إعلان
إعلان

سر الفراعنة

د.محمد مطاوع
04 فبراير 202201:10
mohammad mutawe

البداية المتواضعة للمنتخب المصري في تصفيات كأس الأمم الإفريقية، ومعها تصفيات كأس العالم، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك أمر غريب كان لا بد من اكتشافه والعمل عليه حتى تكون الصورة واضحة تماما أمام الجميع.

الوجوه لم تتغير كثيرا، والمدربون تناوبوا على الفراعنة واحدا تلو الآخر في الحقبة الأخيرة بدأ بكوبر الذي أوصل المنتخب المصري لنهائيات كأس العالم في روسيا بأداء محسوب بالورقة والقلم، وعلى مبدأ إغلاق كل المنافذ نحو المرمى وترك حرية الانطلاق للنجم محمد صلاح، فنجح في جانب وأخفق في آخر، ورغم كل ما حققه بالوصول لنهائي الأمم الإفريقية في 2017 والخسارة من الكاميرون، والوصول إلى نهائيات كأس العالم في روسيا، إلا أنه لم يكن مقنعا للجمهور المصري والعربي.

جاء أجيري، وحاول التغيير في التكتيكات الدفاعية والهجومية، ولكنه لم ينجح في مسعاه وكانت النتيجة الخروج بما يشبه الفضيحة من دور الـ 16 في كأس الأمم الإفريقية التي نظمتها مصر على أرضها في 2019، فكان مصيره الإقصاء هو والاتحاد المصري بعدته وعديده.

ومع حسام البدري لم يتغير النهج كثيرا، ورغم النتائج الإيجابية وعدم الخسارة في استحقاقات إفريقيا وتصفيات المونديال، كان مصيره الإقصاء أيضا لعدم الاقتناع بقدرته على الوصول لطموحات الأداء إلى جانب النتائج الإيجابية، وهي المعادلة التي تمنح أي مدرب الضوء الأخضر للاستمرار في منصبه.

أخيرا، جاءت تجربة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، باعتباره (معلم) الوصول إلى نهائيات المونديال، التي حضرها 4 مرات مع منتخب بلاده البرتغال، وجنوب إفريقيا، وإيران (مرتين)، حيث وصف بالثعلب القادر على استخدام أدوات المكر بالخصوم، وإرهاقهم للوصول إلى مبتغاه.

بدايته أيضا لم تكن مشجعة مع الفراعنة، فالأداء وفق خطة ثابتة تعتمد على 4-3-3 بتشكيل ثابت من لاعبين يرغب في تثبيتهم بمراكز جديدة، أظهر المنتخب المصري أكثر ضعفا، وتركيزا على النواحي الدفاعية، ورغم نجاحه النسبي في طريقته، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أول أهدافه بلقب كأس العرب، وبدأ الخوف يتسرب لعشاق الفراعنة قبيل انطلاق الأمم الإفريقية بسبب اعتبارها مجرد خطوة للوصول إلى مونديال قطر، قبل تغيير أقواله واعتبار البطولة هدفا بحد ذاتها.

البداية مع نيجيريا في دور المجموعات كانت مخيبة، ولم يتغير الأمر كثيرا في مواجهة غينيا بيساو التي خرج منها بفوز هزيل، ومثله كانت الأداء والنتيجة مع السودان، ليتأهل كيروش مع الفراعنة لدور الـ 16 وتفرض عليه المراكز مواجهة ساحل العاج الذي قسى على الجزائر بثلاثية كان يمكن أن تكون أكبر في ختام دور المجموعات وأخرج حامل اللقب مبكرا من المنافسة.

كل ما سبق مواجهة الأفيال الإيفوارية كان قصة، وما بعدها قصة أخرى مختلفة تماما، والأمر هنا لا يتعلق بكيروش الذي رضخ أخيرا لكل الضغوطات بإعادة اللاعبين إلى مراكزهم الحقيقية، لكنهم لم يغير من قناعته ببعض اللاعبين الذين أصابتهم سهام النقد مثل مرموش والنني ومصطفى محمد وحتى بعض البدلاء مثل تريزيجيه، لكن ذلك لم يمنع من وجود شيء خفي في نفوس اللاعبين، الذين استفزتهم الحمية، وتأججت في نفوسهم روح القتال، وتحولوا إلى محاربين لا يرضيهم سوى الفوز.

تجاوز الفراعنة ساحل العاج بأداء أسطوري، ورغم أفضليتهم، وصلت المباراة لركلات الترجيح التي حقق فيها النجوم العلامة الكاملة، وتصدى فيها الحارس البديل أبو جبل لركلة الفوز، وتكرر المشهد في مواجهة المنتخب المغربي، القادم بترشيحات قوية للقب، وكان الأداء الأسطوري متواصلا، وقلب المنتخب المصري التأخر بهدف لفوز بهدفين في الأشواط الإضافية.

جاءت المواجهة الكبرى، أو ما أطلق عليها رئيس الاتحاد الكاميروني صموئيل إتو وصف (المعركة) وهنا توج النجوم جهودهم، ووقفوا سدا منيعا أمام هجمات الكاميرون، وتفوق المدافعون على أنفسهم، في الوقت التي سنحت فيه فرصا عديدة للفراعنة للحسم في الوقتين الأصلي والإضافي، لكن ركلات الترجيح عادت لتبتسم لنجوم مصر الذين نجحوا أيضا بالتسجيل بالعلامة الكاملة، وتصدى الحارس أبو جبل لركلتين، واضعا مصر في النهائي بمواجهة السنغال.

حقق الفراعنة الفوز على الثلاثة الكبار في البطولة، وبقي أمامهم الكبير الرابع السنغال، وستكون مواجهة حاسمة بين رفيقي الدرب الليفربولي صلاح وماني، وكلنا أمل باستفادة التجارب الثقيلة التي تجاوزها نجوم صر في المحطات الثلاث الأخيرة، والتي أكدت أنهم لا يجيدون اللعب سوى مع الكبار، وتحقيق اللقب التاريخي الثامن، والذي سيكون مهر التأهل لمونديال قطر، بتكرار مواجهة السنغال في مباراتي الوصول الرابع لنهائيات كأس العالم.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان