
اتسم النجم الهولندي يوهان كرويف، طوال مسيرته بأنه نجم من طراز فريد، يُبهر الجميع بلمساته، ويسرق الأضواء بمهاراته الساحرة.
ولم يكن يوهان كرويف مجرد لاعب عادي بصفوف الطواحين الهولندية، بل كان من أفضل نجوم العالم في عصره.
ولعل مهارة كرويف الفائقة، كانت سببًا في تعاطف الجميع معه، وتصفيق جماهير الخصوم له.
وعندما خسر منتخب بلاده في نهائي مونديال 1974 أمام ألمانيا الغربية، وقف وقتها الجمهور الألمانى يهتف باسم كرويف، وتمنوا له أن يفوز بالكأس المقبلة.
وقتها تمنى كرويف، هو الآخر أن يكون المونديال المقبل من نصيب هولندا، كان دائمًا يقول لرفاقه بالمنتخب "خسارة الكأس في هذه المرة ليست نهاية المطاف.. علينا العمل مجددًا للفوز بالبطولة في المرة المقبلة".
وبالفعل نجح أسطورة هولندا في قيادة الطواحين للتأهل إلى مونديال الأرجنتين 1978، بعدما قادها للفوز في المباراة الفاصلة ضد بلجيكا بهدفين أحرزهما بنفسه، لكن الأمور لم تكن تسير بشكل طبيعي في بلاد التانجو.
وقبل عامين من انطلاق البطولة، قاد الديكتاتور خورخي فيديلا، انقلابًا عسكريًا بالبلاد، وأصبح حاكمًا للأرجنتين، واتهم وقتها باعتقال الكثير من معارضيه، وخطف الكثير من أطفالهم للضغط عليهم.
وإلى جانب التوتر الذي تشهده الأرجنتين، وقعت مفاجأة كان بطلها كرويف، الذي أعلن بشكل مفاجئ قبل انطلاق البطولة، أنه قرر التوقف عن لعب الكرة مع المنتخب، ولن يذهب إلى المونديال.
وكان هذا بمثابة الصدمة لدى جماهيره، فالكل في هولندا يُعوّل على كرويف، وينتظر لمساته السحرية بالمونديال، وبات الجميع ينتقدونه؛ بسبب قراره هذا، حيث اعتبروا أنَّه تخلى عنهم، وقت احتياجهم له.
لكن ما تعرض له كرويف، كان يفوق الخيال، وقبل أشهر قليلة من البطولة كان الهولندي الطائر وعائلته ضحايا لمحاولة اختطاف من قبل بعض المجرمين الذين اقتحموا منزله في مدينة برشلونة مع نهاية 1977.
وكشف كرويف أن المجرمين قاموا بتقييده هو وزوجته، ووجهوا البندقية لرأسيهما قبل أن ينجح في الهروب منهم، هذا الموقف جعل نظرة كرويف إلى الأمور تختلف كثيرًا.
ويقول الهولندي "قررت وقتها ألا أسافر للأرجنتين. كنت أذهب للمران مع الحراس الشخصيين. أولادي كانوا يذهبون للمدرسة مع عناصر الشرطة. رجال الأمن ظلوا في منزلنا قرابة 4 أشهر. قررت التوقف عن الكرة مع المنتخب، ولم أذهب إلى كأس العالم؛ بسبب ما حدث".
قرار اعتزاله كان له رد فعل كبير، فالأمر وصل إلى ملكة هولندا، التي حاولت أن تثنيه عن قراره، لكنه لم يستجب؛ لأنه يدرك أن اللعب في بطولة بهذا الحجم يتطلب منه التركيز 200%، وخلال البطولة فشل منتخب الطواحين في تحقيق البطولة، بعد هزيمته أمام الأرجنتين، مستضيفة المونديال في النهائي.
ويبقى ما تعرض له كرويف متسقًا مع ما شاب هذا البطولة التي يرى المؤرخون أنها كانت أسوأ مثال للتزاوج بين السياسة والرياضة.
فقد طالت تلك النسخة، الكثير من اتهامات الفساد والغش والتلاعب بل والتهديد بالقتل، في ظل فترة عصيبة عاشها البلد اللاتيني.



