
بإطلاق التصنيفات نصاب بحالة من العمى، ونعجز عن فهم الناس وإدراك طبائعهم، فنفقد بذلك قدرتنا على التمييز، ويقع الخلاف بيننا لأننا عممنا صفة ما على فئة من البشر، وحمّلنها بهذا التعميم ما لا يُحتمل، وأوضح دليل على ذلك تصنيف مشجعي كرة القدم المتعصبين لأنفسهم>
فلو قيل إن فلاناً هو برشلوني متعصب حتى النخاع، فلا يدل هذا التصنيف على أن الشخص البرشلوني يلعب كوسط ارتكاز في الفريق الكاتالوني الشهير، وأنه هو المسؤول الأول عن تحويل الكرات العرضية والتمريرات القاتلة لنجم الفريق ليونيل ميسي، والحقيقة أن هذا الشخص لا يعدو كونه مجرد مشجع.
«أردت أن تحصر متعصباً في زاوية فما عليك إلا أن تسأله: كيف ستكون حالك مع الفريق إن خَفَتَ نجمه وخرج من دوري الكبار؟".
والمتأمل سيجد أن المشجع المتعصب لم يكن ليسمع عن الدوري الإسباني «الليغا»، لولا الصحوة الكروية التي حملتها لنا قنوات التلفزة الفضائية، وكاذب كل من ردد أن انتماءه البرشلوني قد تشربه جيلاً من بعد جيل، والأشد كذباً من يردد أن سبب تعصبه لهذا الفريق دون سواه، هو الفنيات العالية التي يمتلكها وحده، ولو أن المتعصبين لفرقهم صدقوا في هذا الادعاء لما رأينا كل هذا التزمت، فمن يبحث عن الفنيات سينفتح على جميع الفرق، وسيشجع كل من يمتلك المهارة الفنية، بغض النظر عن لون قمصانه، وإن أردت أن تحصر متعصباً في زاوية فما عليك إلا أن تسأله: "كيف ستكون حالك مع الفريق إن خَفَتَ نجمه وخرج من دوري الكبار؟" عندها ستعرف عمق التعصب الأعمى وأبعاده.
وحول هذه الفئة المتعصبة تجد جمهوراً عريضاً من الإمّعات متحلقين حولهم يفوقونهم تصفيقاً وتهليلاً، كلما نزل الفريق الكتالوني للمربع الأخضر، ذلك الحشد التابع يصدق فيهم قول القائل: "أحب البرشلونيين ولست منهم"، فترى مؤازرتهم ليست حباً في الفريق وفنياته، بقدر مخافة أن تنالهم ألسنة البرشلونيين بالنقد والتجريح، ومنهم فئة مُداهنة تُخفي ولعها بالنادي الملكي (ريال مدريد)، وتظهر حبها لبرشلونة كيلا تكون عرضة للاستهزاء كلما اهتزت شباك الفريق الأبيض.
وبين هؤلاء وهؤلاء، نُصاب بالعجب ممن يحفظ التاريخ الكروي للفريق وأسماء لاعبيه وبطولاته، ويملك الحجة الدامغة التي تقنعك بأن فريقه هو الأفضل رياضياً، وفي الوقت نفسه تراه يجرجر كرشاً مترهلاً حتى ركبتيه، فعن أي رياضة مثل هؤلاء يتكلمون؟!.
أما النوع الأخير من المشجعين البرشلونيين، فهو الذي عرف فريق برشلونة عن طريق أغنية «حبيبي برشلوني» لحسين الجسمي، فاهتز لها طرباً، ثم كانت هذه الأغنية سبباً وطريقاً لأن يوالي النادي الكتالوني ويبرأ مما سواه.
وأخيراً، لا تنجر في تقييمك للناس بناء على تصنيفات تحددها انتماءاتهم، فالكثير من المبالغة والمغالاة يختفي خلف تلك التصنيفات.
قد يعجبك أيضاً



