من عضة كييليني الى برشلونة الاسباني سيفتح الاوروجوياني لويس سواريز صفحة كروية جديدة في حياته، لكن سطورها الاولى ستكون بيضاء في ظل ايقافه لمدة اربعة اشهر عن ممارسة اي نشاط كروي.
لم يبق امام سواريز سوى فحص طبي الاسبوع المقبل لينضم المهاجم المشاغب لخمسة اعوام مقبلة الى الفريق الكاتالوني ويحمل الرقم 9 قادما من ليفربول الانجليزي بعدما اعاده الى المشهد الدولي وأهله الى دوري ابطال اوروبا.
بعد اسابيع من المفاوضات، ذكر موقع برشلونة: "توصل ناديا برشلونة وليفربول إلى اتفاق بشأن انضمام لويس سواريز إلى صفوف البلاوجرانا في مرحلة الانتقالات الصيفية الحالية. وسيحل مهاجم منتخب أوروغواي بالعاصمة الكاتالونية الأسبوع المقبل حيث سيخضع للفحوص الطبية قبل توقيع عقده مع برشلونة الذي سيحمل قميصه على مدى المواسم الخمسة المقبلة."
وتابع: "يصل ابن السابعة والعشرين إلى كامب نو بعد موسم حافل في آنفيلد رود، حيث سجل 31 هدفا متربعا بذلك على عرش هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز، ليتقاسم الحذاء الذهبي الأوروبي مع كريستيانو رونالدو بنفس السجل من الأهداف."
اما سواريز، فنقل عنه موقع ليفربول: "بأسى اترك ليفربول لخوض التحدي الجديد في اسبانيا. امل ان يتفهم الجميع قراري. قام النادي بكل ما في وسعه كي ابقى، لكن اللعب والعيش في اسبانيا حيث تعيش عائلة زوجتي هو حلم حياة باكملها. اعتقد ان اللحظة قد حانت."
واكد ليفربول بدوره التوصل الى اتفاق في بيان رسمي اذاعه على موقعه الرسمي، وقال: "يؤكد نادي ليفربول بان لويس سواريز سيرحل عن الفريق بعد التوصل لاتفاق مع برشلونة."
قد ينفق برشلونة، الذي تخلى الخميس عن المهاجم التشيلي اليكسيس سانشيز الى ارسنال الانجليزي مقابل 44 مليون يورو، ضعف هذا المبلغ لجلب صاحب 31 هدفا في 33 مباراة الموسم الماضي في البريمييرليج.
سلوك غريب
لا يختلف اثنان على ان سواريز هو من افضل اللاعبين في العالم حاليا ودائما ما كان حاسما في صفوف منتخبه الوطني وناديه حيث اختير افضل لاعب في الموسم الماضي في الدوري الانجليزي.
لكن الجانب السلبي يطغى على سلوكه حيث وجد نفسه يحتل الصفحات الاولى من الصحف لقيامه بتصرفات غير اخلاقية كان اخرها قيامه بعض مدافع ايطاليا ونادي يوفنتوس جورجيو كييلني خلال مواجهة المنتخبين في الدور الاول من مونديال 2014 فواجه عقوبة الايقاف لفترة طويلة بعدما قرر الاتحاد الدولي فتح تحقيق في الحادثة.
في الدقيقة 70 من المباراة، انقض سواريز على المدافع كييليني امام المرمى فعضه من كتفه دون ان ينتبه الحكم للحركة فنجا من العقوبة، ثم سجلت الاوروجواي هدفا كان كافيا لها لكي تتأهل الى الدور الثاني وتعود ايطاليا خائبة من الدور الاول مرة ثانية على التوالي.
وقال كييليني: "لقد قام بعضي، الامر واضح جدا، لا زالت العلامة واضحة في كتفي."
ومشكلة سواريز بانها ليست المرة الاولى التي يقوم بها بعض احد منافسيه، لانه ارتكب "هاتريك" من العضات في مسيرته حتى الان.
وارتكب سواريز "عضته" الاولى عندما كان في صفوف اياكس امستردام الهولندي وكان الضحية اللاعب المغربي الاصل عثمان بقال من نادي ايندهوفن واوقفه الاتحاد المحلي سبع مباريات عام 2010.
اما الثانية فكانت في صفوف ليفربول عندما عض مدافع تشلسي الصربي برانيسلاف ايفانوفيتش فاوقفه الاتحاد الانجليزي الموسم الماضي 10 مباريات، بينها خمس في مطلع الموسم الحالي.
ولم تقتصر مشاكله على شهية العض لديه، بل تسبب بضجة كبيرة بعد اتهامه بتوجيه كلام عنصري لمدافع مانشستر يونايتد الفرنسي باتريس ايفرا خلال مباراة الفريقين في الدوري المحلي في 15 اكتوبر 2011، وتم ايقافه 8 مباريات وفرضت عليه غرامة مالية مقدارها 60 الف جنيه.
وزادت النقمة على المهاجم الاوروجوياني بعد رفضه مصافحة ايفرا في المواجهة التالية بينهما في فبراير 2012 ثم بلمسه الكرة بيده قبل تسجيل هدف الفوز لفريقه في يناير الماضي في الدور الثالث من مسابقة الكأس امام مانسفيلد.
اما على صعيد مشاركاته الدولية، فما حصل في ناتال ليست الحادثة الاولى المثيرة للجدل بالنسبة له، فهو تصدر العناوين في جنوب افريقيا 2010 عندما حرم غانا من هدف التأهل الى الدور نصف النهائي بصده الكرة بيده عن خط المرمى في الدقيقة الاخيرة من الوقت الاضافي الثاني ما دفع الحكم الى طرده والى احتساب ركلة جزاء لممثل افريقيا الا انه لم يستغلها عبر قائده اسامواه جيان.
العضة الباهظة
لكن ما قام به سواريز امام ايطاليا لم يكن لانقاذ بلاده من الخروج بل كانت نتيجة ردة فعل "غريزية" عنده حرمته من مواصلة مشواره مع بلاده في النهائيات بعد الاستناد الى شريط المباراة لاتخاذ القرار.
انزلت اللجنة التأديبية التابعة للاتحاد الدولي اقسى عقوبة في تاريخ نهائيات كأس العالم عندما قررت ايقاف سواريز 9 مباريات رسمية ومنعته من ممارسة اي نشاط كروي على مدى اربعة اشهر.
حرم سواريز بالتالي من المشاركة في ما تبقى من مباريات لمنتخب بلاده في المونديال الحالي (خسرت الاوروجواي في الدور الثاني امام كولومبيا)، ولن يعاود نشاطه الكروي في صفوف ناديه الا في اواخر اكتوبر المقبل.
وسيغيب عن كأس الامم الاميركية الجنوبية العام المقبل وبعض مباريات منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم المؤهلة الى مونديال 2018 في روسيا.
اختلفت ردود الفعل بين مؤيد للعقوبة ومعترض على فداحتها. اعتبر مدافع ايطاليا كييليني الذي كان ضحية العضة بانها "مبالغ فيها."
واقسى عقوبة سابقة كانت من نصيب مدافع ايطاليا ماورو تاسوتي الذي قام بتوجيه كوع الى لاعب منتخب اسبانيا لويس انريكه عندما ابعد ثماني مباريات في كأس العالم في الولايات المتحدة عام 1994.
اكد الاتحاد الدولي بانه لن يسمح لسواريز بالبقاء في الفندق الذي يقطن فيه منتخب الاوروجواي بموجب القرار وامره بحزم حقائبه مباشرة بعد اصدار العقوبة التي منعته ايضا دخول اي ملعب على مدى اربعة اشهر.
واتخذت القضية بعدا وطنيا حيث انبرى رئيس الاوروجواي خوسيه موخيكا للدفاع عن سواريز وقال: "انا، لم اره يعض احدا لكنهم يتبادلون الركل والضربات القوية جدا، كما انهم يتلقونها ايضا"، مضيفا امام الصحافيين الى ان سواريز "لاعب ممتاز."
تريث ليفربول بالرد على ايقاف سواريز فذكر ايان ايري المدير التنفيذي للنادي: "سينتظر ليفربول لقراءة ومراجعة قرار لجنة الانضباط قبل القيام باي تعليق."
وزيرة الرياضة في الاوروجواي ليليام كيشيشيان ذكرت ان العقوبة: "غير متجانسة وتؤلمنا."
خسائر مالية
صانع التجهيزات الرياضية الالماني "اديداس" اوقف استخدام صور سواريز في الاعلانات التجارية لكأس العالم 2014، وقالت متحدثة باسم الشركة لوكالة فرانس برس: "تدعم اديداس بشكل كامل قرار الاتحاد الدولي. لا نقبل التصرف الاخير للويس سواريز ونذكره بالمعايير العالية التي نتوقعها من لاعبينا."
قرر مكتب مراهنات يتخذ من جبل طارق مقرا له وقف تعاونه مع سواريز بعد ان وقع عقدا معه اثر الموسم الرائع الذي حققه، ووجدت شركة المراهنات "888 بوكر" نفسها مضطرة الى فسخ العقد معه.
استقبال الابطال
استقبل سواريز استقبال الابطال في بلاده التي عاد اليها نتيجة حرمانه حتى من البقاء في الفندق مع منتخب بلاده. عاد على متن طائرة خاصة بحسب وسائل الاعلام المحلية، وكان في استقباله مئات المشجعين الذين رفعوا يافطات تحييه وكتب على احداها: "لويس، كل الاوروجواي الى جانبك."
وحتى ان رئيس البلاد خوسيه موخيكا ذهب الى المطار لاستقباله لكنه اضطر بعدها للمغادرة بسبب تأخر الطائرة التي كانت تقل اللاعب. تابع سواريز ما تبقى من مونديال البرازيل من منزل والدته في منطقة كانيلونيس جنوب البلاد.
رأى مدرب الاوروجواي اوسكار تاباريز أن سواريز "ارتكب خطأ وليس جريمة" معتبرا أنه بات "كبش فداء" وضحية لحملة انتقادات إعلامية واسعة: "أنا لا أبرر فعلته، ولا أقول إنها لا تستوجب العقاب، لكننا في النهاية بشر، ويجب إتاحة فرصة التحدث مع من ارتكب الخطأ."
علاج نفسي
اعتبر الامين العام للاتحاد الدولي الفرنسي جيروم فالكه أن على سواريز "الخضوع للعلاج" كي لا يعض لاعبا آخر: "على سواريز أن يجد سبيلا للتوقف عن ذلك، وعليه أن يتبع علاجا كي لا يعيد الكرة، وما فعله هو أمر سيء من دون أدنى شك."
وأضاف الرجل الثاني في الفيفا: "عندما تكون لاعبا في أحد الفرق المشاركة في المونديال عليك أن تظهر خيرة فضائلك، وما فعله (سواريز) غير مقبول، والأمر يتخطى مسألة اللعب النظيف، وهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بفعلته."
وتابع: "إن حصلت مرة واحدة قد نصفها بالحادثة، لكن عندما تحصل أكثر من مرة لا تعود مجرد حادثة."
اعتذار يوصل الى برشلونة
قدم سواريز في 30 يونيوالماضي اعتذاره رسميا لكييليني: "اطلب التوبة والغفران من جورجيو كييليني ولكل عائلة كرة القدم" متعهدا عدم تكرار ما قام به.
واضاف: "بعد عدة ايام قضيتها مع عائلتي استعدت هدوئي وتمكنت من الحكم يواقعية على ما حصل خلال مباراة ايطاليا والاوروجواي في 24 يونيو 2014." ورد كييليني على سواريز فغرد على تويتر: "لقد نسيت كل شيء. امل ان يقلص الاتحاد الدولي عقوبتك."
اشاد برشلونة الاسباني باعتذار مهاجم منتخب الاوروجواي، مع انه لم يكن طرفا في قضية العضة، ما غزى الاخبار التي تتحدث عن رغبة النادي الكاتالوني بضمه.
وقال المدير الرياضي اندوني زوبيزاريتا في مؤتمر صحفي لتقديم لاعب الوسط الكرواتي ايفان راكيتيتش "سواريز يتمتع بالشخصية والتواضع للاعتراف بالخطأ، وهذا امر مهم."
عضة توحي بالكثير
باتت فتاحات قناني تحمل صورة سواريز متوافرة على مواقع بيع صينية عبر الانترنت فيما اكد الصانع انه صنع الالاف منها.
وفي الايام التالية وعدت عشرات المتاجر الافتراضية على منصة البيع الرائجة جدا "تاوباو" عرض فتاحات قناني تمثل اللاعب.
وقد روجت للمنتج المقبل مستعينة بصور مركبة وشعارات مستوحاة من الحادثة.
وقد انتشرت التعليقات الساخرة عبر الانترنت في الصين ومنها "انها فتاحات صينية فلا تتوقعوا نوعية متينة كمثل اسنان سواريز."
الفصل الاخير
ختم الاتحاد الدولي مسرحية العضة عندما رفض الاستئناف الذي تقدم به الاتحاد الاوروجوياني وسواريز بخصوص ايقافه.
لكن يبقى السؤال كيف سيمضي سواريز الفترة المقبلة موقوفا في احضان احد اعرق الاندية في العالم وهل يخبأ مفاجاة من الطراز النادر لا علاقة لها بمواهبة الكروية؟