
يبدو أن كل ما قيل عن شروط اللاعب الشاب كيليان مبابي لتجديد عقده مع ناديه باريس سان جيرمان كان صحيحا، فالأحداث التي تلت تجديد عقده بدأت تشير بأصابع الاتهام إلى إدارة النادي، بتسببها بأجواء الفريق الملبدة بغيوم الأزمات.
قيل أن مبابي اشترط أن يكون صاحب مشروع باريس سان جيرمان المستقبلي، وقيل أنه من سيحدد هوية المدير الفني..وقيل بأشتراطه أن يكون له رأي في صفقات الفريق - من يبقى ومن يرحل - وقيل الكثير عن شروطه التي وافق عليها النادي الباريسي دون نقاش، وكل هدفه أن يثبت قوته التفاوضية وبأنه كسر الوعد الذي قدمه لاعبهم لناد بحجم ريال مدريد.
ورغم نفي النادي لكل ما قيل، إلا أن بداية ثمرات التجديد كانت برحيل المدرب بوكيتينو الذي سبق لمبابي أن أسر لمقربيه بعدم رغبته في بقائه، كما بدأت عملية الرحيل أو التجميد لأكثر من لاعب كان آخرهم الأرجنتيني إيكاردي والألماني دراكسلر، ومع بداية الدوري، بدأت ملامح الغرور تظهر على (المدير) فكانت لقطة غضبه وتوقفه عن الجري في مباراة مونبيليه وهو متجه نحو المرمى بسبب تمرير الكرة إلى ميسي وليس له، وتكرر الأمر بتنفيذه ركلة جزاء فشل في تسجيلها، ثم إصراره على تنفيذ ركلة أخرى تصدى لها هذه المرة زميله نيمار ليبدأ نقاش غريب بينهما انتهى لتنفيذ نيمار الركلة بنجاح وسط غضب الفتى المدلل.
أيضا مبابي قبل مرحلة النقاش على ركلة الجزاء، كان يتجه غاضبا نحو نيمار، وارتطم بكتف ميسي خلال طريقه دون أن يلتفت لزميله الأسطورة ولا حتى يعتذر منه، فكانت لقطة أخرى تؤكد كل الاتهامات بتجاوز هذا اللاعب الشاب حدوده مع نجم كان يحمل 4 كؤوس لدوري أبطال أوروبا و4 كرات ذهبية وهو في مثل سنه.
المدير الفني لسان جيرمان كريستوف غالتيير خرج بعد المباراة ليؤكد أحقية فتاه المدلل بتنفيذ ركلة الجزاء باعتباره الخيار الأول، ولعل ذلك يضع المزيد من الزيت على النار، فكيف يكون مبابي هو الخيار الأول في التسديد في ظل وجود نجمين مثل ميسي ونيمار؟ ولماذا ينتصر لمبابي بدلا من تخفيف حدة الخلاف بهذا الشكل لإثبات أن مبابي على حق؟.
يبدو أن مبابي ضاق ذراعا بالدوري الفرنسي، وأن مشاعر الندم بدأت بالتسلل إليه، وإضاعته لفرصة كانت سانحة في تحقيق حلمه بارتداء قميص ريال مدريد، ولعل ذلك يظهر في تصرفاته الأخيرة، التي قد تكون أخرجت ما بنفسه دون قصد، ويحركها العقل الباطن الذي ينشغل كثيرا في رؤية نجوم الريال وهم يحملون الكأس الأوروبي تلو الآخر، خاصت وأن الحادثة جاءت بعد أيام قليلة من تتجويج الريال بالسوبر الأوروبي.
قد نظلم مبابي وهو موهبة كبيرة في عالم كرة القدم، وسيأخذ دوره في النجومية إذا ما استمر على طريق الاجتهاد والتألق، ولكن مبابي قد يظلم نفسه أكثر، إذا تفرغ لمعارك جانبية لأثبات أفضليته وأحقيته ليس بالتألق على أرض الملعب، وإنما بالمشاهد التي جعلت الأضواء تتركز عليه باعتباره الشرير، وليس النجم، وهو ما يتطلب منه الهدوء والتركيز، واحترام النجوم التي ترتدي ذات القميص، وتدافع عن ذات الشعار، فكرة القدم في النهاية لعبة جماعية، تحتاج لتضافر جهود الجميع لتحقيق طموحات الفريق.


