إعلان
إعلان

ثلاثة مشاهد وأخلاقيات واحدة

د.محمد مطاوع
18 مايو 201513:26
mohammad_mutawe

هي ثلاثة مشاهد اختصرت أخلاقيات كرة القدم، وأكدت على روح هذه اللعبة التي تسموا فوق جميع الأحقاد والسلبيات، وتكشف عن الوجه الحقيقي لشرف المنافسة وإظهار مشاعر الوفاء لمن خدموا وأنجزوا وضحوا، بغض النظر عن نهاياتهم في الملاعب.

المشهد الأول، رسمه نادي ليفربول، وهو يودع قائده التاريخي ستيفبن جيرارد، بعد مسيرة طويلة مع النادي، حقق خلالها أغلى الألقاب وأرفعها على الإطلاق دوري أبطال أوروبا، وهو درس في الوفاء للأجيال القادمة بأن من يعطي لا بد أن يكافأ.

وفي الدوري الإنجليزي أيضا، برز المشهد الثاني، حيث أصر جمهور نادي كوينز بارك رينجرز، على الحضور في آخر مباريات الفريق في الدوري بعد أن ثبت هبوطه للدرجة الأدنى، نزل الجمهور إلى الملعب، وصافحوا اللاعبين وعانقوهم والتقطوا معهم الصور التذكارية، وكأنهم يقولون لهم إننا معكم حتى ولو في الدرجة الرابعة.

وإلى ألمانيا، حيث ضرب جمهور نادي بايرن ميونخ أروع الأمثلة في الوقوف خلف الفريق مهما بلغت النتيجة سوء، وبعد خسارة لقاء الذهاب في دوري الأبطال بثلاثية نظيفة أمام برشلونة، كان الجمهور حاضرا في اليانز ارينا، شجع منذ البداية، ولم يأبه بتأخر الفريق بهدفين، بل وضاعف نغمات التشجيع، ليس بحثا عن معجزة ولكن كلفتة انتماء لهذا الفريق، وحتى بعد نهاية المباراة التي دفعت نتيجتها البايرن خارج البطولة، وقف الجمهور للاعبين وصفق لهم بحرارة على روحهم وأدائهم في الملعب، والذي كان بفضل تشجيع الجمهور لهم في الدرجة الأولى.

ما حدث في لقطات هذه المشاهد، ربما يبدو بديهيا عند الفرق الأوروبية التي تنظر لكرة القدم بشكل مختلف تماما عن غيرها، فهي مصدر للسعادة والمتعة، وفرصة للهروب من ضغوطات الحياة نحو فنون الكرة ونجومها، لكن قد يختلف الأمر في مناطق أخرى في العالم، حيث يركض الجمهور خلف الفريق الذي يحقق النتائج، ويبيعه في أول سقوط أو تراجع، كما أنه قد يتنكر لنجوم مهدوا الطرق نحو الألقاب وحملوا أنديتهم وقت الرخاء، ولفظهم الجميع وقت الشدة، ويقفون صفا واحدا في مهاجمة الفريق وشتم اللاعبين والمدربين والإدارة في حال فقد الفريق فرص المنافسة أو بات مهددا بالهبوط.

مسألة تمازج الجمهور مع الفرق الكروية هي أساس لعبة كرة القدم، والأمر لا يقف فقط عند الفوز والخسارة، فالرياضة تهذيب للنفوس وفرصة للحث على الأخلاق الحميدة، والابتعاد عن التعصب المقيت أو التنكر لمن سطر الإنجاز..ففي الرياضة حياة..لنعيشها بتفاصيلها الرائعة.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان