EPAلا يخفى على أحد أن مدرب فريق بايرن ميونيخ الألماني، بيب غوارديولا، يحب تواجد لاعبي خط الوسط أصحاب القدرات المتنوعة في صفوف فريقه، لذلك لم يكن مستغربا أن يقوم النادي البافاري باستقدام واحد من ألمع نجوم خط الوسط في العالم حاليا.. التشيلي أرتورو فيدال.
وتزخر صفوف بايرن ميونيخ حاليا بالعديد من لاعبي خط الوسط الذين بامكانهم القيام بدور لاعب الإرتكاز، وحتى برحيل باستيان شفاينشتايغر إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي، لن يجد غوارديولا مشكلة حقيقية في سد أي فجوة متوقعة.
لكن إغراء التعاقد مع فيدال ليس أمرا يمكن تجنبه، خصوصا بالنسبة لمدرب يحب تغيير مراكز اللاعبين حسب حاجته، النجم التشيلي يمكنه لعب أدوار مختلفة في الملعب متسلحا بإمكانياته الفنية المميزة وروحه القتالية العالية، لذلك وجد غوارديولا أن استقطاب لاعب يوفنتوس السابق أمر سيعود بالفائدة على تشكيلته، وقال المدرب الإسباني في تصريح صحفي سابق: "لو كان الأمر بيدي لحصلت على ألف لاعب خط وسط".
الحقيقة تقول أن غوارديولا لم يقل تلك العبارة على سبيل المزاح، وبمجرد النظر إلى تشكيلة بايرن حاليا نجد أن 10 لاعبين يمكنهم الوقوف أمام رباعي خط الدفاع، وهؤلاء هم فيليب لام وخافي مارتينيز وتياغو ألكانتارا وتشابي ألونسو ودافيد ألابا وسيباستيان روده وبيير إميل هويبرغ وجوشوا كيميتش وجيانلوكا غاودينيو ويان كيرتشوف، وهو ما يجعلنا نتساءل، ما هي الإضافة التي يقدمها فيدال مع بطل الدوري الألماني؟
نبأ تعاقد بايرن مع فيدال زرع الخوف في نفوس الفرق الألمانية الأخرى، فللاعب التشيلي تجربة أكثر من ناجحة في البوندسليغا عندما تألق في صفوف باير ليفركوزن، وفي موسمه الأخير مع الفريق أحرز 15 هدفا، الأمر الذي أمن له صفقة انتقال مريحة إلى السيدة الإيطالية العجوز عام 2011.
تشير التقارير الصحفية إلى أن قيمة صفقة التعاقد مع فيدال كلفت خزينة بايرن ميونيخ 40 مليون يورو، وهو ما أثار حفيظة النقاد الذين اعتقدوا أن مبلغا كهذا كان من الممكن استثماره في موقع آخر بتشكيلة الفريق، وإذا كان التعاقد مع البرازيلي دوغلاس كوستا من شاختار دونتسك مبررا بعد ثبوت عدم شفاء الجناح الفرنسي فرانك ريبيري من إصابة خطيرة، فإن وجود فيدال - رغم نجوميته وقدراته الإستثنائية - لن يقنع من الناحية المنطقية بالنظر إلى حاجة الفريق إلى تعزيز صفوفه في مراكز لعب آخرى أهمها خط الدفاع.
صحيح أن إدارة بايرن ميونيخ خشيت على الفريق التأثر من رحيل القائد الثاني في الفريق شفاينشتايغر، لكن غوارديولا يعلم تماما أن دفاعه يحتاج لنظرة ثانية إذا ما أراد المنافسة مجددا على لقب دوري أبطال أوروبا خلال الموسم الجديد، فمن بين 4 لاعبين يقومون بدور المدافع المساك أو قائد الخط الخلفي، يمكن القول أن اثنين منهم لا يليقان بتاريخ وهيبة بايرن، البرازيلي دانتي سقط سقوطا ذريعا مع بايرن الموسم الماضي بفضل الهفوات المتكررة التي زادت الحمل على الحارس مانويل نوير، ونالت الإصابات المتكررة من الألماني هولغر بادشتوبر الذي لم يقدم طوال مسيرته ذلك المستوى الذي يدون اسمه بين عظماء المدافعين الألمان على غرار صمام أمان بروسيا دورتموند ماتس هوملز.
الألماني الآخر جيروم بواتنغ يبقى الخيار الأول لغوارديولا في خط الدفاع، والخيار الثاني للوقوف إلى جانبه هو المغربي مهدي بن عطية الذي تباينت الآراء حول موسمه الأول مع الفريق، لكن ما يدور في خلد المدرب الإسباني هو الإستعانة بمواطنه خافي مارتينيز في مركز قلب الدفاع، وهي التجربة التي كان ينوي القيام بها الموسم الماضي لولا فترة الغياب الطويلة للاعب بسبب إصابة ألمت به في كأس السوبر الألماني أمام بروسيا دورتموند.
ويعاني بايرن ميونيخ في الجهة اليمنى، البرازيلي رافينيا يبدو كلاعب هاو عند مقارنته بزملائه، وربما يكون علاج ذلك عن طريق إعادة فيليب لام على الأطراف بعد موسمين قضاهما كلاعب وسط مدافع.
وبالنظر إلى خط المقدمة يمكن القول أن بايرن ليس فريقا قريبا من الكمال، يعتمد الفريق بشدة على البولندي روبرت ليفاندوفسكي مستفيدا من الدعم المقدم من لاعب الوسط الهجومي توماس مولر، لكن إذا أصيب مهاجم دورتموند السابق فإن غوارديولا سيجد نفسه مرغما على إقحام مولر في مركز رأس الحربة لعدم اقتناعه بامكانية قيام ماريو غوتزه بالدور ذاته.
هذه الأسباب تشكك من أهمية التعاقد مع فيدال الذي بدوره قدم نموذجا نفسيا لا يمكن الإحتذاء به مع نهاية الموسم الماضي، فقد ثبت أن اللاعب التشيلي يتأثر كثيرا من شدة الضغوط الملقاة على عاتقه، وأكبر دليل على ذلك العدد الكبير من المخالفات التي ارتكبها في الشوط الأول من المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام برشلونة الإسباني، كما أنه تعرض لصفعة قوية في كوبا أميركا 2015 عندما دمر سيارته في حادث سير وهو مخمور، وهو الأمر الذي عوضه لاحقا بمساهمته في إحراز منتخب بلاده للقب القاري.
التعاقد مع فيدال يبقى أمرا له آثار إيجابية بالنسبة لبايرن ميونيخ، فهو اللاعب الذي يمتلك النزعة القتالية اللاتينية التي افتقدها الفريق في المواسم الماضية، ويستطيع تشكيل ثنائي متفاهم مع الإسباني صاحب الأصول البرازيلية تياغو ألكانتارا في خط الوسط، كما يمكنه التقدم نحو المواقع الأمامية في حال إصابة توماس مولر أو ابتعاده عن مستواه، تماما كما حدث مع يوفنتوس عندما استعان به المدرب ماسيميليانو أليغري بالمركز نفسه أواخر الموسم الماضي كلاعب وسط مهاجم خلف الثنائي كارولس تيفيز وألفارو موراتا.
نضيف إلى ذلك أن فيدال ليس بحاجة إلى فترة تأقلم طويلة، فقد لعب أمام معظم الفرق الألمانية وعلى ملاعبها في السابق، فهو بالنسبة لبايرن لاعب جديد صاحب خبرة مسبوقة تمكنه من التألق سريعا في وقت يحتاج فيه آخرون لوقت أطول لإثبات أنفسهم.
أما يوفنتوس، فإنه خسر كثيرا برحيل فيدال الذي سبقه أندريا بيرلو بالإنتقال إلى الدوري الأميركي، وإذا صحت التقارير المشيرة إلى وجود أكثر من عرض مغر لشراء خدمات الفرنسي بول بوغبا، فإن الفريق الإيطالي سيخوض سباقا مع الزمن لتعزيز خط وسطه الذي لن يتبقى من حرسه القديم سوى المجتهد كلاوديو ماركيزيو.
أيا كانت النتائج، تبقى عودة فيدال إلى البوندسليغا عاملا جذابا يزيد من قوة الفريق البافاري ويضاعف من أهميته كقوة كروية عظمى صاحبة جاذبية لا يجوز إنكارها لدى أفضل لاعبي العالم.
قد يعجبك أيضاً



