إعلان
إعلان

من الدرجة الرابعة إلى حلم الكامب نو.. "بويول الجديد" يلفت الأنظار في برشلونة

حسين حمدي
01 نوفمبر 202505:12
Hafiz GaribaHafiz Gariba instagram

يعيش نادي برشلونة هذه الأيام قصة جديدة من قصص الصعود التي تشتهر بها أكاديمية "لا ماسيا"، بطلها المدافع الغاني الشاب حفيظ جاريبا، الذي خطف الأنظار بموهبته الكبيرة وشخصيته القيادية داخل المستطيل الأخضر، ليصبح أحد أبرز المواهب الصاعدة في صفوف فريق الشباب (أ) بالنادي الكتالوني، وسط مقارنات متزايدة مع أسطورة الدفاع السابقة كارليس بويول.

ووفقًا لصحيفة سبورت الإسبانية، فإن جاريبا البالغ من العمر 18 عامًا يُعد من أبرز اكتشافات الموسم الحالي في فريق الشباب الذي يتصدر الدوري المحلي ودوري أبطال الشباب. ورغم أن صفوف الفريق تضم العديد من العناصر المميزة، فإن قصة المدافع الغاني تبقى الأكثر إلهامًا، لما تحمله من تفاصيل استثنائية عن رحلة كفاح بدأت من أدنى درجات كرة القدم الكتالونية وانتهت عند أبواب "لا ماسيا" العريقة.

من تيشي الغانية إلى برشلونة

وُلد حفيظ جاريبا في مدينة تيشي الغانية قبل 18 عامًا، ووصل إلى برشلونة قبل نحو ستة أشهر فقط، في المراحل الأخيرة من الموسم الماضي. وعلى الرغم من حداثة عهده بالنادي، إلا أنه سرعان ما أصبح أحد الركائز الأساسية في تشكيلة المدرب بول بلاناس، بفضل قدراته الفنية العالية في بناء اللعب من الخلف، وروحه التنافسية اللافتة التي أسرَت قلوب متابعيه في وقت قصير.

بدأت رحلته في إسبانيا من مكان متواضع، حين انضم الموسم الماضي إلى نادي إسبورتيـو كودولار، وهو فريق صغير من حي "إل كارميلو" في برشلونة. هناك خاض الشاب الغاني 13 مباراة على ملعب "هورتا البلدي" مرتديًا القميص الأبيض والأسود، وساهم بفضل مستواه الثابت في قيادة فريقه إلى الصعود نحو الدرجة الثالثة الكتالونية، وهي خطوة مهمة في مسيرته المبكرة.

يشرف على تدريب كودولار حاليًا داني تورتوليرو، أحد خريجي أكاديمية برشلونة السابقين، والذي سبق له الظهور مع الفريق الأول تحت قيادة الهولندي لويس فان خال. وخلال تلك الفترة، كان جاريبا يجمع بين تدريباته مع الفريق ومشاركته في برنامج تطوير مهاراته في أكاديمية مارسيت الشهيرة، التي تعد واحدة من أبرز المدارس الأوروبية في اكتشاف وصقل المواهب حول العالم.

من أكاديمية مارسيت إلى "لا ماسيا"

انتقل جاريبا من غانا إلى برشلونة خصيصًا للانضمام إلى أكاديمية مارسيت، التي صقلت موهبته وعرّفته على أساليب التدريب الحديثة في أوروبا. وقال اللاعب في تصريحات لموقع الأكاديمية: "منذ طفولتي كنت مؤمنًا بقدرتي على أن أكون لاعب كرة قدم محترف. عائلتي وأصدقائي كانوا دائماً مصدر دعمي وتشجيعي على العمل الجاد."

وأضاف موضحًا كيف بدأت رحلته: "اكتشفني كشافون في غانا بعد أن شاهدوني في إحدى المباريات، ثم تواصلوا مع وكيلي الذي أخبرني عن أكاديمية مارسيت. بدأت أتابعهم عبر الإنترنت وأشاهد تدريباتهم، وشعرت أن هذا هو المكان المثالي لتحقيق حلمي."

تلك الخطوة كانت نقطة التحول في مسيرته، إذ ساعدته الأكاديمية على تطوير مهاراته الفنية والتكتيكية، ما جعله ينتقل إلى مستوى جديد من النضج الكروي. وبعد فترة قصيرة من التدريب المكثف، لفت أنظار كشافي برشلونة الذين تابعوه عن قرب حتى تقرر ضمه رسميًا إلى صفوف النادي الكتالوني.

تطور سريع وبداية واعدة

منذ وصوله إلى برشلونة، أظهر حفيظ جاريبا تطورًا سريعًا ومدهشًا. ففي نهاية الموسم الماضي، شارك تحت قيادة بول بلاناس في تسع مباريات بإجمالي 607 دقائق، سجل خلالها هدفًا واحدًا. كما نال فرصة الظهور لأول مرة مع برشلونة أتلتيك في نصف نهائي كأس كتالونيا أمام إسبانيول، في تجربة اعتبرها اللاعب خطوة مهمة نحو حلمه الأكبر.

بفضل هذا الأداء المقنع، قررت إدارة الفئات السنية في برشلونة ترقيته هذا الموسم إلى فريق الشباب أ، حيث أثبت مجددًا نضجه التكتيكي وتفانيه الكبير في التدريبات. ويصفه مدربوه بأنه "مدافع أنيق وذكي، يجمع بين الهدوء في بناء اللعب والصرامة في المراقبة الفردية"، وهي صفات نادرة في هذا العمر المبكر.

كارليس بويولEPA

شخصية قيادية وقدوة ملهمة

ورغم صغر سنه، يملك جاريبا شخصية قيادية واضحة داخل الملعب، وهو ما دفع كثيرين لتشبيهه بالأسطورة كارليس بويول، المدافع الذي مثّل روح برشلونة لعقد كامل. وعند توقيعه مع النادي، كشف جاريبا عن اللاعب الذي ألهمه منذ الصغر قائلاً: "كنت أشاهد مباريات برشلونة منذ طفولتي، وكان لاعبي المفضل دائماً هو كارليس بويول. أريد أن أتعلم منه وأثبت أنني أستحق أن أنتمي لهذا النادي."

ويُعرف المدافع الغاني بانفتاحه الكبير على التعلم وتقبله للنقد البنّاء. ويروي تجربته التدريبية قائلاً: "في غانا، بعد المباريات، لم يكن أحد يُحلل أداءك. أما هنا، فيعرضون عليك مقاطع الفيديو ويشرحون لك ما يجب تحسينه. هذا ساعدني كثيراً على التطور."

رحلة لا تعرف التراجع

يدرك حفيظ جاريبا أن طريق الوصول إلى برشلونة أتلتيك أو الفريق الأول لا يزال طويلاً وشاقًا، لكنه في المقابل مؤمن بأن الاجتهاد هو سبيله الوحيد لتحقيق حلمه. فقصته، التي بدأت من أحياء متواضعة في برشلونة، وصولًا إلى أسوار "لا ماسيا"، تعكس إصرارًا لا يلين وطموحًا لا حدود له.

وتشير صحيفة سبورت إلى أن اختياره لبويول كقدوة لم يكن صدفة، إذ يشترك معه في الإصرار على التطور والمثابرة رغم الصعوبات. ويؤمن مسؤولو برشلونة بأن استمرار نموه بهذا النسق قد يجعله أحد الوجوه المستقبلية البارزة في دفاع النادي الكتالوني، وربما أحد الأسماء التي ستحمل راية "البلوجرانا" في السنوات القادمة.

فمن الدرجة الرابعة الكتالونية إلى أبواب "كامب نو"، يُجسّد حفيظ جاريبا قصة نجاح نادرة، عنوانها العزيمة والإيمان بالذات، ليؤكد مجددًا أن "لا ماسيا" ما تزال قادرة على صقل المواهب وتحويل الأحلام الصغيرة إلى مجدٍ كتالوني كبير.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان