
الحمد لله أن جاءنا كأس دبي العالمي، أمس الأول، فهدأ من روعنا، وطيب خاطرنا، وأمهلنا بعض الوقت كي نستريح، ونستبدل مشاهد المنتخب أمام اليابان، بإبداع دبي الذي لا ينتهي.
والآن، ماذا بالإمكان أن نفعل أو نقول؟.. تلك الزاوية تعاقبتها كل فصول الموسم وكل أشكال المد والجزر، فأرعدت وأمطرت فرحاً وحزناً واستكانت كالخريف، وتفاءلت كالربيع، والتهبت كحر الصيف، لكنها أبداً لم تكن المحصلة.. كان كلام الملعب أجدى وأبقى، وأحياناً خارج كل توقعات السطور.. يأتي الملعب بلغة خاصة، ومعادلات خاصة، ودائماً لا يكترث بما في الصدور، فلسنا وحدنا من لنا صدر وقلب.. اليابانيون أيضاً لهم.
ربما مسلك العتاب والهجوم، يحقق قراءة أكثر، وكيْلُ الاتهامات على الجهاز الفني، يشفي غليل الصدور، وتوزيع الاتهامات يميناً ويساراً يجعلني من أولئك المحاربين بالقلم، المدافعين عن أحلام البسطاء في أن يروا فريقهم في كأس العالم، وكان ممكناً أن أنحو هذا المنحى، لولا أن عدة أيام فصلت بين ما انتهت إليه مباراة «الأبيض» مع اليابان، وبين الكتابة، فلاحت فرصة نادرة تغلب فيها العقل على القلب، وتغلبت الأرقام والحسابات، على المشاعر والنبضات.
عملياً، لا يزال الأمر قائماً، ولا زلنا نملك الفرصة، ليس فقط بانتهاء مباراة اليابان، ولكن حتى لو انتهت مباراة أستراليا - لا قدر الله - على غير ما نتمنى.. إذن ما المانع أن ننتظر.. ما المانع أن أصدق أنا أولاً ما أقوله عن ضرورة ألا نحاسب بالقطعة، وأن ننتظر حتى ينجلي كل شيء، وساعتها سيكون لدينا متسع لحساب الجميع، حتى أنفسنا.
ستقولون: لكن اليابان كانت على أرضنا؟.. سأقول ونحن فزنا هناك على أرضهم البعيدة، ولم نتصور ذلك ولم ننتظره.. لكنه حدث، ومن يدري، ربما تتكرر المفاجأة، في مباراة أخرى لا ننتظر منها شيئاً.. ربما يدخر لنا القدر، ضوءاً في آخر النفق، أو نافذة في آخر الجدار الطويل.
أعلم أن الشارع يغلي، لكن ماذا لو سكبت أنا «البترول» على النار.. ماذا لو زاد من يحترقون واحداً.. لن أكون جديداً.. وماذا لو جنحنا إلى الهدوء.. ماذا لو أجبرنا النفس على الصبر حتى نصل إلى نهاية الطريق.. ماذا لو خالفت النفس هواها، وانتصرت على آلامها، وتسامت فوق مشاعرها.
هم يعلمون قبلنا أنهم مقصرون.. كل من في المنتخب يعلم ذلك، ويعلمون أننا لسنا في انتظار الفوز، بقدر ما نحن في انتظار أن يعودوا كما نعرفهم حتى ولو خسروا.. هم يعلمون أننا نحب «الرجال» أكثر ممن يجلبون النقطة أو الثلاث، وحين تنتهي الأمور، سنجلس وسنعرف «من الذي خذلنا».
كلمة أخيرة:
كل شيء له فرصة ثانية.. إلا الثقة
نقلا عن صحيفة الإتحاد
قد يعجبك أيضاً



