كان استثنائيا، وشخصيته وتاثيره كانا واضحين على الفريق، وكما قال جوارديولا فإن ميسي يستحق الكرة الذهبية طالما أنه يلعب، حتى لو سجل هالاند 50 مليون هدف، وكما قال الأسطورة البرازيلية رونالدو فإن ميسي الأجدر بها، وستكون على الغالب الكرة الذهبية الأخيرة في مشواره القياسي من هذه الجائزة، وقد لا نشهد في المستقبل المنظور لاعب قادر على منافسة ميسي في هذا الكم الكبير من الكرات الذهبية، مهما كانت موهبته، ولنضرب مثلا بسيطا، فميسي عندما كان في عمر مبابي الحالي (24) سنة، كان يمتلك 3 كرات ذهبية، وفي عمر هالاند كانت لديه كرتان ذهبيتان!
كلمة أخيرة
في النهاية تبقى كلمات داخل فم مليء بالماء، ومشاعر يكسوها الألم، ويعولها الفخر بأن الفجر سيلوح في الأفق بعد الليل الطويل، وتبقى الألسنة تلهج بالدعاء لمن ظلموا وشردوا وهجروا، والذين نعتذر منهم في كل لحظة غفلنا فيها عنهم، ولكن يكفيهم أنهم أفضل منا جميعا.


