المتسلط القوي

وصل نبيل معلول المدرب الجديد لمنتخب الكويت ورفع عصاه في وجه كل من يعتقد أنه فوق معلول، وحسم أمره وانتصر لمكانة المدرب الذي يرفض المساومة على حساب شخصيته واستقلال قراره.

ومعلول لم يأت ببدعة، فهذا الموقف يشترك فيه جميع المدربين الذين يحترمون أنفسهم، ولا يتركون المجال لأصحاب الأهواء للتدخل في عملهم.

وهذا ما قام ويقوم به مورينيو وأرسين فينغر وقبلهما السير فيرغسون، فهؤلاء جميعاً لا يعلو فوقهم نجم ولا رئيس، لذا ارتبطت أسماؤهم بالتاريخ، لذلك عندما تعلق لافتة "قف عند حدك" فأنت تضع العربة خلف الحصان، وتخط نجاحك بيدك.

عندما حاول كاسياس أن يرفع رأسه فوق مدربه وزملائه صنع له مورينيو أغلالاً في مقاعد البدلاء وحجب عنه الشمس، ولم يعر هتافات الجماهير المدريدية المعارضة بالاً، وأصر على قراره حتى رحل، ولم يخصم ذلك من رصيده وبقي مورينيو اسماً فارقاً في عالم التدريب.

وفيرغسون حطم غرور بيكهام الفتى المدلل ومرغ كبرياءه في التراب عندما ظن النجم أنه فوق السحاب، وبقي السير البطل القوي، ورحل بعد أن ترك أثراً لا تمحوه السنين كواحد من أعظم المدربين.

وعندما أقلب في صفحة الكابتن عبدالوهاب عبدالقادر مدرب الفجيرة السابق أجد أنه سمح لبعض الأيادي أن تعبث بعمله، وترك الحبل على الغارب لبعض اللاعبين الذين غرتهم نجوميتهم فلم يسعفوا مدربهم ولا زملاءهم وحتى إدارتهم التي وضعت كل ثقتها وملايين الدراهم فيهم.

ولو تعامل عبدالوهاب مع بوقرة وحسان على أنهما لاعبان شأنهما شأن أقرانهما لما وجدنا أحدهما يترك مكانه ويتحول إلى لاعب تائه، وآخر يدور في فلك أنانيته.

كان عبدالوهاب قادراً على وقف هذه المهزلة وضبط منظومته بحزم بإيصال معلومة بسيطة جداً للاعبيه أن لا فرق بين لاعب ولاعب إلا بقدر عطائه والتزامه في الملعب وخارجه، ومع تقديري له كان قرار إقالته ضرورياً، لأن صوته لم يعد مسموعاً، والأمور فلتت من عقالها.

أما الأدهى والأمرّ فهو صوت عبدالحق بن شيخة الذي بدا نشازاً عندما أعلن عزمه على الاستقالة من تدريب كلباء في المؤتمر الصحفي الذي تلا أول فوز لفريقه في الدوري لسبب عجيب هو غضبه على لاعب في حادثة غير مسبوقة، ولا أعلم هل هو موقف منه أم هروب.

يقولون إن المدرب القوي عدو النجوم ويصفونه بالمتسلط، ومن المفارقات أن هذه الفئة من المدربين هم الأكثر نجاحاً.

** نقلا عن جريدة "الخليج" الإماراتية