عند النظر إلى النجاحات المبهرة للمدرب الإسباني بيب جوارديولا، نجد أن السبب وراءها إلى جانب إبداعه الخططي، هو امتلاكه لعين فريدة قادرة على رؤية مميزات مجهولة لدى اللاعبين.
ويظهر ذلك في تغييره لمراكز العديد من اللاعبين بصورة صادمة للجماهير وللاعبين أنفسهم في بعض الأحيان، ومن ثم تظهر نتائج مبهرة من وراء ذلك التغيير، تدفع الجميع للوقوف احترامًا لرؤيته المميزة.
وظهر ذلك في موسم ثلاثية مانشستر سيتي، عندما حول جون ستونز من قلب دفاع إلى لاعب ارتكاز، وقبلها في بايرن بادخاله الظهير الأيمن فيليب لام إلى وسط الميدان، وفي برشلونة وأمام ريال مدريد في الكلاسيكو الشهير الذي انتهى بسداسية في البيرنابيو، حيث باغت الجميع بالدفع بليونيل ميسي في مركز المهاجم الوهمي.
وهذه الرؤية الفريدة التي يتمتع بها جوارديولا، كانت حاضرة من قبل تدريبه الفرق الأولى، وتأكدت في اكتشافه أحد أبرز المواهب في تاريخ مركز الارتكاز، وهو سيرجيو بوسكيتس.
اكتشاف بوسكيتس
كان وراء اكتشاف موهبة بوسكيتس، قصة طريفة سبق وأن رواها جوارديولا قائلًا: "عندما كنت مدربًا لبرشلونة (الفريق الرديف) دائمًا ما قلت إن هناك شيئا مفقودا في وسط الملعب، أريد لاعبا يفهم ما أفكر به، ويومًا ذهبت أنا وتيتو فيلانوفا لمشاهدة تدريبات الفريق الثالث، وفجأة قال لي تيتو: "انظر إلى هذا المدافع السيئ (بوسكيتس) وقلت له إنه بطيء مثل السلحفاة وبنيته ضعيفة للغاية".
وأضاف "بعدها لاحظت أنه قادر على التخلص من الضغط بطريقة لم أرها من قبل، حينها سألت عن اسمه، لكن تيتو قال لي إن فريقنا سيئ ولسنا بحاجة إلى مدافع سيئ آخر، لكني أصررت على تصعيده للفريق الرديف وتغيير مركزه من مدافع إلى وسط ميدان".
وأردف "قال لي تيتو، اللاعب بدنيًا ضعيف، كيف سيلعب بتركيز؟ أخبرته بأنني لا أحتاج إلى لاعب قوي، بل إلى لاعب قادر على الخروج من الضغط".
وأكمل "في الحقيقة، في الوقت الذي لعب فيه بوسكيتس معنا، كان الوحيد القادر على فهم عقليتي وأفكاري وتطبيقها في أرض الملعب، بعد وصوله بدأنا نتحسن يوما بعد يوما، منحته شارة القيادة، ومع تدريبي للفريق الأول قررت تصعيده هو وبيدرو وجيفرين، حينها قال لي كرويف إن بيدرو لاعب جيد وكذلك الحال مع جيفرين، ولكن ماذا سنفعل بهذا المدافع الضعيف، مع تواجد بويول وماركيز وميليتو لدينا، لكني أخبرته بأنه سيلعب كارتكاز".
نجاح الرؤية
على مدار أكثر من عقد من الزمان في كامب نو، نجح بوسكيتس في زعزعة مكانة يايا توريه في وسط ملعب برشلونة ودفعه لمغادرة الفريق، كما أجبر خافيير ماسكيراتو على تغيير مركزه لقلب دفاع، بعدما أصبح الإسباني لاعبا لا غنى عنه في كتيبة العملاق الكتالوني.
وكان قرار جوارديولا يتصعيد بوسكيتس من الفريق الرديف ليخوض أول مباراة له يوم 13 سبتمبر/ أيلول 2008 في الليجا، ربما القرار الأفضل في مسيرة المدرب الإسباني.
وتحل بعد أيام، وتحديدًا يوم 26 أكتوبر/ تشرين المقبل أولى مواجهات الكلاسيكو هذا الموسم، وكان لاكتشاف جوارديولا تأثيرًا هائلًا في تلك المباراة الأهم على مستوى الأندية، فبوسكيتس أكثر اللاعبين خوضًا للمباريات في الكلاسيكو بواقع 48 مباراة، كما أنه أكثر من فاز بتلك القمة بواقع 23 مرة.
وداع بوسكيتس
عندما قرر بوسكيتس الرحيل عن برشلونة، أثنى عليه جوارديولا في مؤتمر صحفي بكلمات خاصة، تظهر عدم نسيانه لموهبته البارزة التي اكتشفها، قائلًا: "تأثير بوسكيتس كلاعب ارتكاز كان هائلًا في آخر 15 أو 20 عامًا، هو الأفضل، يقرأ كل شيء يحدث، يستطيع التوقع وقراءة المواقف سريعًا، هو لا يتحرك كثيرًا بعيدًا عن وسط الملعب، ولكنه قادر على حل المشاكل بعقله، كان من الرائع العمل معه والتعلم منه".
وأكد "يكنني القول من الآن إنه سيصبح مدربًا استثنائيًا في المستقبل".
قد يعجبك أيضاً





