
المشهد الأول – مقر تدريبات مانشستر يونايتد
المدرب الاسكتلندي أليكس فيرجسون، ينزل من سيارته ويتجه صوب مدخل مرافق تدريبات المان يونايتد، استعدادًا لمباراة فريقه المقبلة ضد ليستر سيتي.
كانت الساعة الثالثة عصرًا وفيرجسون مُتعجب من المشهد الذي يراه.. طابور حاشد من الصحفيين والمصورين، بلغ عددهم حوالي 20 فردًا، يترقبون أمرًا ما، لم يفهمه العجوز الاسكتلندي.
"ما الذي يحدث هنا؟"، هكذا سأل فيرجسون أحد العاملين بالنادي، الذي أجابه "هؤلاء ينتظرون رؤية ديفيد بيكهام.. يُقال أنه سيكشف غدًا عن قصة شعره الجديدة!".
دقائق معدودة حتى وصل بيكهام وقُبعة تغطي رأسه، وعندما حان موعد العشاء في تلك الليلة، دلف اللاعبون إلى المطعم لتناول الطعام، بينما ظل الفتى الأنيق بقبعته، مما أثار دهشة فيرجسون.
"ديفيد.. نحن في مطعم، اخلع هذه القبعة".. بيكهام يرفض طلب فيرجسون بإصرار غريب، ليرد عليه مدربه "لا تكن غبيًا.. انزعها"، لكن نجم الشياطين الحمر واصل عناده، بينما سيطر الغضب الشديد على فيرجسون.
فكّر فيرجي للحظات في توقيع عقوبة على لاعبه، لكنه وُضع في حرج بالغ، لأن هناك لاعبين آخرين يرتدون مثل هذه القبعات أثناء ذهابهم للمباريات والتدريبات، لكن عناد بيكهام أشعل غضب مدربه.
في اليوم التالي، بدأ لاعبو اليونايتد في دخول أرض الملعب لبدء عمليات الإحماء قبل مواجهة الثعالب، لكن المفاجأة أن بيكهام كان في طريقه للملعب بذات القبعة، مما دفع فيرجسون لإيقافه قبل أن يظهر فوق العشب "انزع هذه القبعة وإلا أخرجتك من التشكيلة ولن تلعب المباراة".
امتعض بيكهام من تهديد فيرجسون وألقى بالقبعة غاضبًا، ليظهر حليق الرأس كُليًا، ليفهم فيرجي الحيلة "امممم هذا هو الموضوع إذن؟ هذه هي القصة التي أردت ألا يراها أحد؟!".
كانت الخطة التي عرفها فيرجسون فيما بعد، أن يظل بيكهام بقبعته طوال عمليات الإحماء وحتى قبل إطلاق صافرة بدء المباراة، ليخلعها قبل اللقاء مباشرة ويسرق الكاميرات من الجميع، كما اعتاد في الأشهر الأخيرة.
المشهد الثاني – ملعب أولد ترافورد – 15 فبراير/شباط 2003
مانشستر يونايتد يستضيف غريمه آرسنال داخل مسرح الأحلام في كأس الاتحاد، ومع بداية الشوط الثاني أثناء تأخر الشياطين الحمر بهدف نظيف، يركض إيدو جاسبر من منتصف الملعب، وبيكهام يتباطأ في المساندة الدفاعية.
حلول إيدو بدأت تكثر كلما تقهقر مدافعو اليونايتد، وبيكهام لا يزال يركض ببطء شديد، حتى مرر البرازيلي الكرة إلى ويلتورد، الذي راوغ ووضع الكرة بسهولة داخل الشباك.
على خط التماس، فيرجسون بوجه دبت فيه الحُمرة بدأ في الصراخ على بيكهام، والنجم الإنجليزي لا يكترث لما يُقال خارج الملعب، لتمر الدقائق وتنتهي المباراة بخسارة فريقه (0-2).
داخل غرفة الملابس، وجد بيكهام نفسه في قفص الاتهامات.. فيرجسون يصرخ بشدة عليه ويتهمه بالتسبب في قتل المباراة بعدم الركض بسرعة للقيام بمساندة زملائه في لقطة الهدف الثاني.
ديفيد قرر الكف عن الصمت هذه المرة وبدأ بالرد على مدربه بكلمات نابية وسباب واضح.. كان المسافة بعيدة بينهما، لكن فيرجسون بدأ بالاقتراب من لاعبه وفي طريقه وجد حذاء على الأرض، قرر أن يركله بقدمه صوب بيكهام.
وكأن فيرجي أطلق سهمًا صائبًا، ليلتصق الحذاء بأعلى عين بيكهام اليسرى، ليجن جنونه وينهض للاشتباك مع فيرجسون، زملاء اللاعب كانوا له بالمرصاد وأرغموه على الجلوس مجددًا، ليزيد فيرجي الطين بلة بقوله "لتجادلني قدر ما تشاء، لكنك خذلت فريقك".
في صباح اليوم التالي، تلقى بيكهام اتصالًا من فيرجسون يدعوه إلى مكتبه، وبالفعل حضر اللاعب على الفور، وأصر فيرجي أن يطلعه على مقطع فيديو للهدف الثاني لآرسنال، على أمل إجباره على الاعتراف بخطئه.
النجم الإنجليزي واصل عناده ورفض الاتهام، بل أصر على التزام الصمت طوال اجتماعه بمدربه، ومهما تكلم فيرجي كان لسان ديفيد لا يتحرك للرد على أي اتهام.. وكأنه أراد القدوم لإشعال الغضب أكثر بداخل مدربه.
عندما ظهر بيكهام بعد يومين في أول مران بعد الحادثة، رصدته كاميرات المصورين والصحفيين والضمادة أعلى عينه اليسرى، بعد الجرح الذي تسببت فيه ركلة الحذاء، وبدأت وسائل الإعلام في الحديث عن الأمر بكثافة لعدة أيام.
حينها قرر فيرجسون الاجتماع بإدارة النادي وإبلاغهم بأنه من الضروري بيع بيكهام لأي فريق، لأنه لن يقبل بوجوده طالما شعر اللاعب أنه بات أكبر من النادي أو المدرب، مهما كانت قيمته.
وبالفعل، وافقت إدارة الشياطين الحمر على طلب المدرب العجوز، لتصبح أيام نجم الفريق الأول معدودة داخل مسرح الأحلام، ليشهد صيف 2003 رحيل بيكهام صوب ريال مدريد، ليبدأ رحلة جديدة في قلعة الملكي بعد الاصطدام بملك أولد ترافورد الأول بلا منازع.



