
يندر أن يحقق ذات الفريق بمدربه ولاعبيه، ريمونتادا تاريخية لثلاث مرات متتالية في بطولة واحدة، فالريمونتادا تعني جهدا وعرقا إضافيا، يتصبب في كافة أرجاء الملعب، وينتج عنه حالة من الإرهاق البدني والنفسي والذهني، نتيجة للتركيز الشديد، والتي قد تؤثر على ما تبقى من مسيرة الفريق في ذات البطولة، خاصة إذا كانت الفوارق الزمنية بين المباريات قصيرة في عرف كرة القدم.
لكن تجاوز ريال مدريد كل هذه الأعراف، ونجح في تحقيق هذه الريمونتادا العجيبة ثلاث مرات، الأولى أمام باريس سان جيرمان حيث خسر بهدف في عاصمة النور، لكنه عاد بفضل هاتريك بنزيما الذي مسح فيه هدف مبابي المبكر، والثانية على حساب تشيلسي الذي خسر على أرضه بثلاثية ولكنه استفاق في البرنابيو وسجل ثلاثية قاتلة، قبل أن يسجل رودريجو هدفا متأخرا، ليفرض التعادل في المواجهتين ويأتي الحسم بهدف بنزيما في الأشواط الإضافية، والثالثة كانت كما شاهدها الجميع يوم الأربعاء الماضي، باستفاقة هائلة للريال وعودة في الزفير الأخير من مواجهته المصيرية أمام السيتي ويحسمها بنزيما من جديد في الأشواط الإضافية بركلة جزاء.
الموضوع بكل أمانة بات محيرا بشكل كبير، وقد يتجاوز حدود العقل، إلى الدرجة التي عنونت فيها صحيفة ماركا الإسبانية بعد المباراة "الله وحده يعلم تفسير ما حدث" وردت صحيفة الآس بعنوان: "في عالم آخر" وهو دليل على حالة الصدمة مما حدث، وتجاوز المنطق والعقل.
البعض وضع العقل والمنطق جانبا في محاولة تفسير ما حدث، وبدأ بالبحث عن الخوارق والشعوذة والسحر، الذي قد يكون التفسير الأكثر قبولا في هذا الوضع المستحيل، فمن النادر أن تتحقق مثل هذه الأمور في الظروف الطبيعية لعالم كرة القدم، ولتأكيد ذلك، وقع بين يدي مقطع فيديو قديم للاعب المصري السابق أحمد حسام "ميدو" وهو يفشي سرا عجيبا في أحد ألبرامج، بأن مدرب ريال مدريد كارلو أنشيلوتي متعاقد مع ساحر إفريقي لا يستغني عنه في أي مكان يذهب إليه، وهذا السر أفشاه بعض المقربين جدا من المدرب الإيطالي.
قد يذهب من يؤيد هذه النظرية إلى الانتفاضة التي تحدث دوما في الدقائق الأخيرة، وقلب الأحداث رأسا على عقب بشكل جنوني، وبشكل خاص ما أهدره مانشستر سيتي من فرص عجيبة قبل أن يسجل الريال هدفيه، فإحدى الكرات أخرجها الحارس كورتوا بسن قدمه، والثانية تجاوزته ووجدت ميليتاو ينقض عليها ويخرجها من على خط المرمى، ولو سجلت واحدة من هاتين الفرصتين، لكان السيتي الآن يحتفل بصعوده للنهائي الثاني على التوالي في البطولة الأوروبية الأكبر.
قرأنا الكثير عن السحر ومدى تأثيره على حياتنا، ووجود أشخاص يجيدون الاتصال مع العالم الآخر، وقلب الحقائق والتلاعب بالأحداث، وثارت حول هذا الموضوع الكثير من الأساطير، وقد تكون القارة الإفريقية الأكثر تأثرا بموضوع السحر، وهو ما قد نشاهده مباشرة في بعض المباريات من وضع بعض التمائم بالقرب من المرمى أو رش المياه قبل بداية المباريات، ووجود بعض السحرة على المدرجات، لكن هل يمكن تصديق ذلك في كرة القدم؟
وهنا يمكن لنا التساؤل: هل تعرض جوارديولا للسحر وهو يسحب "رمانة" الوسط دي بروين ويدخل مكانه جوندوجان الأقل جاهزية قبل نهاية المباراة بربع ساعة، أو اضطراره لإدخال اللاعب زينشينكو بديلا لكايل ووكر الذي أنهكه فينسيوس؟ وهل كان للسحر دور في قيام جوارديولا بإخراج رياض محرز الذي سجل الهدف الوحيد قبل النهاية بخمس دقائق والقيام بما ينبغي لتحصين المنطقة الدفاعية بإدخال فرناندييو؟ وفي نفس الوقت الإبقاء على اللاعب الأقل أداء في السيتي فودين؟
وهل تحدث الساحر مع أنشيلوتي وطلب منه سحب كاسيميرو وكروس ومودريتش، وإدخال رودريجو (الذي سجل هدفين) وكامافينجا وأسينسو، وبذلك قام بتقديم دفعة قوية لخط الوسط وتنشيطه بعد أن بدأ بالترهل نظرا لإرهاق ثلاثي الخبرة المتقدم نسبيا في السن؟
أنشيلوتي نفسه اعترف بوجود السحر في مباراته الأخيرة مع مانشستر سيتي، وأن الأمر لم يكن بيده وحده فقط، وفسر ذلك بأجواء ملعب السانتياجو برنابيو وجماهيره التي شحنت اللاعبين بشكل هائل ودفعتهم لتحقيق هذه المعجزة.
وهنا يمكن لنا أن نضيف أن أنشيلوتي تفوق بشكل كبير بخياراته التكتيكية، وكان لاعبيه البدائل أفضل بكثير من بدائل جوارديولا، حيث قلبوا أحداث المباراة رأسا على عقب ووجهوا بوصلة السيطرة صوب مرمى مانشستر سيتي، وفي النهاية خرجوا بفوز استحقوه بعرقهم وإصرارهم وتعبهم، مقابل انكسار لاعبي السيتي وتسليمهم الراية، وعدم القتال للنهاية لانتزاع النصر، فأفكار المدربين سحر، وأداء اللاعبين سحر، وأجواء الملعب سحر، وكل ذلك من سحر كرة القدم وعالمها الغريب الذي لا يمكن أن يكون له نواميس ثابتة يصعب اختراقها وتجاوز قوانينها الطبيعية.
لو كان أنشيلوتي بالفعل يتعامل بالسحر، لحقق لقب دوري الأبطال مع سان جيرمان، أو بايرن ميونخ، أو توج نابولي بلقب إيطاليا على أقل تقدير، أو حتى أخرج إيفرتون من كبوته، والأمر سيبقى مثار نقاش حتى يظهر بطل النسخة الحالية..وللحديث بقية.
قد يعجبك أيضاً



