
العالم مشغول بفيروس كورونا، والجميع يترقب نتائج الاختبارات على العقاقير والأمصال التي يمكن من خلالها القضاء عليه، على أمل عودة الحياة لمسيرها الطبيعي، بعد توقف شبه تام في عدد كبير من دول العالم التي ابتليت بهذا الفيروس، أو من انتهجت الوقاية كخير سبيل لعدم تفشيه على أراضيها.
الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص، تعتبر محركا مهما لاقتصادات عديد الدول، وأحد أهم وسائل الترفيه التي تجذب الجمهور من جميع الأعمار ولكلا الجنسين، سواء في الملاعب أو خلف شاشات التلفزيون، إلى جانب المتابعة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وبشكل جعلها واحدة من أعمدة الاقتصاد في الدول المتقدمة بشكل خاص وبشكل أقل في بقية دول العالم.
ما قام به فيروس كورونا الضعيف من حيث البنية التركيبية، تجاوز بكثير كوارث سبقت في مراحل تاريخية عديدة، فالتأثير الاقتصادي يعتبر كارثيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، نظرا للتطور الهائل في تجارة كرة القدم، وتحولها إلى عنصر إنتاج كبير، يتفوق على الكثير من المشاريع الضخمة الشركات العملاقة، فلك أن تتخيل حجم المشروع الذي يمكن إنشاؤه بـ 220 مليون يورو، وهي قيمة كسر الشرط الجزائي لعقد نيمار، أو القيمة الإجمالية للاعبي فريق مثل برشلونة أو ريال مدريد أو ليفربول، والتي تتجاوز المليار يورو، وبقيمة مقاربة لتكلفة إنشاء برج خليفة-الأعلى في العالم.
وإذا تجاوزنا القيمة المالية للاعبين فرديا وجماعيا، لا يمكن تخيل قيمة البطولات بحد ذاتها، خاصة البريمييرليج الإنجليزي أو الليجا الإسبانية، والتي تعد أرقام النقل التلفزيوني والإعلانات بالمليارات، وبشكل يشجع الأندية على شراء أفضل اللاعبين وبأعلى الأثمان.
الآن نحن ما زلنا في بداية الأزمة، التي يتوقع لها أن تستمر على الأقل لنهاية الشهر القادم، ولا نعلم إلى أين تصل تطورات الموقف، الذي يزداد سوءا في إيطاليا وإسباينا وفرنسا وإنجلترا، مع إعلان إصابة عدد كبير من اللاعبين ودخول عدد أكبر للحجر الصحي المنزلي خوفا من تفشي العدوى، وهذا الأمر يعني انهيار شبه كامل لقطاعات كرة القدم الاقتصادية وبالتالي التأثير على قيمة اللاعبين وعقودهم التي بدأت بعض الأندية تتحرك من أجل تخفيضها بسبب تراكم الخسائر التي أعقبت توقف المنافسات.
في الموروث الشعبي يقولون (بكرة بيذوب الثلج وبيظهر ما تحته) حيث يتم الانتظار لحين ذوبان الثلوج المتراكمة، لإحصاء نتائجها سواء بسقوط أسقف بنايات أو انهيار في الشوارع، وذبول المزروعات والتأثير الاقتصادي على حالة الإغلاق التام لجميع مناحي الحياة.. أو حتى تفتح الأزهار وانتعاش المحاصيل بعد ارتواء الأرض بالماء، فالنتائج تتوقع على الوجهين دائما.
ولا ندري حتى اللحظة، ما تحمله نتائج ذوبان ثلوج كورونا، التي نأمل أن تكون سريعة، فقد تكون نقطة فاصلة ين الأمس بما يحمله من قيمة تجاوزت كل الخيال لنجوم وبطولات، والعودة لأرض الواقع، والوقوف أمام الحقيقة التي قد تغير الكثير مما تعارفنا عليه، وتضع الأمور في نصابها الحقيقي.
نتضرع لله الواحد القهار، أن يزيل هذه الغمة ويجنب البشرية مخاطر هذا الوباء، وأن تنعم بلادنا بالصحة والعافية والسلام والوئام..



