في أقل من عام تعرض المدافع المخضرم تاريخياً والمدرب حالياً
في أقل من عام تعرض المدافع المخضرم تاريخياً والمدرب حالياً الإيطالي فابيو كانافارو للإقالة من منصبه التدريبي من قبل فريقين من قارة آسيا وهما غوانغزو إيفرغراند الصيني والنصر السعودي، فالإقالة الأولى أتت في 4 يونيو 2015 بعد تحقيق نتائج سلبية في منافسات الدوري الصيني، والإقالة الثانية في 11 فبراير 2016 لنفس السبب ولكن على مستوى الدوري السعودي.
تعرضه للإقالة مرتين في أقل من عام يجعلنا نقف أمام حقيقة واحدة غير قابلة للجدل وهي أن قارة آسيا بشرقها وغربها تستمر في إسقاط المدربين المجتهدين الذين يمتلكون تاريخاً عظيماً على مستوى اللعب قبل اعتزالهم وتحولهم للتدريب، فالإيطالي كانافارو يعتبر من تلاميذ المدرب المخضرم مارتشيللو ليبي الذي فاز معه بكأس العالم 2006 بألمانيا، حيث كان كانافارو قائداً للمنتخب الإيطالي الذي قهر الفرنسي زين الدين زيدان في المباراة النهائية الشهيرة بالعاصمة الألمانية برلين، ليحظى بشرف رفع الكأس الذهبية قبل أن يفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم 2006.
إلا أن تلك الانجازات العظيمة انهارت على عتبات قارة آسيا القاسية التي لا ترحم النجوم بسبب عقليتها التي تختلف كثيراً عن عقلية قارات أوروبا وأمريكا الجنوبية، فالعقلية الآسيوية بشرقها وغربها تؤمن بفكرة واحدة وهي أن المدرب هو فقط من يتحمل مسؤولية الفريق بأكمله، بمعنى أوضح، هو فقط من يحمل العصا السحرية ويكون أشبه بالرجل الخارق "سوبر مان" الذي يصلح جميع سلبيات الفريق دون النظر للطاقم الطبي أو البدني أو حتى بيئة الفريق والتي قد لا تكون صحية لأسباب بعيدة كل البعد عن المدرب، ولكن يظل "السوبر مان" مطالب بإصلاح هذه السلبيات لأنه فقط سوبر مان!
فقد غاب عن فريقي غوانغزو إيفرغراند الصيني والنصر السعودي فكرة مهمة وهي أن أندية كرة القدم في هذا الزمن تعتمد على عدة أركان والتي تساعد على قيام ناد كروي حقيقي وليس ركن واحد يتعلق بالمدرب فقط، ركن يسمى "الطاقم الطبي" الذي يشرف على صحة اللاعبين، ويشرف على الطاقم متخصص خبير في مجال الإصابات وسرعة إعادة اللاعبين لصحتهم المثالية، وركن آخر يسمى "الطاقم البدني" الذي يهتم باللياقة البدنية والتغذية الصحية للاعبين، وركن "الطاقم الفني" الذي يكون حلقة وصل بين المدرب واللاعبين من ناحية نقل المعلومات التكتيكية والإستراتيجية بين الطرفين، وهذا الطاقم يحتاج لأعضاء خبراء لحساسية هذا الطاقم، والركن الأخير هو "الطاقم النفسي" الذي يركز على حالة اللاعبين نفسياً ومتابعتهم بشكل دقيق داخل الملعب وخارجه.
بطبيعة الحال، أغلب الأندية الآسيوية وعلى رأسها فريقي غوانغزو والنصر لا يمتلكون فكرة "الأركان والطواقم" التي تتواجد في جميع الأندية العالمية كريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد وميلان وبايرن ميونخ، أي أن المدرب العالمي الإسباني جوسيب غوارديولا لن يكون مطالباً بمطاردة اللاعبين خارج الملعب لكي يحافظ على نفسيتهم أو التأكد من تناولهم الأطعمة الصحية، لأن تلك الأعمال تختص بالطواقم الأخرى حتى يتفرغ المدرب غوارديولا لعمله الأساسي وهو وضع الخطط المناسبة للمباريات فقط لا غير.
ولكن في رحلة كانافارو المتعبة في قارة آسيا بسبب عقليتها المتأخرة فأنه كان مضطراً على متابعة كل صغيرة وكبيرة داخل الأندية التي دربها بسبب غياب تلك الأركان، لتنتهي رحلته الآسيوية بسرعة فائقة مع تلقيه وابل من الانتقادات الصينية والسعودية التي حملته مسؤولية تدهور أنديتها ولاعبيها الذين يبتعدون كلياً عن مفهوم الحياة الاحترافية، فلا يزال اللاعب الصيني بعيد نوعاً ما عن الانضباطية خارج الملعب ليكون مستواه الفني مهزوزاً، وتدهور حال منتخب الصين يكشف هذه الحقيقة المؤلمة، وطبعاً اللاعب السعودي لا يبتعد كثيراً عن حال اللاعب الصيني وبل يعتبر أسوء حالاً من الصينيين!.
ختاماً، حزم كانافارو حقائبه ليخرج من قارة آسيا كما خرج قبله المدربين العالميين كالهولندي فرانك ريكارد والإسباني خوسيه أنتونيو كاماتشو الذين لم يتمكنوا من التغلب على العقلية الآسيوية القديمة التي لا تزال تؤمن بخرافة "السوبر مان"!.