
كان يا ما كان..هناك منتخبات عربية تسرح وتمرح في كأس الأمم الإفريقية..تدخل بقوة، تقدم نجوما، وتحصد الفوز تلو الآخر نحو المباراة النهائية، ونحتفل جميعا معها باللقب.
كانت دول الشمال الإفريقي مسيطرة، تخشاها منتخبات القارة، دوما مرشحة للفوز، وتشعرك بهيبة التاريخ وجدارة الحاضر.
كان المنتخب المصري بقيادة نجمه صلاح المرشح الأوفر حظا للقب في البطولة الحالية، ومعه المغربي رابع العالم بقيادة مدربه الركراكي ونجمه البارز حكيمي، والتونسي الفائز على حامل آخر ألقاب المونديال، ومعه الجزائري المتوج بلقب 2019، وموريتانيا التي باتت أكثر قوة وطموحا.
كان لمنتخبات الشمال هيبتها، تواجه الكبار ولا تخشاهم، تحقق الفوز تلو الآخر دون عناء يذكر، يظهر معدنها في المواجهات الصعبة، فتتجاوزها بكل كبرياء وعزة.
لكن ما الذي حل بعرب إفريقيا؟
خرجوا جميعا الواحد تلو الآخر، وبعضهم أمام منتخبات كانت تعتبر متواضعة، وفريق من الناشئين قادر على ألحاق الهزيمة بها، ما هو تاريخ الرأس الأخضر حتى يتصدر مجموعة مصر بفارق 4 نقاط، وكيف يحل المنتخب الجزائري بمحترفيه وسمعته الكبيرة في المركز الرابع بمجموعة ضمته مع أنجولا وبوركينا فاسو ومعهما موريتانيا التي ألحقت به هزيمة ساحقة؟ وكيف تخسر تونس من ناميبيا، وتحل رابعة خلف كل من مالي وجنوب إفريقيا؟، وكيف يخرج المغرب على يد جنوب إفريقيا، الذي قدم مستوى متواضعا في الدور الأول، وحل ثانيا في مجموعته بفارق الأهداف عن ناميبيا؟
قد يكون المنتخب الموريتاني الأفضل حالا بين المنتخبات العربية في الكان، حيث حقق هدفه بالوصول التاريخي للدور الثاني، بل وجاء بفوز أيضا للتاريخ على شقيقه الجزائري، وقدم مباراة بطولية أمام الرأس الأخضر الذي أذهل الجميع، وكاد يصل إلى أبعد من مجرد التأهل لدور الـ 16.
سال الكثير من الحبر، وأفردت ساعات وساعات لتحليل واقع المنتخبات العربية في كأس الأمم الإفريقية، التي غاب عنها العرب للمرة الأولى منذ 11 عاما وتحديدا في نسخة 2013 عن ربع نهائي البطولة، وهو مؤشر غاية في الخطورة، قد يتحول إلى حالة معتادة مستقبلا، ويغيب ذلك الوهج الذي اعتدناه، ومعها جدارة صنعها نجوم حملوا الوطن في صدورهم وبذلوا الجهد والعرق في سبيل الدفاع عن قميصه، وهو أمر لم نعد نلحظه مع الأداء بمستويين، واحد بأقصى جهد للنادي الأوروبي، وآخر بالشوكة والسكين..للمنتخب الوطني.
قد نحتاج للكثير من الوقت، لصنع اجيال جديدة من لاعبين أكثر انتماء، وإداريين ومدربين أكثر احترافا، من أجل عودة الهيمنة على القارة السمراء..بعقول وسواعد وطنية تعرف قيمة الوطن وشرف تمثيله.


