
استحقت كرة القدم، لقب "الساحرة المستديرة" منذ نشأة اللعبة قبل أكثر من 100 عام، لما تمنحه للجماهير من متعة وإثارة، وسيناريوهات درامية جعلتها دون منافس، الرياضة الشعبية الأولى في العالم.
تلك السيناريوهات تزيد من تعلق الجماهير بها، بحبس الأنفاس حتى اللحظات الأخيرة، ومنح السعادة لملايين بعد أن تملكهم اليأس، وقتلت أحلام آخرين، بعدما بلغت رؤوسهم عنان السماء.
ويقدم كووورة في سلسلة مثيرة، مجموعة من أكثر السيناريوهات القاتلة في تاريخ كرة القدم بمختلف الملاعب سواء العربية أو العالمية:
الحلقة الثانية: الرجاء – الوداد 2019
الزمان: 23 نوفمبر/تشرين ثان 2019
المكان: ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء
الحدث: إياب الدور ثمن النهائي لكأس محمد السادس (البطولة العربية)
تذكرة عالقة
بعد تاريخ طويل من الصدامات المحلية، أوقعت القرعة عملاقي الكرة المغربية، الوداد والرجاء، في مواجهة مباشرة بدور الـ16 من كأس الملك محمد السادس للأندية الأبطال (البطولة العربية)، والتقى الفريقان في لقاء الذهاب الذي انتهى بالتعادل (1-1).
ولأن لقاء الذهاب كان الرجاء فيه صاحب الأرض، كانت مهمة الوداد أسهل في مباراة الإياب، إذ كان يكفيه التعادل السلبي أو الفوز بأي نتيجة إيابًا لخطف تذكرة التأهل إلى الدور ربع النهائي.
وتحت قيادة مصرية للحكم الدولي محمود البنا، التقى الرجاء بمدربه جمال السلامي، الوداد الذي كان تحت قيادة الصربي زوران مانولوفيتش، في معركة رفض خلالها اللاعبون أن تكون داخل الملعب، أقل إثارة من المواجهة النارية بين الأنصار في المدرجات، حيث تفننت مجموعات ألتراس "جرين بويز" و"وينرز" في إكمال المشهد بلوحات فنية رائعة، وجحيم "الشماريخ" في المدرجات.
شوط هادئ
بدأ اللقاء بهدوء حذر من الفريقين، حتى استطاع إسماعيل الحداد أن يورط مدافعي الرجاء في الحصول على ركلة جزاء بالدقيقة 12، انبرى لها محمد نهيري ببرود أعصاب يحسد عليه مسجلاً الهدف الأول بطريقة "بانينكا".
وانفجرت الاحتفالات في المدرجات الودادية، خصوصًا مع سيطرة اللاعبين على زمام الأمور في الشوط الأول الذي وصل إلى بر الأمان دون خطورة من الرجاء سوى بعض تسديدات محسن متولي أو سفيان رحيمي.
بداية الجنون
مع انطلاق الشوط الثاني لم تمر سوى 5 دقائق حتى نجح محسن متولي في ترجمة تفوقه على مدافعي الوداد، ونجح من اختراقه في الحصول على ركلة جزاء انبرى لها ونفذها بنجاح، ليحافظ على فرص النسور في العودة للقاء.
إلا أن الدقائق التالية لم تكن سعيدة تمامًا على الجماهير الرجاوية، خصوصًا بعدما دفع زوران بالبديل أيمن الحسوني، الذي كان كلمة السر في قلب النتيجة بعدما سجل هدف التقدم للوداد في الدقيقة 56 من ضربة رأسية خادعة، تزامنت مع رفع "تيفو الحريق" الذي فجر مدرجات الوداد.
ولم يمنح الوداد منافسه فرصة لالتقاط الأنفاس، ونجح خلال الدقيقة التالية مباشرة في تسجيل الهدف الثالث من تمريرة رائعة أرسلها الحسوني لأيوب الكعبي الذي كان منفردًا بالمرمى الرجاوي وأسكن الكرة لتستمر الاحتفالات الودادية دون انقطاع.
بعد 5 دقائق فقط، أطلق بديع أووك رصاصة الرحمة على الرجاء بتسجيل الهدف الرابع في الدقيقة 73 من تمريرة جديدة للحسوني، وهنا انتهت المباراة إكلينيكا وأغلقت جماهير الوداد صفحة المباراة وبدأت الاحتفال بالتأهل بل والفوز بأكبر نتيجة في تاريخ الديربي المغربي.
السطر الأخير
لم تمر سوى دقيقة واحدة حتى نشط محرك الرجاء، ومن اختراق جديد لأنس جبرون من جبهة الوداد اليسرى "الثغرة القاتلة"، أرسل عرضية قابلها حميد أحداد في الشباك لتصبح النتيجة (4-2)، وظهر بريق أمل للأنصار حتى ولو ضعيف.
علم الرجاء وقتها أن العودة ممكنة، فألقى السلامي بكل أوراقه الهجومية ولعب ورقة المغامرة، وفي الدقيقة 85 من نفس الثغرة للوداد أرسل أحداد هذه المرة تمريرة عرضية أرضية أوقفها مدافع الوداد بيده لتنطلق صافرة البنا بركلة جزاء ثالثة في اللقاء.
وبدأ سيناريو العودة القاتلة يرتسم بوضوح، خصوصًا بعد تسجيل محسن متولي للهدف الثالث بطريقة "بانينكا"، ليرد على كرة النهيري بنفس برودة الأعصاب.
وكان الوداد قادرًا على وأد هذه المحاولات من خلال هجمة مرتدة قطع فيها أيوب الكعبي الكرة من حارس الرجاء الزنيتي وانفرد بالمرمى الخالي، لكنه صوب برعونة كانت كافية لأن ينقذها أحد مدافعي الرجاء، الذي رد الكرة أمام محسن متولي الذي نجح في الحصول على خطأ قبل دقيقة من النهاية.
وقف متولي والتقط أنفاسه، وقرر إرسال عرضية ارتقى لها مالانجو بضربة رأسية قاتلة، قلبت دفة المباراة المجنونة وكانت عنوانا لتأهل الرجاء.
ووسط الاحتفالات الجنونية للاعبي الرجاء، سقط نجوم الوداد في الملعب باكين بعدما هرب الفوز من بين أيديهم بهذا السيناريو، وأطلق فارس عوض معلق المباراة جملته الشهيرة: "لا تقلب الصفحة حتى تقرأ السطر الأخير".
قد يعجبك أيضاً



