حدّث العاقل بما يعقل .. !!
و لعلّ لزماننا هذا مفرداته و أوضاعه و وضعياته الجديدة التي تحتّم على الفرد منّا تغيير بعض المفاهيم و الإصطلاحات في شتى المجالات و الميادين فلا بأس بأن نمجّد لبطولتنا الكرويّة المحترفة بما أن التشويق و الإثارة سيكونان عنواناً إلى آخر رمق ، و لا ضير أبداً أن نساند الحكم التونسيّ يوماً و أن ندير له ظهورناً في يوم آخر بما أن مستواه في تذبذب و لم يستقر على واجهة وحيدة ، و من حقّنا أن نتهم فريقاً أو لاعباً أو مدرباً أو مسؤولاً بالبيع أو بالشراء الغير مشروع للمباريات بما أن أخباراً لا تسّر ترد إلى مسامعنا بين الفينة و الأخرى فلسنا أولاً و أخيراً سوى غيورين على مصلحة و سمعة كرة القدم في تونس ..
و لكن ما يثير الإستغراب حقاً هو ما يصدر عن البعض من محللّين أو مسؤولين أو حتى مشجعين لأندية ما عقب إنتهاء كلّ جولة من جولات البطولة الوطنيّة المحترفة ، فيبدو أن هلوسة التشجيع أو على رأي الإخوة في المشرق صرقعة الأجواء تجعل الآراء و التصريحات غريبة و غالباً ما تكون في غير محلّها و قابلة لجدل كبير و ربما يكون في بعض الأحيان عقيم ..
زبيّر بيّة و بطولة المركز الثاني ..
ربما تماشياً مع الأوضاع المزرية في البطولة الفرنسيّة صرّح زبيّر بيّة منذ أسبوعين تقريباً في حصّة الأحد الرياضي أن المركز الثاني يعتبر تتويجاً في حدّ ذاته ، و لتصريحه هذا تأويلات عديدة ، فمن جهة يمكننا إعتبار ما قاله أو أدلى به بيّة تضميداً لجراح سنين عديدة مضت بحلول النجم الرياضي الساحلي في المرتبة الثانية و ذلك ربما و أؤكد على إستعمال عبارة " ربما " للرفع من معنويات جماهير جوهرة الساحل و لاعبي الفريق ، و من جهة أخرى ربما يمكن تأويل تصريح زبيّر هذا إلى أنه تمهيد نفسيّ لا غير لما يمكن حدوثه في ظلّ إشتداد المنافسة و إشتعال نيران المواجهة و بالتالي إمكانية حلول النجم الساحلي ثانياً للمرة العاشرة على التوالي مما قد يصيب الجماهير بخيبة أمل كبرى ! لكننا و كي تتطاير شرارات البراءة من أعيننا يمكن إعتبار هذا الكلام واقعياً بحكم أن التنافس على أشده و الصراع محتدّ بين الإفريقي و المنستيري و النجم الساحلي و تقديراً لما حققته هذه الفرق طوال الموسم من نتائج إيجابية و آداء مميّز فيعتبر حلول أحدها في مرتبة ما بعد المتصدرّ تتويجا لها و لمجهودات لاعبيها ..
كنت أتمنى حقاًً أن يكون زبيّر بيّة أكثر وضوح في كلامه كي ينفي كلّ سمات الغموض عن تصريحه هذا القابل لتأويلات عديدة .. !!
الإنتخابات الجامعيّة و التجربة الديموقراطيّة ..
حين تعالت الأصوات منادية بتغيير هيكلة المكتب الجامعيّ لكرة القدم و مراسلات و ضغوطات الفيفا من جهة و قبول خوض غمار التجربة الديموقراطيّة و الإنتخابات كانت الفرحة لا توصف و إرتسمت البسمة على أفواه جميع عشاق كرة القدم في تونس ، كيف لا و هناك أمل من إزاحة المدعوّ علي لبيض من رئاسة الجامعة و هو الذي إقترنت مدة رئاسته بمصائب و أهوال كرة القدم التونسيّة . كنا نأمل في تجربة ديموقراطيّة بأتم ما في الكلمة من معنى لكن كما هو معلوم لدى الجميع تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ! فبعد أخبار و مناوشات و تصريحات و تسرّبات إلى تواجد أكثر من قائمة ستقدم ترشحها و بعد إهتمام إعلاميّ مهول للحملات الإنتخابيّة تفاجئنا كغيرنا بتقدم ترشيح قائمتين فقط ، الأولى برئاسة علي الأبيض و الثانية بزعامة الطاهر صدود !
رغم حدة المفاجئة الغير سارة بالنسبة لي على الأقل فإن الأمل كان قائماً لوجود تنافس شديد بين المجموعتين خاصة مع إختلاف الطموحات و الأهداف ، لكن مفاجئة أخرى لم تقع في الحسبان جدّت على الساحة و أشعلت فتيل الحرب ! فلقد تم إسقاط قائمة علي لبيض بدعوى عدم إحترام شروط الترشحّ و عدم توفّر الشروط في بعض المترشحين من القائمة ، هذا الإجراء و إن كان ديموقراطيا من الناحية الشكليّة و القانويّة فإنه يضع ورائه علامات إستفهام كثيرة أثارت الحيرة و أدخلت الشك في نفوس الكثيرين ، فهل علي لبيض و جماعته على درجة حادة من الغباء أو لنقل على درجة كبيرة من السهو حتى تتجاوزهم مثل هذه الجزئيات خاصة و أن علي لبيض كان رئيساً للجامعة و من الضروريّ أنه ملمّ بكل النقاط و التفاصيل الخاصة بالترشحات ؟ أم أنها مجرّد لعبة ديموقراطية الشكل لإرضاء الشارع الرياضيّ و الفيفا ؟ أو ربما و لأكون صادقاً مع نفسي هل هي مجرّد إجراءات صوريّة و قد كان الإتفاق مبرماً من الأول بين علي لبيض لإسقاط قائمته للخروج من الباب الأقل ضيقاً ؟
في الواقع هي تساؤلات عديدة تفرض نفسها خاصة و أننا لا ندري بما يدور خلف الكواليس ، لذا أتمنى أن لا تكون مجرّد تجربة ديموقراطية وقع تسطيرها مسبقا على الورق للضحك علينا آملاً أن يقدم صدوّد المفيد لكرة القدم التونسيّة .. !!
لعلّه من العجيب حقاً أن تكون كرة القدم محاطة بالغموض و باعثة للحيرة و الشك في نفوس عشاقها ، و لكن ذلك بات واقعاً يجب الرضوخ له مهما كانت ردّة فعلنا ، لكننا كمتيمين بسطاء بهذه اللعبة لن نطالب أبداً بالمستحيل و إنما كان طلبنا بسيطاً و في المتناول ، حدّث العاقل بما يعقل .. !!



