إعلان
إعلان

القلب النابض في خطر.. أرقام تكشف استنزاف بيدري داخل منظومة فليك

عمرو عزام
16 أكتوبر 202509:12
Pedri Barcelona HIC 2-1GOAL

منذ انطلاق الموسم الحالي، عاد بيدري جونزاليس ليكون أحد أهم مفاتيح برشلونة التكتيكية تحت قيادة هانز فليك، لكن خلف بريق التمريرات الدقيقة والتحكم الرائع في الإيقاع، تختبئ أزمة خفية تتسع أسبوعًا بعد آخر تتمثل في استنزاف بدني واضح يهدد أهم ما يميز اللاعب، وهو إبداعه الذهني وقدرته على التفكير قبل الآخرين بثوانٍ.

فوفقًا لبيانات موقع أوبتا، يُعد بيدري هذا الموسم أكثر لاعبي برشلونة إكمالًا للتمريرات في كل مباراة بمتوسط يبلغ نحو 88 تمريرة ناجحة في اللقاء الواحد، وهو رقم يعكس مركزية دوره في منظومة فليك القائمة على الاستحواذ العالي وبناء اللعب المنظم من العمق.

وفي مباراة برشلونة أمام مايوركا تحديدًا، كان بيدري أكثر من لمس الكرة في الفريق بأكثر من مئة لمسة، وأكمل ما يزيد على 80 تمريرة من أصل 88 محاولة، أغلبها في الثلث الهجومي من الملعب.

وتعتبر تلك الأرقام وحدها كافية لتوضيح مدى تحمّل اللاعب لمسؤولية الربط بين الخطوط وتسيير الإيقاع في كل لحظة من لحظات المباراة.

الوجه الآخر للإبداع

لكن خلف تلك الأرقام الهجومية المبهرة، تكشف الإحصاءات جانبًا مقلقًا يتعلق بالمجهود البدني الهائل الذي يبذله اللاعب.

 فبحسب تقرير نشره موقع "فوتبول إسبانيا"، قطع بيدري في إحدى المباريات الأوروبية أمام بنفيكا مسافة قاربت 13 كيلومترًا، وهي الأعلى بين جميع لاعبي الفريقين، رغم أن برشلونة لعب أكثر من نصف اللقاء بعشرة لاعبين.

هذه المسافة تعكس حجم المجهود الدفاعي والتمركزي الذي يُطلب من لاعب يُفترض أن يكون صانع اللعب الحر والعقل المفكر، لا الجندي الذي يركض بلا توقف من منطقة إلى أخرى.

FC Barcelona v Paris Saint-Germain - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD2Getty Images

الأمر لا يتوقف عند ذلك، فبحسب ما أوضحه تقرير لصحيفة الباييس الإسبانية، بعد مواجهة باريس سان جيرمان، فإن بيانات التتبع أظهرت أن برشلونة ركض أكثر من خصمه بنحو كيلومترين في المجمل، وكان بيدري من بين اللاعبين الأكثر جهدًا في الضغط واسترجاع الكرة.

إلا أن الأثر المباشر لهذا الجهد الكبير بدا واضحًا مع مرور الوقت، حيث انخفضت دقته في التمرير في آخر ثلث ساعة من المباراة إلى أقل من 82% بعد أن كانت تتجاوز 90% في بدايتها.

ويعكس هذا التراجع بوضوح كيف يؤثر الإرهاق البدني على نقاء الفكر واتخاذ القرار لدى لاعب يُبنى حوله الإبداع الجماعي.

منظومة متراخية

من الناحية التكتيكية، يعتمد فليك على منظومة ضغط عالٍ تستوجب من لاعبي الوسط، وخاصة بيدري، تغطية مساحات واسعة بين خطوط الدفاع والهجوم.

ومع وجود عناصر هجومية مثل فيران توريس أو لامين يامال وداني أولمو، الذين يميلون إلى التحرك للأمام وترك فراغات في العمق، يجد بيدري نفسه مضطرًا إلى العودة مرارًا لإغلاق المساحات أمام الهجمات المرتدة.

وبدلًا من أن يكون الموزع الهادئ خلف الكرة، بات في كثير من الأحيان حلقة الربط الدفاعية التي تمنع الانهيار، ويتسبب هذا الدور المزدوج في استهلاك طاقته في مهام عضلية أكثر مما ينبغي للاعب يُفترض أن يستخدم طاقته الذهنية لابتكار الحلول.

بحسب ما ذكره موقع أوبتا أيضًا، فإن بيدري حقق الموسم الماضي 62 تمريرة مفتاحية في الدوري الإسباني، أي بمعدل يزيد على تمريرة حاسمة في كل مباراة تقريبًا، بينما سجل حتى الآن هذا الموسم 19 تمريرة مفتاحية في أول 8 مباريات، وهو معدل مذهل يؤكد أن الإبداع لا يزال حاضرًا رغم الحمل البدني الزائد.

جرس إنذار

ومع ذلك، يُحذر خبراء اللياقة في الصحف الإسبانية من أن استمرار هذه المعدلات المزدوجة في الركض والتمرير قد يؤدي إلى تراجع تدريجي في القدرة على صناعة اللعب مع تقدم الموسم، خصوصًا أن بيدري عانى سابقًا من إصابات عضلية متكررة ارتبطت بضغط المباريات وسوء إدارة الحمل البدني.

تلك المعادلة بين الإبداع والجهد تطرح سؤالًا تكتيكيًا محوريًا: هل يُمكن لفليك أن يمنح بيدري حرية أكبر دون أن يفقد التوازن الدفاعي؟ الإجابة تبدو ممكنة، إذا ما أُعيد توزيع المهام بحيث يتحمل اللاعبون الأكثر طاقة في الخط الأمامي نصيبًا أكبر من الضغط والاسترجاع.

ويتيح ذلك لبيدري أن يركّز على إدارة اللعب وصناعة الفرص. كما أن إدارة الدقائق بشكل أدق، عبر منحه فترات راحة مخططة أو سحبه في المراحل الأخيرة من المباريات المحسومة، قد تضمن الحفاظ على نضارته الذهنية على المدى الطويل.

الواقع أن برشلونة، منذ رحيل تشافي وإنييستا، لم يمتلك لاعبًا يجمع بين الذكاء التكتيكي والدقة الفنية مثل بيدري، ولذلك فإن الحفاظ عليه لا يعني فقط حماية موهبة فردية، بل حماية قلب المنظومة بأكملها.

فحين يتحول صانع الإيقاع إلى أكثر لاعبي الفريق ركضًا، يصبح السؤال مشروعًا: من يُفكر للفريق عندما يتعب من يُفترض أنه العقل؟ إن إنقاذ بيدري من الاستنزاف لا يحتاج إلى إعجوبة، بل إلى شجاعة تكتيكية في توزيع الأدوار، وإيمان بأن اللاعب الذي يُحرّك الجميع يجب أن يُمنح بدوره فرصة لالتقاط أنفاسه كي يواصل الإبداع.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان