
لا شيء يقارن بأن تعيش لحظة تاريخية ستسجل للأبد في الذاكرة... الزمالك بطل الدوري المصري رقم 13 في تاريخه، وربما تكون المفارقة أن يحصد الفريق الأبيض اللقب 13 في موسم بدت غالبية مراحله خاصة في البدايات ترجمة حقيقية لمعنى "النحس" لولا لحظات الأمتار الأخيرة الفارقة.
في كلمة خالدة للعداء الأسطوري، الجامايكي يوسين بولت على وقع أرقامه القياسية النادرة، قال: "لم أعد أخشى البدايات، النهايات فقط هي ما تشغل تفكيري"، هذه الكلمات تصف بدقة سر التتويج التاريخي للزمالك باللقب، فبعد بداية كارثية للموسم بإقالة المجلس المنتخب برئاسة مرتضى منصور، وتعيين لجنتين مؤقتتين (نوفمبر – ديسمبر) برئاسة الراحل أحمد البكري، ثم (ديسمبر- مايو) برئاسة عماد عبد العزيز، جاءت اللجنة الثالثة برئاسة "الكابتن" حسين لبيب لتضع النقاط فوق الحروف وتقود المسيرة بنجاح حتى النهاية.
عاش الزمالك في الموسم الجاري كوابيس عدة وتلقى الطعنات من جهات مختلفة ولم تكن مراحله توحي بأي ضوء في نهاية النفق: لجان مؤقتة، وصراع ولاءات داخل النادي، وعلى صعيد الفريق رحل مهاجمه الأول (مصطفى محمد) مع تغييرات عدة في اللجان الفنية، والأجهزة الفنية وخروج صادم من ثمن نهائي دوري الأبطال، إضافة إلى صراع الوكلاء الملونين للضغط على نجوم الفريق وتشتيتهم بعروض وهمية، على غرار محمود علاء، وزيزو والونش، ثم رحيل النجم الأبرز فرجاني ساسي وسط الموسم، وأشياء أخرى.
استطاع الزمالك المرور من كل تلك العقبات بسلام بفضل التفوق في النهايات مع مجيء لجنة حسين لبيب، التي رتبت البيت الأبيض "قدر استطاعتها" بما يلزم لتهيئة كل الظروف المناسبة للتتويج بالألقاب دون صخب وباحترافية عالية، فكانت النتيجة تاريخية أيضا بتتويج لن ينسى بالدوري في ألعاب ثلاثة: كرة القدم، وكرة اليد وكرة السلة التي وقّعت أيضا على حدث قاري بارز وإنجاز سيبقى مسجلا باسم تلك اللجنة المؤقتة وسابقتها وهو حصد بطولة أفريقيا تحت رعاية NBA لأول مرة.
غير بعيد عن تلك الحالة النادرة التي عاشها الزمالك إداريا في موسم صعب للغاية، كان لاعبو الفريق على قدر المسؤولية ورغم بعض المناوشات من فترة لأخرى بين بعض اللاعبين لكن ما كان راسخا بينهم هو إعلاء مصلحة الفريق، والفضل يحسب أولا للقادة: شيكابالا وحازم إمام ومحمد عبد الشافي وجنش الذين تحكي عن دورهم البارز أحوال النادي المادية، بتضحيات شخصية يعرفها جيدا كل جمهور الزمالك المخلص.
قريبا سيدخل النادي في دوامة الانتخابات وعلى المجلس الجديد أن يتعلم الدرس، ويبني على طريق الإنجازات الممهد حاليا لحصد الألقاب في كل الألعاب، الذي تأسس خلال الأشهر القليلة الماضية، حتى لا يذهب جهد المخلصين هباء.
** في مشهد ليس غريبا على مشجعي كرة القدم، وبعد نهاية مباراة طلائع الجيش والأهلي (0-0) انتظر أحد مشجعي الأهلي مدير الكرة سيد عبد الحفيظ وهو في طريقه لغرف الملابس، ومن المدرجات نادي بحرقة لا يُلام عليها: "الدوري راح يا كابتن سيد؟"، ربما كان هذا المشجع وغيره كثيرين قد فهموا مبكرا حتى قبل مباراة الطلائع أن الأهلي يقدم أداء باهتا للغاية (مع موسيماني) الذي لا يناسب أبدا قيمة الفريق الأحمر، ولا يستحق التتويج باللقب المحلي إلا أن مكابرة عبد الحفيظ المعتادة غالبا ما تعميه عن مبادئ الروح الرياضية وعن كثير من الحقائق ويكشف عن ذلك مغالطاته الدائمة في تصريحاته التي يدغدغ بها مشاعر البسطاء.
"في أوروبا والدول المتقدمة" لو تفوه من هو مثل "كابتن سيد" بإسقاطات صريحة على الحكام خاصة تصريحه عن جهاد جريشة لاختفى تماما من الساحة الرياضية، لكنها المنظومة الرخوة التي تسمح بكل المتناقضات والغرائب أن تجتمع في مشهد الكرة المصرية البائس.
قد يعجبك أيضاً



