
يترقب عشاق كرة القدم مواجهة ملحمية تجمع إنتر ميلان الإيطالي وباريس سان جيرمان الفرنسي في نهائي دوري أبطال أوروبا لموسم 2024-2025، المقرر إقامته يوم 31 مايو/أيار الجاري على ملعب أليانز أرينا في ميونخ.
وفي خضم هذا الزخم الأوروبي، تستدعي الذاكرة واحدة من أكثر اللحظات إثارةً للجدل في تاريخ البطولة… نهائي 1996 بين يوفنتوس وأياكس، حيث توج فريق "السيدة العجوز" بلقب لا يزال موضع نقاش حتى اليوم.
في عام 1994، كان يوفنتوس قد غاب عن التتويج بلقب الدوري الإيطالي لثمانية أعوام، مما أثار قلق عائلة أنييلي، المالكة للنادي عبر إمبراطورية "فيات" للسيارات. قرر الشقيقان جيوفاني وأومبرتو أنييلي البدء في إصلاح شامل لإدارة النادي بهدف استعادة الهيبة المفقودة.
تم تعيين أنطونيو جيراودو مديرًا عامًا، ولوتشيانو موجي مديرًا رياضيًا، إلى جانب المهاجم السابق روبرتو بيتيجا نائبًا للرئيس. اتخذ الثلاثي قرارًا حاسمًا بتعيين مارتشيلو ليبي مدربًا للفريق، في خطوة شكلت بداية عصر جديد.
لم تتوقف الثورة عند المستوى الإداري والفني، بل شملت الجهاز الطبي، حيث تمت ترقية الدكتور ريكاردو أجريكولا، المتخصص في علم الأعصاب، إلى منصب طبيب الفريق. هذا القرار سيثير عاصفة في السنوات اللاحقة.
عصر ذهبي ليوفنتوس
حققت هذه التغييرات نجاحًا مذهلاً، إذ بدأت المواهب الكبيرة مثل زين الدين زيدان وأليساندرو ديل بيرو بالتدفق إلى الفريق.
وانطلق يوفنتوس في حقبة ذهبية، حيث فاز بلقب الدوري الإيطالي أعوام 1995، 1997، و1998، إضافة إلى التتويج بالسوبر الأوروبي مرة واحدة، وكأس إيطاليا مرة واحدة، ولقب السوبر الإيطالي مرتين.
وكان الإنجاز الأبرز هو التتويج بدوري أبطال أوروبا عام 1996 بعد الفوز على أياكس بركلات الترجيح عقب التعادل 1-1 في المباراة النهائية.
ظلال الجدل.. اتهامات المنشطات
لكن هذا النجاح لم يخلُ من الجدل، إذ بدأت التساؤلات تُطرح حول أسباب هذه السيطرة. في عام 1998، أثار زدنيك زيمان، مدرب روما آنذاك، ضجة بتصريحه لمجلة "إسبرسو" بأن كرة القدم يجب أن "تخرج من الصيدليات"، مشيرًا بشكل مباشر إلى لاعبي يوفنتوس. هذا التصريح دفع القاضي رافاييل جوارينييلو في تورينو إلى فتح تحقيق، كشف عن أدلة صادمة.
واتُهم يوفنتوس باستخدام هرمون الإريثروبويتين، وحُكم على طبيب النادي أجريكولا بالسجن 22 شهرًا وغرامة 2000 يورو بتهمة الاحتيال الرياضي من خلال توفير عقاقير محسنة للأداء، خاصة الإريثروبويتين، للاعبين بين عامي 1994 و1998.
وأشار أخصائي أمراض الدم جوزيبي دونوفريو إلى أن لاعبي خط الوسط أنطونيو كونتي وألينسيو تاكيناردي تناولا هذا الهرمون لمعالجة فقر الدم، مع احتمال تورط سبعة لاعبين آخرين، وهم: أليساندرو ديل بيرو، أليساندرو بيرينديلي، ديديه ديشامب، ديماس، باولو مونتيرو، جيانلوكا بيسوتو، ومورينو توريشيلي، بتناول جرعات صغيرة من الهرمون.
أدلة التحقيق
خلال التحقيقات، عثر المحققون على 281 نوعًا من الأدوية في مقر النادي، لكن القليل منها كان محظورًا من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، ولم يتم العثور على دليل مادي على استخدام الإريثروبويتين. ومع ذلك، أظهر حجم الأدوية أن النادي كان مجهزًا كمستشفى صغير.
وبحلول كانون الثانى/يناير 2002، قدم خبيران مستقلان تقريرًا يؤكد أن النادي زود لاعبيه بأدوية تُصرف بوصفة طبية دون مبرر علاجي، بهدف تعزيز الطاقة وتسريع التعافي.
ومن بين هذه الأدوية، مضادات التهاب ومسكنات استخدمها 32 لاعبًا دون حاجة، وعقار مضاد للاكتئاب استخدمه 23 لاعبًا دون أعراض اكتئاب، وعقار لحماية القلب استخدمه 14 لاعبًا.
ضجة المحاكمة
أثارت المحاكمة ضجة كبيرة، خاصة مع شهادات نجوم مثل زيدان وديل بيرو، وطالب لويس فان جال، مدرب أياكس الذي خسر نهائي 1996، بسحب اللقب من يوفنتوس.
وفي عام 2007، أصدرت المحكمة العليا الإيطالية حكمًا نهائيًا يؤكد عدم إثبات تعاطي المنشطات من قبل لاعبي يوفنتوس بسبب غياب أدلة قاطعة على استخدام الإريثروبويتين.
وأوضحت المحكمة أن استخدام أدوية غير محظورة صراحةً لا يخضع لعقوبات رياضية، ولم يتم تسجيل أي حالة إيجابية مؤكدة لتعاطي المنشطات، مما أدى إلى تبرئة طبيب النادي.
ورغم كل ما حدث، بقي لقب دوري أبطال أوروبا لعام 1996 في خزائن يوفنتوس، لكن هذه الحقبة لا تزال تثير الجدل، وتُعتبر واحدة من أكثر الفصول غموضًا وإثارة للجدل في تاريخ اللعبة.