
اللاعب الكبير لن يكون بالضرورة مدربًا كبيرًا، بل أنه كثيرًا ما تنقلب الآية، ليصبح نجم الملعب لا شيء خارجه، يخبرك عن ذلك مارادونا وبيبو إنزاجي وآخرون.
لذا، لم يكن نجاح زيدان كمدرب لريال مدريد مسألة وقت، بل كان الحذر سيد الموقف عندما جلس على مقعد الرجل الأول خلفًا لرافا بينيتيز، إلا أنه سرعان ما بدد الشكوك بحصد لقب دوري أبطال أوروبا، الذي أتبعه باثنين آخرين، ليفرض نفسه على تاريخ اللعبة مدربًا، كما فرضها لاعبًا.
لكن المفارقة هنا، أن هذه السطوة الأوروبية لم تكن كافية لوضع زيدان، في مصاف أبرز نجوم التدريب في العالم، من وجهة نظر الكثير من المحللين، فالمدرب الذي يمتلك نجمًا بحجم كريستيانو رونالدو يظل دائمًا في خلفية المشهد، متواريًا عن الأنظار بينما ينتزع البرتغالي الآهات من الحناجر.
كما أن تواجد نجوم بحجم بيل ومودريتش وكروس ومارسيلو وراموس، يعلق أي انتصار برقابهم، ويلصق أي إخفاق بمدربهم، الذي يتلقى سهام اللوم على فشله في إخراج أفضل ما لدى هؤلاء.
لذلك لم يكن زيدان - في أعين الكثيرين - مشاركًا بنصيب كبير في صنع هذه المعجزة، بل بدا كمدرب جيد يمتلك كتيبة من الأساطير، قادرة على حكم العالم مع أي "مدرب جيد" آخر، وسط الكثير من الأحاديث عن دور الحظ والتحكيم، الذي استفاد الريال أوروبيًا من بعض أخطائه الفادحة بكل تأكيد.
لكن كرة القدم أبت إلا أن تنصف زيدان، الذي أعطى لها الكثير، وحان وقت رد الجميل.
فبعد مغامرتين مأساويتين للميرينجي مع لوبيتيجي وسولاري، أُلقيت مفاتيح القلعة الملكية للمدرب الفرنسي مجددًا، في تجربة بدت محفوفة بالمخاطر، وتهدد بمحو ولو جزء من التاريخ الذي صنعه زيدان في سانتياجو برنابيو.
أنت الآن بلا رونالدو، وبفريق دب فيه الوهن والتشبع من البطولات، صار الكثير من نجومه مجرد أسماء على القمصان، لكن يتوجب عليك إعادتهم كما كانوا، وإثبات أنك لم تكن حاصدًا فقط لثمار تألقهم.
وبالفعل كان زيدان على قدر التحدي، ليس لأنه أحرز السوبر الإسباني بركلات الترجيح، بعد لقطة انتحارية من فالفيردي.. لا أبدًا، الأمر أكبر من النتائج.
فالمستوى التصاعدي لريال مدريد صار واضحًا الآن، مع انتصاف الموسم، وصلابة الفريق وشخصيته القوية باتت جلية، بشكل ينذر كل المنافسين في دوري أبطال أوروبا.
كما أضاف زيدان في الفترة الأخيرة، جرأة وأفكارًا هجومية لأسلوب لعبه، لم تكن معهودة في الكثير من مباريات ولايته الأولى.
وظهر ذلك بقوة خاصةً أمام باريس سان جيرمان، وفي الكلاسيكو ضد برشلونة، حيث بدا الضغط العالي للميرينجي خانقًا لدفاعات المنافسين، وكأننا نشاهد ليفربول كلوب أو مانشستر سيتي جوارديولا.
لم يحقق "زيزو" الكثير بعد في فترته الثانية، لكنه وضع نفسه في خانة جديدة، لم يدخلها خلال الولاية الأولى رغم الإنجازات الاستثنائية، ألا وهي خانة المدرب صاحب البصمة والتأثير السحري، وكأنها فعلًا "تعويذة زيدان".
قد يعجبك أيضاً



